صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4120 | الثلثاء 17 ديسمبر 2013م الموافق 19 رمضان 1445هـ

يا «أمنستي» افهمي

الكاتب: هاني الفردان - hani.alfardan@alwasatnews.com

صدقت الحكومة ووزراؤها ومسئولوها عندما أكدوا مراراً وتكراراً أن المنظمات الدولية ودول غربية تستقي معلوماتها من أطراف أحادية، ومن غير مصادرها الحقيقية، وتبثها بشكل مغلوط ومندس لتشويه سمعة البحرين الحقوقية.

أصدرت منظمة العفو الدولية (أمنستي) تقريراً يوم الإثنين (16 ديسمبر/ كانون الأول 2013) تتهم فيه سلطات البحرين بإساءة معاملة الأطفال وتعذيبهم أثناء حبسهم على خلفية الاضطرابات التي تشهدها المملكة منذ العام 2011، وقالت إن ذلك بات «من الأمور المعتادة»، ودعت إلى التحقيق فيه.

وذهبت هذه المنظمة التي تتخذ من واشنطن العاصمة الأميركية مقراً لها، والتي دأبت على تشوية سمعة البحرين للمطالبة بالإفراج فوراً عن جميع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً «ممن لم يرتكبوا أياً من الجرائم المتعارف عليها»، وبإجراء «تحقيق وافٍ» في جميع الادعاءات عن التعذيب وسوء المعاملة.

ربما لم تسمع منظمة العفو الدولية وقبلها منظمة هيومن رايتس ووتش، عن أن مجلس الشورى في البحرين صَوَّتَ مرتين ضد مشروع قانون بتعديل المادة (1) من المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1976 في شأن الأحداث، الذي يتم بموجبه رفع سن الحدث إلى 18 سنة، إذ كانت المرة الأولى في مايو/ أيار 2011، والثانية في أبريل/ نيسان 2013، ليحال المشروع لغرفة «الإعدام» المجلس الوطني الذي لن ينعقد أبداً لحسم جملة مشاريع خلافية بين مجلسي الشورى والنواب.

ربما لم تسمع منظمة العفو الدولية أن وزير شئون حقوق الإنسان صلاح علي (حالياً) كان رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى التي رفضت مشروع قانون بتعديل المادة (1) من المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1976 في شأن الأحداث، الذي يتم بموجبه رفع سن الحدث إلى 18 سنة، إذ تذرعت اللجنة باقتناعها بأن الرفض «لضرورة أن يكون نطاق الحماية الجنائية أكثر فاعلية لشمول الأحداث الجانحين أسوة بالكثير من الدول العربية والأوروبية».

ربما لم تسمع منظمة العفو الدولية ما قاله وزير شئون حقوق الإنسان (حالياً) صلاح علي عندما كان عضواً في مجلس الشورى بشأن رفع سن الحدث من 15 إلى 18، وعندما قال: «رفع سن الحدث من 15 إلى 18 سنة سليم من الناحية الدستورية، وقانون الطفل رفع سن الحدث إلى 18 سنة، كما أن هناك توجهاً عالمياً لرفع سن الحدث إلى 18، إلا أن الحكومة أثارت مشكلة وجود مواد في قانون العقوبات تنص على معاقبة هذه الفئة العمرية»، مشيراً إلى أن الحكومة دعت إلى ضرورة التوفيق بين القوانين، وبالتالي أوصت اللجنة رفض المشروع.

ربما لا تعلم منظمة العفو الدولية أن في البحرين مفهومين للطفل وسنَّين، فالأول 18 عاماً بحسب نص المادة (4) من قانون رقم (37) لسنة 2012 بإصدار قانون الطفل الذي نص على أنه «يقصد بالطفل في هذا القانون كل من لم يتجاوز ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وذلك مع مراعاة القوانين النافذة الخاصة المنظِّمة لمن هم دون هذا السن».

فيما يكون العمر الثاني 15 وذلك بحسب المرسوم بقانون رقم (17) لسنة 1976 في شأن الأحداث والتي تنص مادته (1) على أنه «يقصد بالحدث في حكم هذا القانون من لم يتجاوز سنه خمس عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكابه الجريمة أو عند وجوده في إحدى حالات التعرض للانحراف».

يا «أمنستي» افهمي حكومتنا ذكية، فلديها قانونان، قانون للبهرجة الإعلامية، وللرد على المنظمات الدولية، وللكتابة في التقارير الخارجية، ولوضعه ضمن الإنجازات الإنسانية، وهو قانون الطفل. وقانون آخر لإرضاء من هم في الداخل لإقناعهم بقوة وشدة «القبضة الأمنية» وعدم تساهلها، مع كبير أو صغير، ولتمرير جملة من الأحكام المشددة، والضرب بيدٍ من حديد، على من يسميهم العالم صغاراً، وفي البحرين المختلفة بديمقراطيتها عن الآخرين تسميهم «كباراً».

يا «أمنستي» اسمعي أعذار مجلس الشورى لأسباب رفض توحيد سن الطفل في البحرين، لكي تفهمي أنك تستقين المعلومات من غير مصدرها الرسمي، فرفض التعديل يكمن في «بوتقة القدرة الاستيعابية، سواء المستشفيات المتخصصة أو مؤسسات الرعاية الاجتماعية، خاصة التي تخضع للحكومة وكذلك مركز رعاية الأحداث التابع لوزارة الداخلية، فالشريحة التي تم إحاطة هذه المنشآت لاستقبالها كانت على أساس أن يكون الحد الأقصى للعمر 15 سنة، لذا فإن الأمر الذي يتطلب إعادة مراجعة القدرة الاستيعابية لتلك المنشآت، بما يتوافق مع رفع هذا السن إلى ثمانية عشر عاماً».

لهذه الأسباب يا منظمة العفو الدولية، فإن سجن جو لوحده تخطى قدرته وطاقته الاستيعابية (1201 سجين)، وبلغ عدد السجناء فيه 1608 سجناء وبالتأكيد من بينهم من هم لم يتجاوزوا سن الثامنة عشرة والذين يعدهم العالم أطفالاً، فاكتظاظ السجون بالأطفال ليس من اختصاص مجلس الشورى.

ننصح منظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات المشبوهة مراجعة الاتفاقيات الدولية أولاً قبل حملة الإساءة للبحرين، فلا يوجد لدينا أطفال معذبين، ولا معتقلين، ولا مضطهدين، ولا محرومين من الدراسة ومقاعد الامتحانات.

باختصار شديد يا «أمنستي» افهمي... لا يوجد لدينا أطفال في السجون.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/838993.html