صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4124 | السبت 21 ديسمبر 2013م الموافق 19 رمضان 1445هـ

رفع الدعم الحكومي وفرض الضرائب والتمثيل السياسي

الكاتب: ريم خليفة - Reem.khalifa@alwasatnews.com

منذ العام 2008 والبحرين تتدارس موضوع رفع الدعم عن المشتقات النفطية (المحروقات)، ولعل قرار الحكومة برفع الدعم عن الديزل الذي سيبدأ العمل به في منتصف يناير/ كانون الثاني 2014، ما هي إلا بداية تتبعها زيادات في الرسوم الحكومية والفواتير، ومن ثم فرض الضرائب (ضريبة الشراء وضريبة الدخل وغيرهما) بصورة تدريجية... فالعملية لن تتوقف عند هذا الحد، بل من المتوقع خلال الفترات المقبلة أن تفرض الحكومة ضريبة الشراء، أو ما تسمى بضريبة القيمة المضافة (VAT) ونتوقع أن يقول المسئولون إن هذه الضريبة ستفرض عليهم من قِبل منظمة التجارة العالمية أو اتفاقات التجارة الحرة أو أية أعذار مشابهة. مهما يكن الأمر، فإن كل الدول من حقها أن تفرض ضرائب، ومن حقها أن تسحب أو تعيد توجيه الدعم، ولكن هذا كله يجب أن يكون من خلال هيئات منتخبة ومساءلة كما هو معمول به في الدول الديمقراطية، حيث تتوزع الثروات بصورة عادلة ويرتفع مستوى الدخل لدى المواطنين وبذلك يستطيعون دفع الضرائب بشفافية وحضارية. وفي حال وقف الدعم وتوجيهه لمن يحتاجه فقط من فئات المجتمع وبدء الحديث عن الضرائب فإن رعاية حقوق وأموال المواطن ستكون إحدى الأولويات التي ستثار من قبل مواطني دول هذه المنطقة بما فيه التأكد من أن المال الذي يؤخذ من الشعب يعود إلى الشعب مباشرة وأن تداول الثروة يمر عبر رقابة موثوقة.

البحرين بدأت بتفعيل ذلك كخطوة أولى مع موضوع الديزل الذي رأى فيه وزير المالية البحريني الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة في تصريحات صحافية أن «موضوع الديزل يمثل الدعم الحكومي في المسار الصحيح على نحو لا يضر مصالح المستفيدين من هذا المنتج ولا يضر بالميزانية العامة ومجمل الوضع المالي للدولة».

البحرين تمر بفترة صعبة تحتاج إلى أن تفكر بحلول بعيدة المدى، وفكرة فرض ضرائب موجودة حالياً في البحرين بصورة غير رسمية، تحت مسمى رسوم، وهي مفروضة على المواطن، والحكومة تحصل - بحسب مراقبين - على نحو 15 في المئة من دخلها من الرسوم المختلفة المفروضة على الخدمات للمواطن والشركات.

المواطن البحريني مقبل في المستقبل القريب على مرحلة يختفي فيها الدعم عن السلع وعن الوقود، مع توجه لرفع الأسعار على المحروقات، هذا في الوقت الذي ازدادت فيه أسعار المواد الغذائية وارتفعت معها أسعار الكثير من السلع.

من الناحية المبدئية، فإن من حق الحكومات أن تحدد السياسة العامة للضرائب والدعم، ولكن هناك مبدأ مترابط مع هذا الموضوع الحساس، وهو المبدأ القائل «لا ضرائب من دون تمثيل سياسي»... فالحكومات التي تفرض الضرائب تخضع نفسها أيضاً لعملية انتخابية تُعبِّر عن الإرادة الشعبية. أمّا في منطقتنا فيتم التعويض عن انعدام الانتخابات في هذا المجال بتوفير دعم مادي وخدمات مجانية، كنوع من المقايضة.

إن البعض يقول إن منطقتنا مستثناة من الممارسات والأعراف والقوانين التي تحكم باقي البشرية، على أساس أننا دول تعتمد على النفط، بدلاً من الضرائب. ولكننا قد نضطر إلى الانتقال إلى اقتصاد يقوم على الضرائب وتقليل أو إزالة الدعم عن السلع، وهذا سيتطلب ترتيبات رديفة تنقل المجتمعات إلى دولة المؤسسات القائمة على الانتخاب والمساءلة الشعبية المباشرة؛ لأن الضرائب في أي بلد تفترض وجود سلطات تنفيذية وتشريعية منتخبة مع صلاحيات رقابية كاملة لممثلي المجتمع الذين يجب انتخابهم على أساس دوائر أو معادلة عادلة تمثل جميع الأفراد والجماعات على أساس المساواة في الكرامة الإنسانية والمساواة أمام القانون. والغاية من كل ذلك هو أن رعاية أموال الناس يجب أن تكون في من يختارهم الناس مباشرة، للتأكد من أن المال الذي يؤخذ من الشعب يعود إلى الشعب مباشرة، وأن تداول الثروة يمر عبر رقابة موثوق بها تصب في صالح الوطن والمواطنين. وهذا هو مغزى المقولة الشهيرة: «لا ضرائب من دون تمثيل سياسي» وهو الشعار الذي رفعته الشعوب التي تحوّلت نحو الديمقراطية عندما فُرِضت عليها الضرائب.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/840252.html