صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4127 | الثلثاء 24 ديسمبر 2013م الموافق 18 رمضان 1445هـ

«الديزل»... وأعباء الأخطاء السياسية

الكاتب: ريم خليفة - Reem.khalifa@alwasatnews.com

تغييرات سياسية كثيرة صاحبت الاضطرابات في المنطقة العربية منذ مطلع العام 2011 واستمرت آثارها حتى اليوم، وهذه لم تأتِ من فراغ.

الاضطرابات نتجت بسبب المعاناة الاقتصادية في منطقتنا العربية، في الوقت الذي يعاني فيه المواطن من الحرمان من الحقوق السياسية المتعارف عليها في العصر الحديث.

في منطقة الخليج تمكنت الحكومات من التغلب على كثير من المشاكل عبر شراء سكوت الناس من خلال خدمات مجانية أو دعم حكومي للسلع والوقود وغيرها.

وحاليّاً نمر في مفترق طرق، إذ تستشعر الحكومات، ومن بينها حكومتنا في البحرين، الحاجة إلى تخفيض الدعم أو إزالته أو تقليل العطايا أو حتى فرض الضرائب كما هو متبع في بلدان العالم الأخرى، وهذا يدفع باتجاه المطالبة بالحقوق السياسية الكاملة المتوافرة أيضاً في تلك البلدان.

«الهيئة الوطنية للنفط والغاز» أعلنت يوم الخميس (19 ديسمبر/ كانون الأول 2013) قراراً برفع أسعار الديزل للاستخدام المحلي تدريجيّاً بنسبة 80 في المئة في خطوة هي الثانية في غضون خمس سنوات.

وذكرت الهيئة في بيان أنه اعتباراً من (15 يناير/ كانون الثاني 2014)، سيتم رفع سعر لتر الديزل من 100 فلس حاليّاً إلى 120 فلساً، على أن تتم زيادة الأسعار بمعدل 20 فلساً سنويّاً، بحيث يصل سعر اللتر إلى 180 فلساً بحلول 2017.

لا يمكن لأية حكومة تطلب من أي مجتمع أن يتحمل أعباء أخطائها إلا في حالة واحدة فقط، وهي أن تكون هذه الحكومة منتخبة، ويمكن محاسبتها وتغييرها بصورة دورية. هذه هي السياسة في القرن الحادي والعشرين، ومن يودُّ اللحاق بالنظام الضرائبي فإنه ملزم باتباع النظام السياسي الداعم لذلك، وهو الشرط الذي تقبله المجتمعات الخاضعة للضرائب، إذ لا ضرائب من دون تمثيل سياسي.

إن صرف الأموال في الاتجاه الذي يمنع الشارع من حق التعبير، وإقصائه لمجرد الاختلاف أمام حكومات تهاب من العيش في العصر الحديث يعني ارتكابها أخطاء فادحة، ولا يمكنها أن ترمي بأعباء هذه الأخطاء على المجتمع، إلا إذا كانت خاضعة لإرادته.

صحيح أن من حق الدول وضع وسنِّ الضرائب، لكن ليس بالصورة المعمول بها في دولة مثل البحرين؛ لأنها تأتي بصورة يراد منها تحميل المواطن أعباء الأخطاء السياسية، بحجة هبوط أسعار النفط وارتفاع الدين العام بدلاً من الاعتراف بتلك الأخطاء، بل ان كل ما نراه هو الاستمرار في هدر الأموال في الحلول الأمنية.

اقتصاديون ومراقبون يرون أن الاقتصاد البحريني بدأ يتأثر بسبب السياسات الخاطئة في الوقت الذي لاتزال فيه البحرين تعتمد على النفط بما يقارب 90 في المئة، وأسعار النفط - بحسب أسعار الأسبوع الماضي - هبطت إلى 109 دولارات للبرميل، بينما سعر التعادل المعتمد في الموازنة العامة للبحرين هو 119 دولاراً، ما يعني أن الموازنة ستواجه عجزاً كبيراً. ليس هذا فحسب، بل إن الدين العام تخطّى سقف 5 مليارات دينار، وهو السقف الذي حدّده مرسوم بقانون ما سيرفع نسبة الدين العام من الناتج المحلي وسيبلغ الخط الأحمر بنسبة 61 في المئة في العام 2018.

ولهذا، فإن رفع الدعم عن «الديزل» ربما يكون خطوة صحيحة من الناحية الاقتصادية، لكنها قد توقظ الجميع وتنبههم إلى السياسات الخاطئة.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/841250.html