صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4166 | السبت 01 فبراير 2014م الموافق 19 رمضان 1445هـ

جولة في مدينة التنوع الثقافي... المنامة

الكاتب: ريم خليفة - Reem.khalifa@alwasatnews.com

عادت المنامة من جديد لتثبت بحق أنها عاصمة البحرين الاقتصادية والتنوع الثقافي؛ إذ لا يمكن لأي زائر أن يغفل ما يميز هذه المدينة وسوقها القديم الممتد إلى باب البحرين. هذا الباب الذي كان بمثابة ميناء لنقل البضائع وبوابة تتيح للزائر فرصة التعرف على سوق المنامة وأهلها من أصحاب علم وثقافة وصولاً إلى الحرفيين والبنائين والتجار.

إن المساعي الحالية لإحياء المنامة من خلال باب البحرين وبيت خلف ما هي إلا خطوات تتجه بالاتجاه الذي يعكس أصالة وتنوع أهالي المنامة بتعددية تعرف كل من يأتي ويزور البحرين بأن مدينتها القديمة ليست كباقي المدن الخليجية الأخرى لكون السوق قديماً جداً ولم يتغير موقعه.

وعندما تجول في أزقة المنامة الكثيرة فإنك سترى محال الصرافة لتجار اليهود البحرينيين في مقابل محلات الذهب وشوارعها الكثيرة ومحلات الأقمشة والعطور البحرينية لتجار عرب وإيرانيين وآسيويين. بين هذا الزقاق وذاك ترى مآتم حسينية تتوسط أحياء المنامة منها ما يحمل من التصاميم القديمة الجميلة مثل مأتم العجم ومنها ما بقي على حاله شاهداً على تاريخ وعراقة المنامة القديمة إضافة إلى المساجد المتناثرة هنا وهناك في كل بقعة.

أمّا إذا انطلقت من باب البحرين فإنك ستكون قريباً ما كان يعرف بسوق الطواويش والآن تحوّل إلى سوق الصاغة الهندوس ومحلات الذهب المعروفة بينما ترى في أحد الزقاق المعبد الهندوسي الذي يبلغ أكثر من مئة عام. أضف إلى ذلك المطاعم الشهيرة التي عرفت بداخل المنامة مثل «آلو بشير» الشهير والأكلات الآسيوية المتوافرة إمّا في مطاعم صغيرة أو في مقاهٍ بحرينية تقليدية أو عند الخباز التقليدي مثل «الجباتي الهندي» و «فلازي» الإيراني و «البلايط» البحريني و «السمبوسة» الهندية. وحالياً يقدم إفطاراً بحرينياً في مقهى «نصيف» داخل مجمع باب البحرين في صورة مبتكرة تعكس فيها تنوع المنامة من خلال الأطباق المختلفة، وصولاً إلى البوظة البحرينية الشهيرة لعائلة «نصيف».

إن فكرة طرح سوق داخل باب البحرين واستعراض منتجات يصنعها ويبتكرها شباب بحريني في مجال الفن والطهي والترفيه والموسيقى في العطلة الأسبوعية من نهاية كل شهر؛ ما هي إلا خطوة تستحق التشجيع من ناحية دعم السياحة والطاقات الشبابية في أسلوب مبتكر أعاد الحياة لهذا المكان وأثره الكبير على مر التاريخ البحريني.

جولة المنامة كانت بمثابة جولة لمراجعة الذاكرة البحرينية التي تعج بكثير من الذكريات التي تتكلم في كل مرحلة عن تاريخ هذه المدينة وتجارتها الشهيرة في مجال اللؤلؤ الطبيعي وصياغة الذهب.

لقد غزت ثقافة المجمعات التجارية بأحجامها الكبيرة على ما كان يميز سوق المنامة القديم بل وجعلت الناس يصرفون الذهاب إليه بسبب أعذار كثيرة ولكن مهما كان العذر فإن عودة إحياء سوق المنامة من خلال باب البحرين قد بدا يشجع على عودة الروح إلى هذا المكان ولا يهم كم هي الأعذار لأنها من دون شك ستُحل طالما هناك إصرار على تطوير السوق وتحويله إلى عنصر جذب.

تلك الخطوات قد تكون فاتحة خير للعمل برؤية اليونسكو للعام 2014 وهذا لا يعني أن ما تحقق حتى الآن في سوق المنامة القديم كاف بل يحتاج إلى تعاون جميع مكونات المجتمع والدولة من أجل إبراز الجوانب الخافية عن تاريخ وتراث مواقع كثيرة من البحرين. فاحترام ثقافات المجتمع الواحد وعدم إقصاء أي طرف فيه هو أمر أصبح جزءاً من الرؤية الدولية التي تسعى إلى استكمالها منظمة اليونسكو ضمن رؤية عالمية مبنية على حماية التراث كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان.

والمنامة مثال جيد ووجود مكتبة في مجمع باب البحرين سيثري كل من يدخل هذه السوق ويتعرف على تاريخ العوائل المنامية العريقة فيها من مختلف المهن والطبقات الاجتماعية معززاً بصور توثيقية تتكلم عن تاريخ هذه العوائل التي صنعت هذا السوق وجعلت منه محطة اقتصادية ومنارة لبداية حراك تنويري وثقافي.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/853166.html