صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4180 | السبت 15 فبراير 2014م الموافق 18 رمضان 1445هـ

من أين لقيادات الفاتح تلك المواقف؟

الكاتب: يعقوب سيادي - comments@alwasatnews.com

الحديث هنا موجّه لجموع الفاتح من الطيبين الأصيلين في عمومه، ولكن في خصوصه وتشخيصه، فهو معنية به قياداته المزعومة. لماذا جاءت التسمية أولاً؟ سواءً لدى ائتلاف شبابه، أو جمعيات كهوله، فهذه المفردة ليس لها صلة.

وأيضاً ليس من الحصافة الوطنية والسياسية، الربط ما بين المكان والحراك. وفي ذلك مصيبة ممن يتزعم حراكاً شعبياً، يصل تعداده حسب تصريحاتهم إلى 450 ألفاً، أي بما يفوق تعداد المواطنين بالغي الرشد القانوني، أم هو امتثال لتوجيهات رسمية، ولقاؤه جزيل العطايا للقيادات المزعومة دون الرعية؟ وتلك مصيبة أكبر من الأولى، أم هو الارتباط الوجداني وخداع الجماهير بخلافه؟ وفي ذلك مصائب متراكبة، من أجل تشويه تاريخ الوطن، لدى جماهير الفاتح، وإنسائهم حراكات شعب البحرين منذ أيام هيئة الاتحاد الوطني وما قبلها، إلى اليوم.

وقيادات حراكات الفاتح، انقسمت إلى ثلاث فرق أو أكثر، بانشقاق إحداها وهي الشباب، عن رحمٍ وَلَدَها، للإضفاء عليهم صورة الإبن المتمرد على ترهات أمّهِ وأبيه، ليكون الحاضن لمن ينحسر عن حراك الفاتح الأصل، في حالٍ ميقونة نتيجة الترهات التاريخية والسياسية لأداء حراك الفاتح الأب، ولحساب مرحلة جديدة بالتوارث من بعد الوفاة، وهناك الفرق الدينية الأخرى، من «المنبر» و«الأصالة» الإسلاميتين، اللتين تقومان بدور عصا التكفير.

جميع هذه الفرق فشلت في تبادل الأدوار المرسومة لها، والمُوهِمَة لجماهير الفاتح، بأن إحداها بديلة للأخرى، لسبب بسيط، أنه رغم الاختلاف الثانوي والبسيط ما بينها، إلا أن رؤى جميعها تجتمع حول بقاء الوضع على ما هو عليه، من استبداد وسواه، ومن تصدٍّ مفرط القوة، بما طال ممارسات القتل والممارسات الأخرى خارج القانون، وذلك بإعلان الحرب الضروس على شعب البحرين، ولغايتين، الأولى الصد العنيف للمطالبات والمطالبين بها من غالبية شعب البحرين، وثانيها الردع لجماهير الفاتح من حتى التفكير في أية مطالبات خارج إرادة السلطات، فلم تكن لهم غير «هبَّة» واحدة جراء التضليل والحماية الرسمية، لبث الفرقة والكراهية للمواطن الآخر، مختلف المذهب، وكان هذا غاية ما نشدته السلطات، وأنجزته قيادات الفاتح، ونالت جراءه العطايا، دون جماهيرها ممن تَعُدُّهم من رعاياها، وهي أي هذه القيادات، شاطرة في قلب أطراف المعادلة، حين تناولها موضوعات الفعل ورَدّات الفعل، فها هو أحد قيادييها، يلخص ذلك بقوله «إن عنف الشارع، لا يمكن أن يحقق المطالب المنشودة، ( إلى هنا نتفق معه في هذه الجزئية، ولكنه يكمل)، بل إنه يؤدي إلى العنف المضاد»، يالروعته الفكرية السياسية، في وضع النتائج كأسباب، والأسباب كنتائج، فحين تفجير رأس الشهيد أحمد فرحان، ومن بعد أن استشهد العشرات من المواطنين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، جراء الاستخدام المفرط للقوة، واعتقال الآلاف وفصل عدادهم من أعمالهم، لم يطلَّ علينا للنصح بأن العنف يولد العنف المضاد، بل سارع وأشباهه من قيادات الفاتح، بالمطالبة بالقصاص من أفراد شعب البحرين.

ولخشيتهم تبيان حقيقة ضآلة موقعهم في ما يزعمون أنه حاضنتهم من أهل الفاتح، التي يُعدُّونها غالبية شعب البحرين في مواطنيه، فها هم يفاضلون الصد الأمني، المفرط القوة وخارج جميع القوانين المحلية والعهود الدولية، في مجالي الحقوق المدنية والسياسية، على الرجوع إلى شعب البحرين، صاحب الحق الأول والأخير في الاستفتاء على مخرجات الحوار، وفي انتخاب السلطات، فَلِمَ الخشية من القرار الشعبي؟

إن من المسلم به أن الثقافة والمعرفة بالعلوم والقوانين الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية، وكذلك الحقوق المدنية والسياسية، لها الدور الكبير في بلورة موقف أي إنسان، إلا أنه بجانب الفكر والعقل، هناك الوجدان المرتبط بالأخلاق، تلك الأخلاق التي إما تكون إنسانية المنبع في اتساعها، ومواطنية في ضيقها، وإما أن تكون غير ذلك بالسوء، من حيث ارتباطها بالطائفة أو الملة أو المذهب أو القبيلة أو العائلة، وفي أسوئها إذا ما ارتبطت بالأنا الأنانية، التي لا تود ولا تحترم أي آخر، لا حليفاً لها ولا صديقاً، بل هي حين تُصادق وتُحالف، فإنما هي تغدر في آخر المطاف.

إذن هي ثلاث حالات، فإلى أي منها، ينتمي قادة الفاتح والى أي منها تنتمي جموع شعب البحرين بما في ذلك جمهور الفاتح؟


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/857555.html