صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4204 | الثلثاء 11 مارس 2014م الموافق 19 رمضان 1445هـ

ماذا لو تحالفت السعودية وإيران؟

الكاتب: محمود الجزيري - Mahmood.Ridha@alwasatnews.com

في صحيفة «الحياة» اللندنية، خرج الكاتب السعودي طراد العمري الاثنين الماضي بشجاعةٍ نادرةٍ عن المألوف، حين دعا في مقالته إلى إقامة اتحاد قوي بين الجمهورية الإسلامية في إيران والمملكة العربية السعودية، يكنس كل الأجواء المتوترة بينهما. وقال الكاتب: «بحثنا ولم نعثر في الخريطة الدولية على دولة مناسبة أفضل من إيران في جميع النواحي السياسية والجيوسياسية والاستراتيجية والاقتصادية».

العمري طرح في مقالته 3 محدّدات كتمهيد لإقامة نواة الاتحاد بين الدولتين، الأولى: تنحية الخلافات العقائدية جانباً، والثانية: تدوين نقاط الالتقاء والتقارب، والثالثة: أن تساءل هل بقاء الوضع الحالي وانعكاساته السلبية على الدولتين والشعبين وبقية شعوب ودول المنطقة أمر صحي وإيجابي؟

أحاول أن ألتقط الخيط من الإجابة على تساؤل العمري هذا، وهو بالفعل سؤال ملح وبحاجة إلى إجابة واعية، قادرة على الفحص الدقيق، دون أن تكتفي بالركون إلى الآثار السلبية التي تغطي علاقة الطرفين حالياً.

قبل الإجابة على السؤال نحن بحاجة لتوصيف الطرفين بما يعيننا على فهم السر وراء خص إيران والسعودية بإقامة هذه العلاقة دون غيرهما من الدول التي قد تبدو الهوة بينهما أقل. ولكن هذا قد يتبدد إذا ما عرفنا إن خص هاتين الدولتين يأتي تحديداً لما يمثلانه من عمق قيادة للعالم الإسلامي واحتضان المكونين الرئيسيين السني والشيعي؛ ومن جانب آخر لما يملكانه من ثقل وامتداد على الأرض قادر على التأثير على مجمل بؤر النزاع في منطقة الشرق الأوسط وربما يتعداها.

من هنا يكون السؤال عن مدى استفادتنا دولاً وشعوباً من بقاء التوتر بين قطبي العالم الإسلامي أمراً في غاية النباهة، وبداية لنهاية مرحلة مضنية من النزاع الذي أنهك المنطقة وأبناءها حقباً طويلةً من الزمن.

لو حاولنا أن نعكس الصورة، ونتخيّل العلاقات بين الدولتين تعيش ربيع أيامها، وإنهما وصلتا إلى حدٍ كبيرٍ من التفاهم وتنسيق المواقف، فإن ذلك سينعكس إيجابياً على عموم المنطقة، وسيحقق خمس نتائج رئيسية هي:

أولاً: تخفيف حدة الصراع الطائفي والمذهبي في المنطقة إلى أدنى مستوياته، والقدرة على تفتيت قوى التطرف وتراجع تأثيرها إلى مستويات كبيرة جداً.

ثانياً: ترتيب البيت العربي الإسلامي الداخلي بشكل يجنب دول وشعوب هذه الدول ويلات الصراع والتأزم والمراوحة، ولاسيما في منطقة شديدة التوتر، كسورية والعراق ولبنان واليمن والبحرين.

ثالثاً: الحد من التأثير والتبعية العربية للقوى الكبرى، التي غالباً ما ترهن وجودها بتوفير الأمن لدول المنطقة، وتستفيد هذه القوى من تغذية الصراع العربي – الإيراني لضمان بقائها أطول فترة ممكنة والاستفادة من امتيازات الموقع والمال العربي.

رابعاً: توجيه المصروفات العربية الضخمة التي تصب في خزانة الأمن بلا طائل، إلى محافظ أخرى تكون الاستفادة منها أشمل وأكبر.

خامساً: إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة بشكل مركز ومحوري، والاستفادة من الجهود الجماعية العربية الإسلامية في هذا المجال.

إن التحالف بين السعودية وإيران سيريح منطقتنا كثيراً، حتى وإن كان خيالياً بالنسبة لوضعنا الحاضر فإنه لا ينبغي أن يكون كذلك إلى الأبد... وإن كان هذا الطرح وحده يصيب البعض باضطرابات نفسية مزمنة.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/865365.html