صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4236 | السبت 12 أبريل 2014م الموافق 18 رمضان 1445هـ

البحرين ودولة المؤسسات والقانون!

الكاتب: يعقوب سيادي - comments@alwasatnews.com

لدولة المؤسسات والقانون مقوّماتٌ أساسيةٌ معروفة، فهل مملكة البحرين دولة مؤسسات وقانون؟ إنه من السهل الإسباغ قولاً، بما تريده وتهواه سلطات أي دولة، على ما تمتلكه من نظام سياسي واقتصادي واجتماعي، تتبعه، وعسكري وأمني، بأنها في أوج حقوقيتها وقانونيتها ودستوريتها، وأنها في أعلى درجات، جِنان دولة المؤسسات والقانون، جاهدةً في ذلك بكل ما تستطيع من تسخير أجهزتها، مدفوعة الأجر من المال العام، ومُوظِفة في ذلك شركات العلاقات العامة، المحلية والإقليمية والدولية، المستقطعة كلفها العالية، من قوت وخدمات وحقوق المواطنين جميعاً، لترسم لذاتها صورةً افتراضيةً، بأنها دولة المؤسسات والقانون، على رغم أنه لم تتعاقب عليها إلا حكومة واحدة على مر السنين، لا صلة لها بالاختيار الشعبي الغالب، عبر الانتخاب أو التمثيل المجتمعي، الذي هو أول المعايير المميزة لدولة المؤسسات.

وكذلك على الرغم من أن الدستور هو عقد اجتماعي ما بين مكوّنات المجتمع، تتحدّد فيه مبادئ العدالة والكرامة الإنسانية، والمساواة في الحقوق والواجبات العامة والخاصة، ومبادئ إدارة الدولة، ووسائل تشكيل وتداول وصلاحيات ومحاسبة سلطاتها الأساسية. ومن حيث أن الدستور وثيقة تعاقدية اجتماعية، فوجوب فعاليتها وتطبيقها، مرتبطٌ بالقبول المجتمعي الغالب، ومعيار ذلك الوحيد هو الانتخاب الشعبي العام، للجمعية التأسيسية التي تتداول بالرأي والتنقيح والإقرار، لوثيقة الدستور، إلا أن واقع الحال، هو خلاف ذلك بفرض الدستور، المدعوم بتوجيه كل قوى وأجهزة الدولة، ضد كل من يطالب بحقّه في الرأي، من حيث القبول والرفض، لبعض نصوص الدستور في جانب، وفي الجانب الآخر رفض آلية فرضه، والذي هو إسقاط لأول معايير دولة القانون.

ناهيك عن وضع تطبيقات الدستور خلاف روح ومبادئ نصوصه، خصوصاً في موضوعة الفصل بين السلطات، واستقلال إحداها عن الأخرى، من الناحية الإدارية والمالية، والدور الرقابي لأيٍّ منها على الأخرى، بالرقابة والمحاسبة والقرار، بما أسقط معايير الدستور والقوانين، وتفرعاتها الإجرائية، خلاف نصها، بالتدرج التطبيقي، ما بين الإهمال والإفلات من العقاب مقابل الغلظة غير المبرّرة فيه، وهذه أفصح وأشمل المعايير التي تُفقد الأنظمة أن تكون نظام دولة المؤسسات والقانون.

ففي توزيع الدوائر الانتخابية، لانتخابات أعضاء مجلس النواب والمجالس البلدية، تلك التي اختصت بها واستحوذت إصدار قوانينها، السلطة التنفيذية، من حقبة ما قبل انتخابات مجلس نواب 1973 وفي أثنائه، وبالخشية من نواب ذاك المجلس، أن يمارسوا دوراً رقابياً حقيقياً يحاسب الحكومة، بما يطال سحب الثقة من عددٍ من وزرائها، بما يوجب إبدالها، وبما يُوصل المجتمع إلى ضرورة تعديل الدستور، بما يغيّر طريقة تشكيل الحكومة، على غير ما تودّه تلك الدائرة الضيقة، بتدوير الوزارات فيما بينها، بما دفعها لإيقاف العمل بذاك الدستور، وأثناء حقبة قانون أمن الدولة، وبعدها خلال حقبة دستور 2002 إلى يومنا، وبما تحكم به مخرجات الانتخابات بغالبية محسوبيها وظيفةً، ومواليها مصلحةً، من خلال توزيع الدوائر الانتخابية إلى أربعين دائرة لكل منها نائب، حسب خريطة الصفة الوظيفية والمصلحية، للناخبين والمترشحين للمجلس، بما يؤسس لانتخاب غالبية نواب أطلقت عليهم إحدى الوزيرات «مو رياييل»، إزاء التصدّي لكل ما من شأنه، أن ينصر الحق الشعبي على رغبات السلطة، بما يضعف هيمنتها على الثروة الوطنية وسلطة القرار، لوضع حد للتلاعب بأموال الدولة لصالح أفراد.

وإضافةً نهجت الحكومة، إستكمالاً لإقفال حلقة مصادرة حق الشعب في مصدرية السلطات، انتخاباَ ومراقبةً ومحاسبةً وإبدالاً، إلى مسك ناصية إرادة المنتسبين للأجهزة، وهم كثر، حسب نص المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2002، بشأن مباشرة الحقوق السياسية، ونصها «تسري في شأن منتسبي قوة دفاع البحرين وقوات الأمن العام والحرس الوطني فيما يتعلق بمباشرة حق الإنتخاب، ما تنص عليه القوانين والأنظمة والتعليمات الخاصة بخدمتهم في هذا الشأن»، هذا المرسوم الذي هو أحد حزمة المراسيم المحصنة بالدستور قبل انعقاد أول اجتماع للمجلس الوطني، حسب نص المادة 121 الفقرة ب من الدستور، لاستثمار ورقة منتسبي تلك الأجهزة، بمنحهم أو منعهم حق الانتخاب، عبر مفردة «والتعليمات» بالخصوص من مادة المرسوم، وتبيان ذلك سيكون مستهل لمقالنا القادم.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/875540.html