صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4250 | السبت 26 أبريل 2014م الموافق 19 رمضان 1445هـ

تفشي الخروقات في المؤسسات والقانون

الكاتب: يعقوب سيادي - comments@alwasatnews.com

لا يمكن الفصل بين المؤسسات والقانون، ولا يستقيم واحدها دون الآخر، وكلاهما يؤثر بتجاوزاته وخروقاته في الآخر بالهدم، كما أيضاً بصلاحه وحسن مآله، يؤثر في الآخر بالبناء والعطاء، فلا يقوم أحدهما دون التأسيس على الآخر. فمن أجل صلابة بناء المؤسسات لابد لها أن تقوم على أساساتها القانونية بالضرورة، لضبط صلاحيات وإجراءات قواها البشرية، من مسئولين وعاملين، ولهيكلة تراتبية المسئولية فيما بينهم، وتحديد أهداف المؤسسة ومراميها، ومراقبة ومحاسبة القائمين عليها، لضمان سير العمل فيها، وتحقيق الاستخدام الأمثل لما تم رصده لها من موارد مالية، بما يعود بالنفع على المجتمع بمواطنيه جميعاً وبالتساوي، وذلك حسب ما للمؤسسة من دور وخدمة أنشئت من أجلها. أما إذا أنشئت مؤسسة ما، دون أساس ومسار قانونيين لعملها، وتم إهمال مراقبة ومحاسبة عامليها، فسيكون سوؤها أكثر من صلاحها، وكذلك القانون حال أتى أساساً لمؤسسة، فسيظل حبراً على ورق، ما لم يجد طريقه إلى التطبيق في سير عمل تلك المؤسسة المعنية.

ومن أسوأ ما يهدم نظام المؤسسات والقانون، ويهدم العلاقة والثقة بين السلطات وجموع الشعب، هو استفراد أية مؤسسة بتقرير مهامها قِصراً وإضافة، وتقنين ممارساتها بما تهوى وتشاء، وإهمال أفرادها نتيجة عدم المحاسبة والإفراط من العقاب، وعدم خضوعها لقانون ولجهة مؤسسية أخرى، رقابية معنية بعملها.

ومن حيث أن لكل مؤسسة مهامها لخدمة المجتمع، ولها خواصها ووسائلها لتبيان وتمييز تلك الخدمات، بما يجعل الشعب بأفراده عوناً لها ومتلقياً خدماتها، فقد جاء إعلام أفراد الشعب بعمل تلك المؤسسة، أساساً قانونياً لعمل تلك المؤسسات، سواءً انتهاءً بالإنجاز، أو توجيهاً أثناءه، أو إشراكاً للجمهور بالتفاعل وتلقي رأيه أو عونه، ولهذه الحالات التواصلية الإعلامية ما بين المؤسسات والجمهور، أساسات في قانونية عمل المؤسسات.

فمن مسائل إعلام الجمهور، إنتهاءً بالإنجاز، مثلاً هو الزي الرسمي وبطاقة الهوية، سواءً بما يميّز منتسبي المؤسسات الخدمية المدنية أو الأمنية والعسكرية، وذلك عبر اعتمادها حسب القانون دون رأي الجمهور، ولكن بالإعلام يكون أفراد الشعب على بينة من التعامل حسب الأصول القانونية مع منتسبي تلك الأجهزة، ولا يشفع لأولئك المنتسبين القول بالإنتساب دون الزي ودون إبراز الهوية، لتفادي فقدهم احترام العامة من الناس، وربما الصد، ما لم يتميزوا حسب القانون، أثناء أدائهم لأدوارهم الرسمية، ولا يشفع لهم مرافقة آخرين يتسمون بزيهم الرسمي أو ببطاقات هوياتهم، ما لم يكونوا هم أصلاً يتسمون بمثلها. فما يميز أفراد الأمن والعسكر، ويميز قيامهم على رأس مهامهم قانوناً هو زيّهم، كما يصون واجب الإنصياع لأوامرهم إضافة لزيهم، هوياتهم وأيضاً تصرفاتهم حسب القانون المعلوم رسمياً لدى العامة من الناس. فالإحترام الواجب لرجال الأمن، شابته مؤخراً شائبة، حيال ما بثته وسائل التواصل الاجتماعي من توثيق لما سُمّي «غزوات جواد» مثلاً، وكان لزاماً على المؤسسة المنتمين لها، تطبيق قوانينها المعنية عليهم علناً، لتعلم الجموع الشعبية محاسبتهم، ويتحقق فصل أولئك الأفراد وتصرفاتهم، عن مؤسسية وقانونية أصول التصرفات والإجراءات المنوطة بمثلهم، وإلا فإنهم إن أفلتوا من المحاسبة والعقاب، فقد أثبتوا أنهم فعلوا ما أوجبته عليهم رتبهم ومسئولياتهم، وإستجابتهم لأوامر أصحاب الرتب الأعلى وبصفة منهجية، وبهذا تفقد المؤسسة صفتها المؤسسية والقانونية. ولو كانت الحال في دولة المؤسسات والقانون، لأطاحت مثل تلك التصرفات وأقل منها بأصحاب أعلى الرتب في المؤسسة.

ومن مسائل إعلام الجمهور بالتوجيه أثناء قيام المؤسسات بمهام الواجب، فيتمثل بمثل ما تقوم به الوزارات الخدمية مثل إدارة الطرق بوزارة الأشغال، فهي حين العمل على رصف أو إعادة رصف أو شق الطرق، تضع اللوحات الإرشادية لتحويل السير، وتضع اللوحة الرئيسية الإعلانية لجمهور العامة، بتاريخ بدء العمل وتوقع انتهائه وجهة العمل والمقاول وأرقام الإتصالات ذات الصلة. وهذه هي سمة التواصل الجماهيري اللازم مؤسسياً وقانونياً، فالحال معروف والأطراف معروفة، ما بال الجهات الأمنية، في حال إغلاق الطرق ومداخل القرى، والتي بعضها بعرض شارعي الذهاب والإياب، يتفاجأ الناس بتلك الحواجز الإسمنتية، التي لا تحمل أي صفة لناصبها، فهي لا تحمل علامة ولا تعليمات وليس لها من أمد معلوم، ليعلم الناس عن حالها وحالهم، وطامتها الكبرى أن يتعامل معها الناس يقيناً أنها من الإجراءات الأمنية، نتيجة خروجها خارج نطاق العمل المؤسسي الذي لا يحكمه أي قانون، فيصبروا على أذاها رجالاً ونساءً بمختلف أعمارهم من عجائز وأطفال، وحالاتهم الصحية من صحيحين ومرضى، وخصوصاً تلك التي تغلق أقصر الطرق إلى الأسواق والمدارس والمستوصفات.

ومن أهم ما يهدم نظام المؤسسات والقانون، ويهدم العلاقة والثقة بين السلطات وجموع الشعب، هو استفراد أي مؤسسة بتقرير مهامها قِصراً وإضافة، وتقنين ممارساتها بما تهوى وتشاء، وإهمال أفرادها بعدم المحاسبة والإفراط من العقاب، وعدم خضوعها لقانون ولجهة مؤسسية أخرى، رقابية معنية بعملها. وللمقال بقية.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/879917.html