صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4271 | السبت 17 مايو 2014م الموافق 19 رمضان 1445هـ

قضية مسجد صعصعة بلسان دولة المؤسسات والقانون

الكاتب: يعقوب سيادي - comments@alwasatnews.com

أفادت وكالة أنباء البحرين كما جاء في صحيفة «الوسط» (الخميس 15 مايو 2014) بصفحة محليات ما يلي: رداً على ما جاء في مقال الكاتب يعقوب سيادي، المنشور بصحيفة «الوسط» في عددها الصادر بتاريخ (11 مايو/ أيار 2014)، تحت عنوان: «قضية مسجد صعصعة بن صوحان... تساؤلات في عهدة الدولة»، فقد صرح مدير عام مديرية شرطة المحافظة الجنوبية بأن المديرية لم تتلقّ أي بلاغ رسمي خلال العامين 2013 و2014 بوقوع اعتداء أو تخريب في ضريح صعصعة بن صوحان.

وأضاف أنه في إطار متابعة ما تم نشره، قام شخصيّاً بالانتقال إلى الموقع، واتضح أن الضريح مغلق من الخارج، وليس هناك أي أحد يمكن سؤاله عن الوضع في الضريح.

لا يسعنا في هذا المقام إلا أن نشكر مدير عام مديرية شرطة المحافظة الجنوبية، على تأكيده الرسمي بأن المديرية لم تتلق أي بلاغ رسمي خلال العامين 2013 و2014 بوقوع اعتداء أو تخريب في ضريح صعصعة بن صوحان، كما نشكر له عناءه واهتمامه القيام بالواجب الرسمي بانتقاله الشخصي إلى الموقع والتصريح الرسمي بحال ضريح الصحابي صعصعة بن صوحان، بأنه وجد الضريح مغلقاً من الخارج ولم يكن هناك من أحدٍ لسؤاله عن الوضع في الضريح.

هذه الاستجابة الرسمية من قبل وزارة الداخلية، ممثلةً في مدير عام مديرية شرطة المحافظة الجنوبية، سنناقشها بلسان حال دولة المؤسسات والقانون، حيث أن مديرية شرطة المحافظة قامت بالاستجابة لصوت السلطة الرابعة (الصحافة)، ومن ثم التصريح بواقع الحال من ناحية مسئولية الجهة الأمنية، في مسألتين، الأولى عدم تلقي مديرية شرطة المحافظة أي بلاغ خلال عامي 2013 و2014، وفي ضوئها نسأل: هل كانت هناك بلاغات قبلها، بدءًا من الرابع عشر من فبراير 2011 وما قبلها؟ وما إذا تم اتخاذ إجراءات أمنية تجاهها بما يمنع تكرار مثل هذا الاعتداء والتخريب في حال حصوله قبلاً؟

والمسألة الثانية، تبيان العوائق التي وقفت أمام الجهة الأمنية وعرقلت إتمامها إجراءاتها، وهي إما جهة مجهولة وإما جهة رسمية أخرى أغلقت المسجد (الضريح) من الخارج، وذات الجهة الرسمية أو ربما جهة رسمية ثالثة، عرقلت أيضاً مهام الجهات الأمنية، وأخفت المعلومة وربما الغاية وراء الإغلاق، وذلك من خلال تقصيرها أو إهمالها المتعمد، بعدم تعيين حارس، أو أقله لوحة لإرشاد المتعنّي بالزيارة، للاتصال بالجهة الرسمية صاحبة القرار، وتلك صاحبة الفعل بإغلاق الضريح (المسجد) من الخارج.

والأدهى في دولة المؤسسات والقانون، أن يظل الفعل والفاعل مجهولين، بسبب تعنت بعض هيئات الدولة المعنية، بالسكوت غير المبرر، الذي من الطبيعي أن تطالها تلقاءه المحاسبة القانونية، إلا أن في سكوت الهيئات الأعلى سلطة، ما يثير الريبة، والسؤال لسيادة مدير شرطة المديرية، إننا نقبل عذركم بعدم تلقي البلاغ، لو كان المكان ملكيةً خاصة، إنما المكان كما تشخيصكم، هو ضريح لصحابي جليل، مسجى فيه جسده منذ أكثر من 1400 سنة، فمهمة حفظ هذا المسجد مسئولية الدولة، وواجبكم سيادة المدير البحث والتقصي لسبر غور المعلومات المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة حول الاعتداءات على الضريح، حتى من دون تلقي البلاغات الشخصية. وذات الأمر قصرت فيه أيضاً النيابة العامة، ولابد أيضاً من جهة رسمية أخرى مختصة تحقق في مدى صحة إجراء الإغلاق بالطوب والإسمنت، والغاية وراء ذلك، وسهل على الجهات الرسمية التواصل فيما بينها ورسمياً.

فمسجد (ضريح) الصحابي صعصعة بن صوحان، كما ذكرنا في المقالتين المعنيتين بتاريخ 11 و14 الشهر الجاري، يحمل الصفة الدينية والتاريخية التراثية المرتبطة بالهوية البحرينية إلى ما قبل 1400 سنة، والتي لزاماً على الدولة حسب نصوص الدستور، حفظ حرمته الدينية، المادة 22 من الدستور «حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية...»، وكذلك صيانته والمحافظة على صفته التاريخية والتراثية، المادة 6 من الدستور «تصون الدولة التراث العربي والإسلامي...». والدولة في النص الدستوري تعني سلطات الدولة الرسمية، التي تنازل الفرد من الشعب لها عن مسئولياته الفردية المتماسة بالمسئوليات والتأثيرات المجتمعية، وقبلت أن تقوم بها نيابة عنه، وسلطات الدولة هذه تتوزع بِدءًا من قاعدتها في الموظفين المفوضين إنفاذ القانون والنظام، مروراً بمسئولي الإدارات ورؤساء ومدراء الهيئات حسب تراتبيتها الإدارية ووكلاء الوزارات، إلى الوزراء. وكل هذه تتحمل مسئولية أدائها في دولة المؤسسات والقانون، رئاسة الوزراء في السلطة التنفيذية (الحكومة).

إلا أنه احتساباً لتراتبية المسئولية، فمن بعد اهتمام مديرية أمن المحافظة، بالبوح بالحديث، فمازلنا نُحَمِّل جهات الدولة الرسمية الأخرى عهدة تساؤلاتنا، وتحديداً وزارة العدل والشئون الإسلامية وإدارة الأوقاف الجعفرية، بحكم الصفة الدينية والوقفية للضريح (المسجد)، وكذلك وزارة الثقافة المعنية بحفظ التراث والآثار، والنيابة العامة وهي صاحبة الادعاء العام، وربما جهات أخرى في الدولة، هي أدرى بصلتها بقضية مسجد صعصعة بن صوحان، فأثرٌ لصحابي جليل وبعمر ممتد لأكثر من 1400 عام، إنما إهمال الدولة له للإندثار، خيانة عظمى لتاريخ وتراث الوطن، ولنسب وأصول المواطنين.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/886440.html