صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4285 | السبت 31 مايو 2014م الموافق 18 رمضان 1445هـ

الموازنة بين جودة ومصداقية المضمون والربحية: تأثير الإعلانات على المضمون

منتدى الإعلام العربي
قاعة الجوهرة – مدينة الجميرا
دبي – الإمارات العربية المتحدة
24 – 25 ابريل 2007

 

الهم الأكبر لأي مؤسسة صحافية تعتمد على قوانين السوق التي تتحكم في الربح والخسارة هو تأمين الدخل الشهري والسنوي الذي يغطي تكاليف تشغيل المؤسسة، وتعزيز الموقع التنافسي عبر تحقيق هامش مجز من الربحية. ومن المفترض ان ينشر المحتوى الصحافي على أساس حرفي، متوازن، موضوعي، ونزيه لكي تتحقق للصحيفة الصدقية لدى قرائها وتنتشر بقدر يمكنها من اجتذاب الاعلانات التي تمثل نحو ثلاثة ارباع الدخل العام للمؤسسة.

غير ان العلاقة جدلية، فكثرة القراء قد تتطلب كثرة طرح الموضوعات الناقدة والتي تتعلق بموضوعات تؤثر على المعلنين، وبالتالي، فان المعلن قد يلجأ الى معاقبة المؤسسة الصحافية بمنع الاعلانات عنها. وعليه فان القرارات التي يتخذها المسئولون عن المؤسسات الصحافية تختلف باختلاف التموضع الذي تنطلق منه الصحيفة، والرؤية التي تتبناها ادارة الصحيفة بشأن الصحافة في المجتمع.

من دون شك، فان الاعلانات تؤثر في قرارات رؤساء التحرير، ولكن الفرق هو في كيفية ادارة تلك التأثيرات بحيث لاتضر في مصداقية المضمون، وعليه فان يمكن رصد التأثيرات كما يلي:

1 – هناك البعض ممن يتخذ موقفا بتحويل محتويات الصحيفة كوسيلة لنشر الاخبار السارة والمعدة مسبقا من قبل ادارة العلاقات العام في احدى الشركة التجارية او المؤسسات الحكومية ذات الصرف الاعلاني. وفي هذه الحال يمكن ملاحظة اتجاه مادي صرف تتحول من خلاله الصحيفة الى اداة للترويج التجاري. مثل هذا الاسلوب، وللأسف، ينتشر كثيرا، وتستطيع جهات عدة ان تمارس هذا الدور علانية. وقد وصل الأمر في يونيو 2006 ان قام احد المسئولين في البحرين يتوجيه انذارا مباشرا للصحف، بانه سيتم معاقبة أي صحيفة تنشر مايزعج الجهات المسئولة بنفس الطريقة التي تتعامل بها الشركات المعلنة الكبرى. وقد حدثت ردات فعل ضد هذا التوجه أدت الى تخفيفيه وعدم تنفيذه بالطريقة القاسية التي طرحت.النقطة الجوهرية هي ان المسئول الحكومي استشهد بما تقوم به بعض الشركات الكبرى التي تعاقب الصحف التي تنتقدها، واعتبره امرا طبيعيا.

هناك حالات رصدت، تقوم بعض الجهات بنشر مقالت وتقارير خاصة بها ونشرها في بعض الصحف، وكان المعلن والصحيفة جهة واحدة... وهذه الممارسة الخاطئة تنافي مع ضرورة تنبيه القارئ بان المادة المنشور اعلانية وليست صحافية، ولكن ضعف العمل النقابي أدى الى انتشار بعض الممارسات غير المقبولة.

2 – هناك طلبات يمكن القبول بها من دون ان تضر بالمحتوى... فعدد من الشركات تشترط نشر اخبارها الصادرة عن العلاقات العامة لديها في المكان المخصص لنشر الاخبار الخاصة بالشركات او الناس، وهذا امر مقبول، وتصدر بشأنه توجيهات الى محرر الصفحة التي تتخصص في نشر مثل هذه المواد.

3 - هناك أيضا طلبات بنشر اخبار ارباح الشركات مع صورة الرئيس المسئول في تلك الشركات، على اساس ان اعلانات ستنشر ايضا في اليوم ذاته او اليوم يليه بشأن البيانات المالية. وفي هذا المجال، فان الصحف تستجيب بصورة مباشرة، باعتبار ان ذلك من ضمن الخدمة المقدمة من قبل الصحيفة للمعلن.

4 – بعض الشركات والجهات تقترح نشر مواد صادرة عهنا ضمن المواد التحريرية، وكأنها خبر او تعليق ضمن المواد المنشورة، مقابل اتفاق سنوي تحصل منه الصحيفة عل مردود مادي. ومثل هذه العروض تطرح احيانا على اساس انها توعوية وعامة، ولكن يجب ان تمنع مثل هذه الممارسات، واي مادة مدفوعة الاجر، او انها على شكل مقايضة، التي يجب ان تنشر في مكان يوضح بانها جزء من المحتويات الاعلانية التي تعفى من الالتزامات الصحافية.

5- رؤساء التحرير يقعون تحت ضغوط شديدة من قبل بعض المعلنين، ولكن الخبرة أوضحت بان قوة الصحيفة في توازنها وعدم تنازلها عن الجانب الاخلاقي للمهنة، خصوصا فيما يتعلق بجوانب ترتبط بحياة الانسان وصحته وامنه وحقوقه يؤدي الى تقوية الصحيفة معنويا وماديا. ومن خلال تجربة شخصية، نجد ان العقلانية تنتصر، ويمكن للصحيفة ان تتجرأ على الجهات المعلنة، ولكن شريطة التوازن واثبات مشروعية النقد.

6 – احدى الضغوط التي يعاني منها بعض رؤساء التحرير هي ان قرارات الاعلان قد تكون لاسباب غير تجارية، وفي هذه الحال، فان التحدي يكمن في عدم اختلاق القصص والاخبار بهدف الانتقاد غير المشروع. فالمعلن قد يكون ارتكب أخطاء في اسلبوب تعامله مع الصحيفة، ولكن هذا لايبرر ارتكاب خطأ معاكس.

7 – من المشكلات الكبرى هو عدم وجود هيئات للتحقق من الانتشار بالشكل المتوافر في البلدان الاروبية وغيرها من المناطق المتطورة في سوق الاعلان. وماهو متوفر حاليا عليه الكثير من الأسئلة... ان الاساليب المتوافرة حاليا والتي تستخدم لاتخاذ القرارات بشأن الاعلان هنا او هناك لايرقى الى الحيادية او المستوى العلمي في التحقق من الانتشار. وقد حدث ان اطلعت على احدى العينات المتخذة لقياس الانتشار في البحرين، واكتشفت ان العينة لاتعترف بمناطق شاسعة مملوءة بالناس، وتفاضل منطقة على اخرى، وبالتالي، فان النتائج غير صحيحة. والمشكلة ربما تعود الى جهاز الاحصاء الرسمي الذي لايعطي معلومات صحيحة عن التوزيع السكاني في المناطق المختلفة.

ومما ذكر أعلاه، فان موازنة الاعلانات تؤثر بشكل مباشر على ادارة المؤسسات الاعلامية، وتعاني المؤسسات المستقلة كثيرا اثناء مقاومة اتجاهات تطويع المحتوي الصحافي للاعلان.

ولكن، هناك فرصة لدى المؤسسات الاعلامية ان تستفيد من النمو الاعلاني، وذلك من خلال اعادة النظر في طريقة تنظيم المهنة على الجانب الصحافي / الاعلامي، وكذلك على الجانب الاعلاني. فهناك الحاجة الى الحاجة الى الالتزام بميثاق شرف للمهنة، وهناك الحاجة لتنظيم السوق بحيث تكون هناك مؤشرات علمية وواقعية حول مدى انتشار هذه الوسيلة او تلك، وبالتالي اخضاع القرارات للحسابات التجارية.

كما ان هناك الحاجة للتوصل الى تفاهم بين المؤسسات الصحافية والمعلنين يقضي بعدم اخضاع المادة الصحافية المهنية لمواد الاعلانات والعلاقات العامة، خصوصا وان مثل هذا التوجه يضر بمفاهيم عديدة تتحرك على اساسهاالاسواق النامية، لاسيما تلك المفاهيم المتعلقة بحوكمة الشركات وبالشفافية وبالمسئولية الاجتماعية.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/891095.html