صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4306 | السبت 21 يونيو 2014م الموافق 18 رمضان 1445هـ

مكافحة ظاهرة العنف الدموي في المنطقة العربية

الكاتب: ريم خليفة - Reem.khalifa@alwasatnews.com

تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي واحدة من الأدوات التي ساعدت الشباب العربي في إشعال احتجاجات وثورات الربيع العربي، وهذه الوسائل، ولاسميا موقع «تويتر»، تستخدم حالياً من قبل تنظيمات العنف الدموية لبث الإشاعات وثقافة العنف.

لقد تحدثت كثير من التقارير الصحافية عن استخدام تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش» لمواقع التواصل الاجتماعي، ويكون بذلك أبرز تنظيمات العنف الدموي في المشهد العربي ممن تمكنوا من هذه التقنية ونافسوا بها الشباب العربي في مطلع العام 2011. وهناك الفرق الجوهري، فالشباب العربي تحرك بعفوية متطلعاً لغد أفضل، ولكرامة، ولعيش من دون ذل، ولديمقراطية انتشرت في كل أنحاء العالم ولكنها لم تجد طريقها إلى المنطقة العربية.

أما «داعش» فهي كانت جزءاً من تنظيم «القاعدة»، وأصبحت أكثر منه تشدداً، وأنصارها من التيارات المتشددة ينتشرون على مواقع التواصل الاجتماعي ويمثلون حالياً ظاهرة جديدة أصبحت تقلق المنطقة والعالم.

إن العنف الدموي دائماً تنتظره نهايات مأساوية، وسابقاً كانت التنظيمات اليسارية الراديكالية التي اتجهت إلى العنف الثوري في عديد من الأقطار، مثل «تنظيم الدرب المضيء» في بيرو، وحركة «توباماروس» في الأوروغواي بأميركا الجنوبية، كانت تنطلق في نشاطاتها لمحاربة أنظمتها السياسية القائمة. وقد وصل الكثير منهم مثل بيرو والأوروغواي إلى نتيجة حتمت عليهم الابتعاد عن هذا النهج الذي لا تتوقف نتائجه التدميرية على الخصم، وإنما تمتد إلى المصدر ذاته وتأتي عليه. وقد أدمجت كثير من هذه الحركات في وقت لاحق في العملية السياسية واختارت الانتظام المدني.

إن الشباب الذي يذهب من أجل القتل، وقتل نفسه عبر الانتحار، يعتبر خسارة للمنطقة التي لم تستطع أن تعيش ولكنها تتفنن في سبل الموت والدمار. من الطبيعي أن تقف أكثرية البشرية ضد الإرهاب، وتستنكر أية ممارسة إرهابية وعنفية، بصرف النظر عن موجباتها وغايتها، وذلك أن العنف مرفوض مهما كانت دوافعه، والإرهاب آفة وينبغي مكافحة جذورها. إلا أن الاستنكار وحده لا يُنهي الآفة، وأن المطلوب هو فهم هذه الظاهرة فهماً دقيقاً وعميقاً وصولاً لبلورة إستراتيجية ومشروع وطني متكامل، يستهدف إنهاء هذه الظاهرة من جذورها. فهناك الفئات التي تشعر أنها خارج العملية السياسية، وهناك تغريب الناس وهم في أوطانهم، وهناك انتشار للتعليم المتطرف باسم المقدسات الدينية، وهنا وسائل سريعة لنقل الإمكانات والناس والمعلومات، وهذه كلها تتفاعل مع أخبار لا تبشر خيراً، وينتج عنها المآسي التي نشاهدها حالياً كل يوم في العراق وسورية وبدأت تنقل عدواها في تقسيم المجتمعات؛ كل ذلك من أجل إبقاء سلطة الأنظمة السياسية في المنطقة العربية التي لا تقبل بالتجديد ولا بالتغيير.

المجتمعات العربية تبحث عن عدالة غائبة وصوت يسمعها في مقابل أنظمة قاهرة لا تعترف بذلك ولا تريد للتغيير طريقاً لتطوير الأنظمة السياسية لأن ذلك معناه تهديد لركائز دولتها التي تعيش على ثقافة قمع الآخر وتسخير آلة القتل والعنف الدموي من أجل استمرار بقائها.

وقد آن الأوان أن يؤخذ بزمام الأمور من أجل معالجة مسألة ثقافة التكفير والترهيب ولإيجاد المناهج والآليات والوسائل اللازمة لإزالة آثارها المدمرة للمجتمعات العربية والتي حتماً لن تكون بديلاً لصوت شباب الربيع العربي الذي خرج من أجل الحرية والكرامة وليس من أجل الدم والتكفير.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/897682.html