صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4313 | السبت 28 يونيو 2014م الموافق 19 رمضان 1445هـ

انتبهوا لـ “المُعيَّن الحساس”

د. عباس: فلسفتنا “جراحة الأطفال” بأقل قدر من الألم

قال استشاري جراحة طب الأطفال في مستشفى ابن النفيس الدكتور محمود عباس إنهم في المستشفى يسعون ليكون العلاج تجربة مريحة للطفل بأقل قدر من الألم، موضحاً أن جراجة الأطفال تخصص نادر على مستوى العالم، وبحاجة لأساليب جذابة لكسر حاجز الخوف أو الحياء الذي قد يكون عند الطفل من المستشفى والطبيب.

ولفت في اللقاء مع «الوسط الطبي» إلى أن جراح الأطفال هو الصديق الطبيب، خصوصاً أن أغلب حالات الفحص والعلاج تكون في مناطق حساسة في الجسم، مشيراً إلى أن أغلب الحالات التي ترد عليها تحتاج لجراحات في المسالك البولية والجهاز التناسلي، خصوصاً بالنسبة للذكور.

وأوضح أن «أغلب الحالات تكون في منطقة أسفل البطن في منطقة أسميها “المُعيَّن الحساس” أقصد بذلك في منطقة أسفل البطن بين نقاط أربع وهي السرة وكيس الصفن، وطرفي أسفل البطن، تكون على شكل معين إذا ما حاولنا ربط هذه النقاط».

وقال إن جراحة الأطفال تتمتع بمستويات أمان عالية، خصوصاً مع تقدم علم التخدير

نترككم مع تفاصيل اللقاء:

الصديق الطبيب

بدأ الاستشاري الدكتور محمود عباس حديثه لـ «الوسط الوطبي» في تعريف تخصص جراحة الأطفال، فقال: «يعد التخصص نادر عالمياً، ويعنى الطبيب المتخصص في جراحة الأطفال بالنظر في الحالات المرضية عند الأطفال في الفترة العمرية من الولادة وحتى المراهقة التي تستدعي في كثير من الأحيان التدخل الجراحي». وأضاف أن «الفرق بين جراح الأطفال وبين جراح الكبار يكمن في الفئة العمرية ونوعية الأمراض التي يعالجها. ويتميز عن اختصاصي طب الأطفال بأنه مؤهل لإجراء العمليات الجراحية».

وأوضح أن «جراح الأطفال يحتاج لتدريب خاص، نظراً للفئة العمرية التي يتعامل معها، فالصغار بالعادة يتكون لديهم خوف ورهبة من الدخول للمستشفى، كما أن هناك صعوبة في التعامل مع الأطفال واستخلاص المعلومات منه حول ما يشعر به من آلام وما يعانيه».

وحول طرق اختصاصي جراحة الأطفال في التعامل، قال: «هناك الكثير من الأمور التي يقوم بها الطبيب في هذا المجال أولها أن يكون شكل عيادة الأطفال محبباً بحيث لا يكون يشبه المستشفيات، وذلك يكون بصباغته بألوان جميلة وجذابة للطفل، وضع الملصقات والصور الكارتونية، وقد نضع بعض الألعاب في قاعة الانتظار».

وأضاف: «من التدبيرات التي يلتزم بها اختصاصي جراحة الأطفال عدم لبس المعطف الطبي أمام الأطفال بغرض إزالة الحواجز بينه وبين الطفل، واستخدام الكلمات الترحيبية والكلمات البسيطة، وإهدائه بعض الحلويات أو الهدايا البسيطة، لبناء علاقة مع الطفل».

ولفت إلى أهمية بناء علاقة مع الطفل وإزالة الحواجز النفسية حتى نتمكن من الدخول في مراحل التشخيص والعلاج، وقال: «خصوصاً إذا عرفنا أن الفحص سيكون غير مريح؛ لأنه سيكون في كثير من الحالات في مناطق أسفل الجسم، والجهاز التناسلي، وتزيد الصعوبات حين يتجاوز الطفل السنتين فيكون أكثر إدراكاً ووعياً بحساسية هذه المنطقة»، مبيناً أن رفض الطفل للفحص في هذه المناطق إما خوفاً أو حياءً أو الاثنين معاً، محذراً من أن مغبة عدم بناء علاقة قوية بين الطفل وطبيبه، فقد ينتج عنه رفض الطفل لمراجعة الطبيب في المواعيد اللاحقة، وهو ما يؤخر، ويصعّب العلاج بالنسبة للطبيب.

ونصح د. عباس الأسر بعدم تخويف الأطفال من الأطباء حتى لا يصنعوا حواجز نفسية بين الطفل والكوادر الطبية التي تعالجه أو ستعالجه مستقبلاً. وقال: «للأسف فإن بعض الأسر يخوف الطفل أمامي بأنه إذا لم يطع فإن الطبيب سيعاقبه! ظناً منهم أن هذا الأسلوب سيساعدني، ولكنهم لا يعون أنهم بنوا بيني وبين صديقي - مريضي حاجزاً يجب إزالته فوراً، فجراح الأطفال هو صديق الطفل قبل أن يكون طبيبه المعالج».

«المُعيَّن الحساس»

وانتقل الحديث مع استشاري جراحة الأطفال د. محمود عباس إلى الأمراض والمشاكل الصحية التي يحتاج فيها الأطفال للجراحة، فقال: «نستطيع أن ندرج سبعة عنواين عامة في هذا المجال، وهي: الختان والمشاكل المتعلقة به، وفتق أسفل البطن، والخصية غير النازلة، وأمراض الجهاز الهضمي، ومشاكل فتحة الشرج، واضطرابات المسالك البولية، والجراحات العامة».

وأوضح أن «أغلب الحالات التي مرت عليّ تكون في منطقة “المُعيَّن الحساس”، أقصد بذلك في منطقة أسفل البطن بين نقاط أربع وهي السرّة وكيس الصفن، وطرفي أسف البطن، تكون على شكل مُعيّن إذا ما حاولنا ربط هذه النقاط».

وبيّن أنه ومن خلال خبرته وجد أن عمليات الختان التي تجرى على يد غير المتخصص المتدرب تسبب مشاكل ومضاعفات.

وقال: «قمت في العام 2010 بإصدار دراسة حول مضاعفات عملية الختان - استغرقت مني نحو سنة ونصف - على 60 حالة توصلت فيها إلى أن عدد من الأطفال يتعرضون لبعض المشكلات بعد الختان والتي تتراوح بين مضاعفات بسيطة إلى شديدة».

وأرجع د. عباس كثرة مشاكل الختان إلى أمرين رئيسين؛ الأول أن الكثير من الأطباء يجرونها على اعتبار أنها عملية بسيطة وسهلة، والأمر الثاني، تعدد طرق إجرائها. وبيّن أنه «بالنسبة لسهولة عمليات الختان فالحقيقة غير ذلك لارتباطها بأنها تحتاج إلى معرفة تقنية ومعرفة بتشريح جلد العضو والذي قد يختلف من طفل إلى آخر، ولكن لا يستطيع التعامل معها بشكل جيد إلا المتخصص المدرب. فعدم الالتفات لهذه المسائل التشريحية الدقيقة والحساسة قد تسبب مضاعفات ومشاكل للطفل».

وطمأن د. عباس الذي تمتد خبرته في علاج ختان الأطفال من ساعاتهم الأولى وحتى مرحلة البلوغ، قائلاً: «أن كل مضاعفات الختان يمكن علاجها باللجوء للمختص في جراحة الأطفال».

وعلى صعيد متصل قال: «إن مشكلات المسالك البولية تصيب الكثير من الأطفال وخصوصاً الذكور، وأشهرها تضيق فتحة البول، فتحة البول السفلية، والخصية غير النازلة». وأضاف: «هذا ناهيك عن الجراحات العامة الأخرى المتعلقة بأمراض الجهاز الهضمي وعلى رأسها التهابات الزائدة الدودية والمرارة وكذلك انسداد الأمعاء وغيرها».

تقدم علم التخدير

وعن نسب الأمان في جراحات الأطفال، أوضح أن نسب الأمان مرتفعة. وتتميز الجراحة في الأطفال أن أعضاء وأنسجة الطفل صغيرة مقارنة بالكبار، وهو ما يستدعي الاستعانة بأجهزة لتكبير الرؤية في مواضع الجراحة للمساعدة في القيام بعمل أصغر جرح ممكن لإجراء العملية وكذلك استعمال خيوط جراحية دقيقة تتناسب مع حجم الأنسجة.

ولفت إلى أن الأسر دوماً ما يتخوفون من التخدير وليس من العملية بعينها. وقال: «هنا أحب أن أطمئن الناس بأن علم التخدير أحرز تقدماً كبيراً في التقنيات وفي نوعية المخدر. تقنياً يوجد اليوم تخصص يعنى بتخدير الأطفال، ولدينا في مستشفى ابن النفيس استشاريون متخصصون في تخدير الأطفال».

وأوضح أنه «عملياً، تتم إجراء عمليات لأطفال حديثي الولادة ويتم تخديرهم، وكثيراً ما قمنا باجراء جراحات في الساعات الأولى من عمر الطفل كحالات الانسداد الخلقي في الأمعاء والتي يجب علاجها بشكل طارئ ولا يمكن تأخيرها». وأضاف: «وهذا يدل على نسب الأمان المرتفعة في العمليات الجراحية للأطفال، وفي تخديرهم أيضاً».

الوالدان لهما

دور في العلاج

وأجاب عن تساؤلنا عن الدور الذي يقوم به الوالدين في العلاج، قائلاً: «هناك مساحة كبيرة يحتلها الوالدين في علاج الطفل، وتبدأ من أولى حالات التشخيص، فعليهما عدم التردد في اللجوء للطبيب المختص إذا استدعت الحالة عملية جراحية. كما أن عليهم أيضاً تهيئة الطفل نفسياً وجسدياً بالتعاون مع الطبيب للعملية». وأضاف: «بعد العملية هناك دور آخر وهي الرعاية التي يجريانها على الطفل عبر تنفيذ إرشادات الطبيب».

ودعا استشاري جراحة الأطفال في مستشفى ابن النفيس الوالدين - والأمهات خصوصاً - إلى الانتباه في منطقة «المُعيَّن الحساس» إلى أية أعراض من احمرار أو انتفاخ أو آلام يعاني منها الطفل في هذه المنطقة، وعدم التردد في اللجوء للطبيب المختص.

وقال: «لدي برنامج للتثقيف الصحي حول الأمراض الجراحية الشائعة بين الأطفال، أطلقته عبر حسابي في الإنستغرام».

وختم أنه ضمن مساهمات مستشفى ابن النفيس في خدمة المجتمع المحلي «فإننا نقوم بإعداد مشروع للعام المقبل يتضمن فحوصاً مجانية على الأطفال في بعض المدارس، وذلك لاكتشاف بعض المشكلات الجراحية الشائعة التي لم ينتبه لها الوالدين ولم يتم تشخيصها أثناء الفحوصات الدورية للطفل.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/899732.html