صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4314 | الأحد 29 يونيو 2014م الموافق 19 رمضان 1445هـ

رمضان الرحمة... الصائم صديق البيئة

الكاتب: خولة المهندي - comments@alwasatnews.com

ينتظر المسلمون الشهر الفضيل ليتقربوا إلى الله سبحانه بالعبادات ويخصصوا معظم وقتهم للصلاة وتلاوة القرآن والدعاء وفعل الخيرات، ويبذلوا قصارى جهدهم للابتعاد عن كل ما يغضب الرب. ومن فضائل شهر الصوم أن الخالق علمنا أن عبادة الصوم تختلف عن سائر العبادات أنها لله «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، وورد من الأحاديث النبوية الشريفة الكثير مما ينبئ المسلمين عن أعمال تذهب أجر الصيام أو تمنع قبوله، ومن أهم تلك الأعمال ما انطوى عليه أذى للعباد من غيبة أو نميمة أو سب أو أي نوع من أنواع الظلم.

فممَّا روي عن رسول الأمة (ص) أن عرف المسلم بأنه «من سلم المسلمون من لسانه ويده»، وأنه أوصى من سأله ما يصنع ليتصدق ويحصل أجر الصدقة وهو لا يملك ما ينفق: «تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك». بل روي عن رسول الأمة ومصلح البشرية أنه ذكر له عن امرأة من نساء المسلمين كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، فكان ردُّه (ص): «هي في النار». وذلك يتماشى تماماً مع روح الإسلام: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين».

من ذلك المنطلق تدعو جمعية أصدقاء البيئة مسلمي البحرين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة أن نتعاون جميعاً، كلٌّ من موقعه، ليكون رمضان هذا العام رمضانَ أخضر صديقاً للبيئة، من منطلق الرحمة والإصلاح في الأرض والتقرب من الرحمن بعبادات محببة إليه أجرها عظيم بإذنه، وأن نجعل نيتنا خالصة لوجهه الكريم.

«ولا تسرفوا»

الصيام من أهدافه أن نشعر بالعطاشى والجوعى، وبالتالي فالإسراف في الطعام والشراب منافٍ لهذه الرسالة. الصائم يستطيع أن يخطط قبل إعداد الطعام، فلا يطهو إلا الكمية التي يحتاجها فعلاً، وعند تقديم الطعام يتم وضع كميات صغيرة في الأطباق وزيادتها بحسب الحاجة بملاعق نظيفة مخصصة للتقديم فقط، ليبقى الطعام في القدر نظيفاً بحيث من الممكن أخذه إلى من سيسعده الحصول على طعام من جيران أو أفراد عائلة ممتدة أو عمال أو غيره.

في شهر الغفران من المهم تذكر الأرحام، ولاسيما كبار السن أو اليتامى أو المحتاجين منهم أو المرضى أو من ليس لديهم من يخدمهم ويرعاهم. يستطيع الصائم أن يجتمع مع أفراد أسرته ليبدأوا بوضع خطة رمضانية بيئية لفعل الخيرات وتقديم الإحسان وصلة الرحم ومسح دمعة اليتيم، وربما كفالة الأيتام أيضاً بأقل تكاليف ممكنة كالتالي:

- حصر الأسر والأفراد الذين تريد الأسرة صلتهم وكتابة ملاحظة إلى جانب اسم كل منهم بأهم احتياجاتهم (طعام، ملابس أطفال، علاج، مواصلات...)، وتسجيل عناوينهم وأرقام هواتفهم.

- تكليف أحد أفراد الأسرة من طلبة المدارس أو الجامعات بتسجيل ذلك وتنسيقه بشكل جيد ليكون في متناول الجميع وتحميله على الهواتف النقالة لأفراد الأسرة.

- وضع جدول تقريبي لصلة كل منهم (مثلاً إفطار يومياً أو هدايا العيد في ليلة من العشر الأواخر أو الحلوى للأطفال في ليلة القرقاعون).

- حصر الهدايا التي تسلمها أفراد العائلة وبقيت لديهم لفترة من دون استخدام.

- حصر الملابس والحقائب والأحذية والهواتف النقالة وغيرها مما هي في حالة جيدة ويمكن الاستغناء عنها.

- حصر الألعاب المتكررة أو التي لا يتم استخدامها كثيراً.

- وضعها في علب من الممكن إعادة استخدامها وعدم استخدام الأغلفة التي تتحوّل إلى نفايات.

- تكليف فرد من أفراد الأسرة بإيصال جزء من المأكولات المطهوة يومياً والمشروبات وغيرها إلى إحدى تلك الأسر متذكرين أن «قليلاً مستمراً خير من كثير منقطع».

- عندما يصل للمنزل طبق طعام من الجيران أو الأقارب تعرف الأسرة أنها لن تتناوله، يتم تكليف أحد أفراد الأسرة بتوصيله مباشرة إلى من سيأكله.

- عندما تقرّر الأسرة عمل «غبقة»، أو دعوة أحد إلى الإفطار، يتم التخطيط مسبقاً لطريقة حفظ الأطعمة بصورة نظيفة وصحية والتخطيط لموعد إيصالها لإحدى تلك الأسر وتكليف أحد أفراد الأسرة بهذه المسئولية بشكل واضح.

- الاتصال والسؤال عنهم وعما يحتاجونه، ففي كثير من الأوقات يكون لدينا من يحتاجونه ولسنا بحاجةٍ له ولكننا لا نعرف أن هناك من يحتاجه.

- بدأت في البحرين مبادرات لمجموعات تجمع الطعام والحاجيات وتوزعها على المحتاجين، التواصل معهم خلال الشهر الفضيل والتعاون لإنجاح مشروعهم الخيري قد يكون بداية لمسلك حياتي يستمر خلال العام والأعوام التالية، ويتطور ويشجّع الآخرين على مثل هذه المبادرات البيئية الخيرية.

ولدينا مشروع جديد لجمعية أصدقاء البيئة يحتاج إلى تعاون لإنجاحه (من يرغب في تنفيذه في منطقته فعليه التواصل مع الجمعية ليتم تسجيل ذلك وتقديم الدعم الممكن له)، والمشروع هو «ثلاجة الخير»، ويتضمن تخصيص ثلاجة في الحيّ السكني (قرب المسجد أو داخل مجمع تجاري) يضع فيها الأفراد الطعام النظيف الصحي الذي يودون توزيعه. من المهم أن يتم الإعلان في المساجد عن هذا المشروع وتشجيع الناس عليه وتشجيع المحتاجين على أخذ ما يحتاجونه من الثلاجة كل يوم، ومن المهم أن يتطوّع أفراد بتنظيف الثلاجة وإعادة ترتيبها يومياً، ومن المهم أيضاً وجود نوع من الرقابة في البداية حتى يتم فهم معنى هذا المشروع ورسالته والتعامل معه بصورة حضارية، ومن المهم وجود رقابة صحية بين حين وآخر للتأكد من المعايير الصحية للثلاجة.

إن هناك كائنات حية محيطة بنا تشكل جزءاً مهماً من المنظومة الأحيائية والتنوع الإيكولوجي بالإمكان سقيها وإطعامها خلال الشهر الفضيل وحماية أنفسنا من غضب الرب على تبديد النعمة ومنها:

- خصّص مكاناً في سيارتك لقناني الماء التي لم تشرب كلها أو التي نسيت في السيارة فلم تعد صالحة للشرب الآدمي.

- ضع إناء ماء كبيراً أو أواني عدة في الحديقة المنزلية أو الفناء الخارجي للمنزل أو في الشرفات أو حول المنزل أو في حديقة قريبة أو تحت أشجار على الطريق، وكلما زاد لديك في قنينة الماء شيء منه، فبإمكانك سكبه في ذلك الإناء وتعويد أفراد أسرتك وأصدقائك على ذلك.

- بقايا الطعام من خبز أو رز أو غيره تفتت إلى قطع صغيرة وتترك تحت الأشجار، فإن لم يأكلها طير أكلها النمل أو غيره من حشرات تفيد التربة وتزيد من خصوبتها، أو تلعب دوراً في التوازن الحيوي، وإن لم يأكلها أي منها استفادت منها الشجرة أو النباتات من حولها.

- إذا مررت بشجرة أو نبتة فلا تتردد في سقيها، استخدم ما تبقى من ماء في قنينات الماء في سيارتك.

مع دخول الشهر الفضيل، نجدد رسالتنا الرمضانية، في «جمعية أصدقاء البيئة». وهي رسالة موجهة إلى الإنسان والأحياء من حولنا، عنوانها «رمضان الرحمة»، وشعارها «سقاية العطاشى»، وقوامها التذكير بأوجه للصدقة عظيمة ومطلوبة جداً في كل الأوقات وفي هذا الوقت بالذات.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/899955.html