صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4316 | الثلثاء 01 يوليو 2014م الموافق 18 رمضان 1445هـ

شواهد غياب العمل المؤسسي والإفلات من العقاب

الكاتب: يعقوب سيادي - comments@alwasatnews.com

الإفلات من العقاب، يتمثل في عدم توجيه الاتهام للجاني، تحت ضغوط المتنفذين أصحاب المصالح جراء مردود الجرم، أو خشية أن تسحب المحاسبة القضائية الحقة أرجل متنفذين آخرين، أو إهمال إثبات الجرم عليه، أو التلاعب في وصف جرمه أمام القضاء، بما يجعل العقوبة أقل من عقوبة جرمه، أو عدم تطبيق القانون من أساسه. أما التفسخ المؤسسي فيتجلى في القرارات الفردية، إما من خارج المؤسسات، أو من داخلها عبر الهيمنة والاستحواذ على المؤسسات من قبل المتنفذين.

الفصل الثاني من الدستور، معنون بـ «السلطة التنفيذية» ويشخصها في «مجلس الوزراء – الوزراء «، بمعنى أن مجلس الوزراء هو المؤسسة وأعضاؤها الوزراء، ولأن مجلس الوزراء مؤسسة، فهو محكوم بمنهج ومعايير العمل المؤسسي، فتنص المادة 44 من الدستور على أن «يتألف مجلس الوزراء من رئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء»، سنتجاوز هنا عبارة «عدد من الوزراء»، فهي مفتوحة الاحتمالات من أدناها إلى أقصاها، من عدد وزيرين إلى ما لا نهاية، مع أن الأصل الدستوري هو تحديد عدد الوزراء، المادة 45 البند ب تنص على أن «يعين القانون مرتبات رئيس الوزراء والوزراء»، بمعنى أن الدستور أحال تحديد تلك الرواتب إلى السلطة التشريعية، وتنص المادة 47 البند أ على «يرعى مجلس الوزراء مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الجهاز الحكومي»، بما يعني أن السلطة التنفيذية أو مجلس الوزراء أو الحكومة، ليست هي الدولة، التي وجب على مجلس الوزراء رعاية مصالحها، ومجلس الوزراء معني برسم سياسة الحكومة والإشراف على الجهاز الحكومي.

المادة 47 البند ج تنص على «يشرف رئيس مجلس الوزراء على أداء مهام المجلس وسير أعماله، ويقوم بتنفيذ قراراته وتحقيق التنسيق بين الوزارات المختلفة والتكافل بين أعمالها»، والبند هـ ينص على «مداولات مجلس الوزراء سرية، وتصدر قراراته بحضور أغلبية أعضائه وبموافقة أغلبية الحاضرين... وتلتزم الأقلية برأي الأغلبية ما لم تستقل...». والمادة 50 البند أ تنص على «ينظم القانون المؤسسات العامة...». المواد الدستورية المعنية هي سبع مواد فقط من الرقم 45 إلى الرقم 50.

ثم هناك المادة 39 البند ب وتنص على «يضع الملك بمراسيم، لوائح الضبط واللوائح اللازمة لترتيب المصالح والإدارات العامة بما لا يتعارض مع القوانين». فما حاجة كبار المسئولين في مجلس الوزراء، أن يوجهوا (توجيهات) الوزراء ورؤساء المؤسسات والشركات الحكومية ويستحثوهم، على أداء مهام واتخاذ إجراءات، طالما أن مجلس الوزراء معني باتخاذ القرارات بغالبية حضور غالبية أعضائه، والتزام الأقلية برأي الأغلبية ما لم تستقل من مناصبها، كما فعل وزير العمل السابق، حين كان له موقف مخالف لرأي الأغلبية ورفض تحمل مسئولية القرار لقناعته بتجاوزه لمبادئ الدستور، أم أن هذه التوجيهات هي من خارج قرارات مجلس الوزراء حسب منطوق المادة 47 البند هـ، خصوصاً فيما يتعلق ببنود الاتفاقية الثلاثية بين أطراف الإنتاج، الحكومة وإتحاد النقابات وغرفة التجارة، بإشراف منظمة العمل الدولية، والتي من أثرها إيقاف الشكوى العمالية المنظورة لدى منظمة العمل ضد مملكة البحرين، وبما لم يتم تنفيذ بنود الإتفاقية بإرجاع المفصولين من الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية، إلى تاريخه من بعد مضي قرابة الأربعة أشهر من تاريخ توقيع الاتفاقية، فأين مسئولية مجلس الوزراء من قبول أو عدم قبول توقيع وزير العمل على الاتفاقية؟ ليستقل جميع الوزراء عدا وزير العمل في حال عدم قبولهم نصوص الاتقاقية، أو إقالة مجلس الوزراء، حيث عجزه عن تنفيذ قراراته.

كما أن هناك من شواهد غياب العمل المؤسسي، ما تم تداوله حول تطمينات وحماية المسئولين، لمتجاوزي القوانين من موظفي الأجهزة الحكومية، والتدخلات في أحكام القضاء، عبر التصرفات الفردية للمسئولين، بما يسيء لصفتهم الحكومية.

محاكمة الأمين العام المساعد للشئون السياسية لجمعية الوفاق خليل المرزوق، وتبرئته، لتنتهي السجالات القانونية والحقوقية، المحلية والدولية حول المحاكمة، ولكن كان للقضية جزء آخر اكتسب الأهمية القصوى، عبر مجريات المحاكمة، إذ تبين للمحامين تزوير الأدلة الثبوتية ضد المرزوق، فقد أفاد المحامون بأن النيابة العامة أخفت أو مسحت مفردات «السلمية» من بعض تسجيلات خطب الأمين العام المساعد، من أجل إثبات تهمة الإرهاب عليه، وفي الجلسة اللاحقة على جلسة بيان المحامين، صدر حكم البراءة في صالح المرزوق، وفي خضم الفرح بالبراءة، بكت أمٌ في المحكمة تحضر محاكمة ابنها، مسائلة الجموع ممثلي المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية، والسفراء أن «فرحتم وخرجتم، فمن لابني... يا حسرتي عليه».

أضم صوتي لصوتك، يا أماً لأخٍ لي أو إبنٍ في الوطن، تم اعتقاله ويعلم الله مدى قانونية حبسه وضمان صون حقوقه وكرامته، ولك الله يا وطني، حين تأتي البراءة لمن هو أصلاً برئ، للتغطية والحماية والإفلات من العقاب، لمن زوّر في أدلة الاتهام، وإلا فلنَرَ التحقيقات الجادة فيما أثاره المحامون.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/900527.html