صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4319 | الجمعة 04 يوليو 2014م الموافق 18 رمضان 1445هـ

حسابات خاسرة

الكاتب: جميل المحاري - jameel.almahari@alwasatnews.com

لأنهم تعودوا جني المكاسب من دون جهد والأخذ من دون عطاء والعطايا من دون حق، فهم لا يفهمون معنى التضحية أو الإصرار على الموقف أو الثبات في المبادئ، فكل حساباتهم تبنى على الربح والخسارة، ولذلك فإنهم لن يستوعبوا أن هناك شارعاً عريضاً في هذا الوطن يرفض مجرد الدخول في مساومات سياسية لا تؤدي إلى توافق وطني مجمع عليه ليس فيه غالب أو مغلوب.

والإجماع الوطني هنا لا يعني التخلي عن حقوق أساسية أقرتها جميع الديانات السماوية والمواثيق الدولية فليس من صلاحيات أحد التخلي عن هذه الحقوق أو القفز عليها للحصول على مكاسب آنية، كما ليس من حق أي مكون من مكونات هذا المجتمع أن يطالب الآخر بالقبول بحقوق أقل أو الرضوخ لواقع يمارس فيه التمييز والتهميش، مبني على درجات مواطنة تختلف بين مواطن وآخر سواء كانت هذه الدرجات تستند إلى المرجع الديني أو المذهبي أو العرقي أو القبلي، فهذا هو الأساس الذي لا يمكن التخلي عنه في أي معنى من معاني الإجماع الوطني.

من الملاحظ ومنذ بداية الأزمة إطلاق حملات إعلامية متزامنة بين فترة وأخرى حول صفقة مرتقبة بين السلطة وجمعية الوفاق «ويجب التركيز هنا على أن هذه الصفقة يتم الإعداد لها مع الوفاق تحديداً وليس مع القوى الوطنية المعارضة» يتم بموجبها تقديم تنازلات معينة للوفاق للوصول إلى حل توافقي، وعندها تقوم قيامة «الشرفاء من الكتاب والسياسيين» من أن السلطة بهذه الخطوة إنما تحفر قبرها بيدها وأنها تسعى للانقلاب على نفسها وأنها تمكن «الخونة» من الحكم، وأنهم لن يسكتوا عن هذا الأمر ولو قدموا أنفسهم وأولادهم وأموالهم فداء للوطن وبقاء السلطة، وبذلك فإنهم يريدون أن يقنعوا الناس بأن أي توافق ينهي الأزمة في البحرين هو انقلاب على الحكم، وأنهم أكثر حرصاً من السلطة نفسها، وأنهم أكثر وعياً وذكاءً من الجميع.

ولكن المثير في الأمر أنه في كل مرة تطرح فيها إشاعة جديدة تكون أقل سقفاً من سابقتها من حيث تحقيق المطالب الشعبية، حيث بدأ الأمر بتنفيذ مبادرة سمو ولي العهد والمتضمنة مجلس نواب كامل الصلاحيات، حكومة تمثل إرادة الشعب، دوائر انتخابية عادلة، التجنيس السياسي، محاربة الفساد، أملاك الدولة، معالجة الاحتقان الطائفي، وفي الإشاعة اللاحقة تم إسقاط مبادرة سمو ولي العهد تماماً ليتم الحديث عن صفقة بين السلطة والوفاق من بينها إطلاق جميع السجناء ومجلس للنواب بصلاحيات أكبر وحصول الوفاق على وزارات مهمة من بينها منصب نائب رئيس الوزراء وتعديل الدوائر الانتخابية بحيث تكون أكثر عدالة، من دون الحديث عن ملفي التمييز والتجنيس، أما الآن فإن ما يدور حول الإشاعة الجديدة فإنها لا تتعدى حصول الوفاق على عدد من الحقائب الوزارية وتعديل طفيف في تقسيم الدوائر الانتخابية، ومع ذلك يعتبر البعض أن ذلك ما هو إلا انقلاب على السلطة.

إن مثل هذه الحملات الإعلامية والإشاعات المغرضة مفضوحة تماماً ولا تنطلي إلا على من يصدق هؤلاء «الشرفاء».


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/901396.html