صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4337 | الثلثاء 22 يوليو 2014م الموافق 19 رمضان 1445هـ

رؤية لعناصر الأزمة في البحرين وحلولها

الكاتب: يعقوب سيادي - comments@alwasatnews.com

واقع توزيع الدوائر الانتخابية للمجلس النيابي، وعدم عدالتها ومساواتها بين المواطنين، ندلل عليه، بنتيجة تحليل نقاط الثقل التمثيلي لكل محافظة، قياساً بالكتلة الانتخابية، وقياساً بعدد المواطنين لكل منها، والتي نتيجتها أنّ مرسوم رقم 29 لسنة 2002 بشأن تحديد المناطق والدوائر الانتخابية، اعتمد خمسة معايير مختلفة، لتمثيل كل محافظة بعدد مقرر سلفاً من النواب، في توليفةٍ لعددٍ من الدوائر، التي تم تسوير جغرافيتها، ومذهب قاطنيها الديني، وكذلك مواقفهم السياسية ما بين الموالاة والمعارضة للحكومة، لضمان مخرجات نتائج الانتخابات بما كانت عليه في الانتخابات النيابية للفصول الثلاثة 2002، 2006 و2010، بما مايز بين المواطنين ولم يساوِ بينهم.

فقد منح المرسوم منطقة العاصمة 8 مقاعد نيابية، في حين حقها حسب توازن الكتل الانتخابية للمناطق الانتخابية (المحافظات)، 5 مقاعد في حدّها الأعلى.

ومنح منطقة المحرق 8 مقاعد بصحيح التمثيل للكتلة الانتخابية، ولكن تفاصيل الدوائر الانتخابية حملت بعض علامات الاستفهام.

ومنح المنطقة الوسطى 9 مقاعد في حين أن حقها 13 مقعداً.

ومنح المنطقة الشمالية 9 مقاعد أيضاً في حين أن حقها 12 مقعداً.

وأخيراً منح المنطقة الجنوبية عدد 6 مقاعد في حين أن حقها 2 (مقعدين) فقط، وقد بان واضحاً التفرقة الطائفية والسياسية، بالتمييز لطائفة وجماعة، على حساب الآخرين.

وهكذا استفردت السلطة بإدارة جميع تفاصيل العملية الانتخابية، بدءًا من سن المراسيم المُنَظِّمَة لها ومراسيم توزيع الدوائر الانتخابية بما أسلفنا، والدعوة إليها إلى إعلان نتائجها، وذلك برئاسة وزير العدل للجنة عليا للإشراف العام على سلامة الاستفتاء وانتخاب أعضاء مجلس النواب في أنحاء المملكة. وهو الذي يصدر قرار تسمية أعضاء اللجنة العليا من القضاة والمستشارين، ويعاون اللجنة العليا الجهاز المركزي للإحصاء، بما يضع بين يدي المخططين لإفرازات العملية الانتخابية المحكومة بتوزيع الدوائر الانتخابية، ما يحتاجونه من معلومات تسند خطط التفرقة الطائفية والسياسية بين المواطنين.

وإزاء انتخابات العام 2002، ظنّت قلةٌ من القوى السياسية المحلية، بمؤازرة الدول الإقليمية والعالمية، والمنظمات الأممية، أن مشروع الميثاق، كان من الصعب تطبيقه بما ورد فيه، من دون التهيئة والتغييرات الحقوقية والسياسية، بما يخدم التطويرات الجزئية المتراتبة والمتراكمة، للنهوض بالعملية الحقوقية والديمقراطية في البحرين، إلى مصاف الممالك الدستورية العريقة كما وعد نص الميثاق. فشاركت بوهم النهوض بهذا الدور، ولكن غالبية القوى السياسية المحلية المعارضة، لم تكن واثقةً من نوايا السلطات الحاكمة إزاء تلك الوعود، نتيجةً للممارسات الرسمية فيما سبق من عهود، خصوصاً أن عهد قانون أمن الدولة كان مايزال قائماً وماثلاً للعيان، فتمت مقاطعة الانتخابات آنذاك، لتبيان الموقف السياسي والحقوقي الرافض لإصدار دستور 2002 بالتجاوز لدستور البلاد القائم منذ 1973، وبما يلغيه، لتعود بعض هذه القوى، للدخول في انتخابات 2006 و2010، منهيةً بذلك معارضتها من خارج المؤسسات الرسمية للدولة، على خلفية الوهم السياسي بالإصلاح من الداخل، ربما بما أوهمتها به القوى الإقليمية والدولية، أو ربما تأسيساً لعمل سياسي، بأيدلوجية لتعرية نوايا وممارسات السلطة من داخل مؤسساتها الرسمية، واليقين لدى تلك القوى.

وتراكمت سوءات السياسات العامة بما تبدى في سياسات التجنيس السياسي والطائفي، والتلاعب بأراضي الدولة وشواطئها عبر الجرف والدفان، ومشروعات المنتجعات والفلل المملوكة لشركات وبنوك خاصة، لقاء العمولات والاستفادة للمتنفذين، وزيادة الدين العام للدولة إلى المستوى غير الآمن، وأزمات الخدمات وتدني الرواتب وأزمة الإسكان، والرسوم الحكومية و...، وفي التصدي لمقترحات التعديلات الدستورية، بما يساوي بين المواطنين في الثقل الانتخابي.

فما بات أمام القوى السياسية المعارضة من أمل، في التطوير للوضع الحقوقي والسياسي، في حديها الأساسيين، من حقوق الإنسان في العدالة والمساواة، والحكم الدستوري الديمقراطي لنظام الحكم، المحكوم بنظام المؤسسات والقانون، فكانت أحداث أواخر العام 2010، وبما أوصلت الحالة الشعبية إلى الحراك الكبير في 14 فبراير 2011 وما تلاه، حيث أثبتت بما لا يقبل الجدل، للقاصي والداني، عدم وجود جدية في تطبيق ما أوردته السلطة في الميثاق، الذي كان الأمل معقوداً عليه في إخراج البحرين، حكماً وشعباً، من عصور ظلام قانون أمن الدولة والاستفراد بالقرار، إلى الدولة المدنية الحديثة التي تسود فيها قيم العدالة والمساواة، للصفة الإنسانية والمواطنية، دون الالتفات إلى الدين أو المذهب أو الجنس والأصل واللغة.

إلا أن الأحداث بما نعيشه اليوم من فرقة طائفية مصطنعة، تصطنعها وتشد حبلها وترخيه السلطة، بحسب اعتقادها وتقديرها لترهيب المواطنين، من مواليها ومعارضيها على حد سواء، واستخداماتها للقوة المفرطة لمنتسبي أجهزتها عامة، وعدم احترامها مجدداً لوعود وعهود أطلقتها للوفاء بمخرجات تقارير لجان، هي من شكلها كـ «لجنة بسيوني»، وعدم تنفيذها لتوصيات مجلس حقوق الإنسان، التي قبلتها كلياً وجزئياً، وكذلك الإتفاقية بين أطراف الإنتاج الثلاثة، برعاية منظمة العمل الدولية، لإرجاع المفصولين على خلفية أحداث فبراير 2011، وآخرها طرد نائب وزير دولة كبرى، على خلفية تحريض جماعات دينية محلية بدوافع طائفية، أو تعبيراً عن ردة السلطة عن قبول مقترحات دولية لحل الأزمة، دون مراعاة واحترام للقانون الدولي ومواثيق وعهود حقوق الإنسان، والاتفاقات الثنائية، استناداً إلى قرارات غير دستورية لإجتماع غير دستوري للمجلس الوطني، جعل السلطة في موقع الشك في مصداقيتها، أمام المنظمات الأممية والدول الأخرى، وبما يضعف مكانتها في المجتمع الدولي، لصالح تحقيق المطالب الشعبية العادلة.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/906174.html