صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4386 | الثلثاء 09 سبتمبر 2014م الموافق 19 رمضان 1445هـ

من الذي يجب أن يدفع الثمن؟

الكاتب: جميل المحاري - jameel.almahari@alwasatnews.com

حتى الآن فإن فاتورة الأزمة مازال طرف واحد يتكفل بدفعها، وكانت كلفتها عليه باهظة جداً، دفعها من دماء أبنائه وأرواحهم، وعرقهم، ولقمة عيشهم، ومقدساتهم، وحريتهم، ومازال مستمراً حتى الآن في دفع ثمنها.

لكل شيء ثمن، وكلما عظم هذا الشيء زاد ثمنه، ومع ذلك ليس من المقبول أن يرمى حمل التغيير على طرف دون الأطراف الأخرى في حين أن الجميع سيستفيد من أية إصلاحات تدفع المجتمع نحو الأمام، وربما يكون نصيب من وقف بكل جهده عائقاً أمام المطالب هو أنه أول من سيستفيد منها ولنا في أحداث التسعينات من القرن الماضي خير دليل على ذلك حينما طالب الناس بالحياة البرلمانية وقدموا الكثير من التضحيات في حين وزعت الدوائر الانتخابية بحيث حصل من كان يعارض العودة للحياة النيابية على العدد الأكبر وبذلك أصبح من يعارض البرلمان أغلبية فيه.

هنالك من يدعو القوى الوطنية المعارضة إلى أن تدفع الفاتورة بشكل مضاعف من خلال مشاركتها في الانتخابات النيابية والبلدية المقبلة، دون أن يقدم لهذه القوى ما يبرر ذلك، ما يجعلها تدفع الثمن هذه المرة تجاه شارعها.

الجميع يعرف أن هنالك حدودا دنيا لا يمكن النزول دونها، حتى وإن قبلت القوى المعارضة بالدخول في الانتخابات المقبلة، فإن ذلك لن يغير من واقع الأمور شيئاً، وإنما على العكس، فإن ذلك يمكن أن يدفع باتجاه تصعيد من نوع آخر لا يمكن ضبطه.

كما أن ما يثار في بعض الوسائل الإعلامية من خلاف بين القوى الوطنية الديمقراطية بشأن موقف كل منها على حدة من المشاركة أو المقاطعة، لعبة قديمة ومكشوفة للجميع، ولا يمكن أن يصدقها إلا من عمد إلى نشرها، فلقد أعلنت هذه القوى موقفها الموحد المبني على قناعتها جميعاً، بأن المشاركة ما هي إلا انتحار سياسي ومن دون ثمن.

على السلطة إن أرادت إنجاح العملية الانتخابية والسير مرة أخرى في طريق الديمقراطية، أن تدفع نصيبها من الفاتورة المستحقة، وأن تطرح مبادرة جدية، ومشروعاً للمصالحة والإنصاف، وأن تبني جسوراً من الثقة المتبادلة، من خلال تحقيق ما تم التوافق عليه من تطبيق جميع توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وتوصيات مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، كما أن على الأطراف الأخرى أن تكون أكثر شجاعة في طرح مبادراتها الجدية.

ما هو مؤكد حتى الآن أن الحل الأمني، وتقديم الجمعيات السياسية للمحاكم بهدف الضغط عليها وتركيعها، لم يكن الحل الأمثل، ولم يستطع أن يوقف مطالبات الشارع، ولم ينجح في بسط الأمن، وكل ذلك يؤكد أهمية طرح حلول أخرى، ليس من بينها الحل الأمني أو اللعب على عامل الوقت، وخصوصا أن الاستحقاق النيابي مقبل بعد أقل من شهرين.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/919312.html