صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4411 | السبت 04 أكتوبر 2014م الموافق 19 رمضان 1445هـ

الصراع الطائفي مقدمة لتقسيم منطقة الشرق الأوسط

الكاتب: ريم خليفة - Reem.khalifa@alwasatnews.com

الحرب التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية على التنظيمات المتشددة، وعلى رأسها «داعش»، ليست حرباً اعتيادية، ومن المحتمل أن تكون نهايتها تقسيم منطقة الشرق الأوسط إلى دويلات داخل كل دولة.

هذه الحرب عكست المسعى الحثيث لتدويل الصراع الراهن، وتصويره على أنه صراع طائفي بين السنة والشيعة، وقد دخل الأميركان هذه الحرب وهم يعلمون تماماً أنها لن تكون حرباً كباقي الحروب التي شهدتها المنطقة على مراحل مختلفة.

ما يحدث اليوم في المنطقة ليس فقط أزمة كبيرة، وإنما هي فتنة كبرى تتغذى على تاريخ من الصراعات بين شعوب المنطقة، وهو ما قد يغرق بلداناً عديدة في تناحرات متعددة تشغلها عمّا خرجت من أجله قبل نحو أربعة أعوام، أي منذ انطلاقة ما يعرف بالربيع العربي الذي نادى بالحرية والعدالة والحقوق السياسية الغائبة، وانتهى بنا الحال بالعودة إلى عصور الظلام.

رغم الاختلاف والتنازع بين السنة والشيعة على مر القرون الماضية، إلا أن أيّاً منهما لم يُلغِ الآخر من الوجود، ولن يستطيع أيٌّ منهما أيضاً أن يلغي الآخر من الوجود، ولكن تسعير المنطقة عبر خطاب طائفي إنما يُراد منه تقسيم الدول على أسس جديدة مختلفة عن اتفاقية سايكس - بيكو قبل مئة عام، وفي هذا التقسيم الجديد ستتمكن القوى الغربية من إحكام هيمنتها على دول الشرق الأوسط، ربما بطلب عددٍ من حكومات وشعوب المنطقة، بعد أن سالت الدماء وانتشر الرعب على أسس مريضة.

لقد أشار المحلل والكاتب السياسي سعد محيو في سلسلة مقالات عن «حروب السنة والشيعة»، إلى «أن أحداً الآن لن يخرج كذلك فائزاً في الحرب الجديدة. وهذا ليس فقط لأن كل عناصر الشرق الأوسط الإسلامي، من العرب والإيرانيين والترك والأكراد والمسيحيين والدروز، سيكونون مجرد بيادق في لعبة شطرنج كبرى جديدة، بل أيضاً لأن ما حدث في التاريخ الماضي سيتكرر بحذافيره في التاريخ الحاضر».

محيو أضاف: «الشيء الوحيد الذي سيحدث هو ما اكتشفه الأميركيون، وفقاً لـ (اللوموند) الفرنسية: الحروب السنية - الشيعية هي سلاح الدمار الشامل الأكثر مضاءً للسيطرة على المنطقة وإخضاعها في النهاية إلى قواعد وشروط العولمة النيوليبرالية». ورأى أن الصراعات الدولية بين الغرب وروسيا والصين لتحديد طبيعة النظام الدولي الجديد، ستجري فوق أرض هذه الصراعات، إذ سيدعم الأميركيون (في هذه المرحلة على الأقل) السنّة، فيما سيعزّز الروس والصينيون الشيعة. وأخيراً، قد تستنزف هذه المذبحة الجديدة ما تبقى من الاقتصاد الإيراني الذي أنهكته أصلاً حروب سورية ولبنان والعراق واليمن، ما قد يدفعه إلى ركوب جملة مخاطر خارجية للدفاع عن تماسكه الداخلي. كما أن هذه المذبحة، في حال انجرّت تركيا لها (وهذا هو المرجح) قد تنسف كل طموحات «العثمانية الجديدة» للتحوُّل إلى تاسع أكبر اقتصاد في العالم، وبالتالي لعودة تركيا كدولة كبرى في المنطقة.

قراءة للمشهد الحالي في منطقة مضطربة مثل الشرق الأوسط تثير تساؤلات كثيرة، ومنها: كيف سيكون شكل دول المنطقة، وعمّا إذا كان من الممكن أن تذوب هذه الصراعات وتدفع باتجاه حركة تقدمية تترفع عن الأمور التي تزعزع الثقة وتفرق المجتمعات فيما بينها؛ أي حركة تدافع عن الإنسان أولاً دون اعتبارات أخرى كالمذهبية مثلاً. ولكن حتى ذلك الحين فإن علينا أن ننتظر كيف سيكون شكل دول المنطقة بعد مرحلة التحالف الدولي والقصف الجوي على الجماعات الإرهابية مثل «داعش» بعد ستة أشهر، فلربما تحضر المفاجآت التي قد تثير الشعوب وتدفعها للتمرد على صراعٍ يخدم المصالح الإقليمية.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/926080.html