صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4418 | السبت 11 أكتوبر 2014م الموافق 18 رمضان 1445هـ

الخليج حاضنة «داعش» الأولى

الكاتب: ريم خليفة - Reem.khalifa@alwasatnews.com

منذ أن بدأت الضربات الجوية على العراق في بداية أغسطس/ آب الماضي، وتوسعت لتشمل سورية في الأسابيع الأخيرة. طرحت تساؤلات كثيرة حول الخطط الاستراتيجية لواشنطن في الشرق الأوسط على المدى البعيد وخاصة في ظل وجود ايديولوجيات تكفيرية مثل «داعش» في المنطقة متوغلة داخل المجتمعات.

هذه الايديولوجيات والأفكار أصبحت حالياً مصدر اهتمام وسائل الإعلام والأبحاث الغربية منذ بدء التحالف الدولي. غير أن مراقبين يرون أن القصف الجوي لن يقتل فكر «داعش» الذي ترعرع في المجتمعات العربية، وخاصة في دول الخليج، وعبر ممارسات مختلفة.

إن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عازمة على مواجهة ما تعده تهديداً مباشراً من تنظيم «داعش «وهي أيضاً مهتمة باستقرار العراق أكثر من أي وقت آخر. ولذا فإن القوة العسكرية التي لجأت إليها الولايات المتحدة مع الدول المتحالفة والتي في غالبها دول الخليج، لن تستطيع قطع الطريق على «داعش» وقنواتها المتواصلة والمتوغلة داخل الأسرة الواحدة أو القبيلة الواحدة أو غير ذلك لأن الأمر لا يعد من الأمور المستحيلة لمثل تلك الجماعات. فهي بكل يسر استطاعت أن تكسب مزيداً من التعاطف والتأييد لفكرها عبر أدبياتها المختلفة ومن خلال فئات داخل المجتمعات الخليجية أولاً لتنطلق فيما بعد خارج حدود هذه المجتمعات.

إن فكر «داعش» اليوم أصبح يشكل مصدر تهديد للحكم وللمجتمع بكل مكوناته وبالتالي فإن ما يبثه هؤلاء الشباب عبر شبكات التواصل الاجتماعي لا يتكلم عن حالة «غسيل مخ» فقط، ولكن أيضاً عن ايديولوجية قائمة ومتفشية في مجتمعاتنا، وهي مبنية على مبدأ قتل الآخر وإقصائه لمجرد الاختلاف. هذه الايديولوجية التي اعتمدت عليها الحكومات في المنطقة العربية لمقاومة مطالب التغيير بداية ومن ثم الربيع العربي وذلك من أجل إلغاء أي وجه من وجوه الديمقراطية وتغليبه بفكر لا يقبل بالرأي الآخر.

مقاتلو «داعش» يقومون يومياً بالتغريد مباشرة من ساحة المعركة لحظة بلحظة، وهم يخوضون في مناقشات دينية مع منتقديهم عبر الإنترنت تصل إلى التهديد بالقتل ليس في العالم الافتراضي فحسب وإنما بالقتل المباشر على أرض الواقع. ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد ولكنهم يتداولون نبأ مقتلهم بكل فخر مع نشر صورهم.

كل ما يحدث يبرهن دور الإنترنت في بث أفكار «داعش» وهذا بالطبع لا ينتشر إلا عبر تسخير جيش إلكتروني وآخر يقوم بالتجنيد على أرض الواقع. إن نشر هذه الأفكار باسم الدين في مراكز العبادة والمناهج الدراسية وغيرها كان يهدف إلى تخدير العقول ومقاومة مطالب الشارع العربي ولكنه تحول اليوم إلى خطر وجودي على من سانده وعلى الجميع. هذا الفكر ترعرع في جوانب من النظام التعليمي بمستوياته المختلفة وتربت عليه أجيال عديدة في الخليج.

ليس سراً القول إن منطقة الخليج كانت الحاضنة الأولى لهذه الجماعات المطاردة بدءاً من الثمانيات وصولاً إلى الوقت الحالي، فهي قد ساهمت في بناء هذا الفكر لقمع الحركات السياسية الأخرى على مدى مراحل متعددة وتحول الدين إلى أداة أو بالأحرى إلى آلة تفريخ لكل قوى وجماعة متطرفة تغرد مرة باسم الدين ومرة أخرى باسم السياسية. وهو ما يدفع بالسؤال عن طبيعة الاستراتيجية التي تريد أن تطبقها الولايات المتحدة في المنطقة وأيضاً عن مدى قدرة دول الخليج وشعوبها في مواجهة فكر يدعو إلى مبدأ القتل وخاصة في ظل تنامي ثقافة العنف وظهور جماعات أكثر تطرفاً مما كانت عليه الجماعات في السابق.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/927671.html