صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4435 | الثلثاء 28 أكتوبر 2014م الموافق 18 رمضان 1445هـ

الصورة الأولى لفهم مسببات أزمة البحرين

الكاتب: يعقوب سيادي - comments@alwasatnews.com

أجهزة الحكم السياسية بسلطاتها وأدواتها في أي دولة من دول العالم، متى ما انفصلت عن القاعدة الشعبية التي تسديها مشروعيتها، أو تخلفت عن الوعي السياسي الشعبي العام، وكابرت في ذلك على الشعب بالجبر والاستبداد بالرأي، أضحت مُعَوِّقاً لتطور المجتمع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكذلك الفكري والثقافي والأخلاقي أيضاً. وستجد أن لها دوراً فاعلاً أساسياً، في إيقاف عجلة الإصلاح والتطوير في المجتمع، ليس هذا فحسب، بل ستجدها تتقاطع مصالحها مع كل السوءات في المجتمع، التي ستجد أبطالها البارزين محسوبين على أقطاب الموالاة.

والأسوأ من كل ذلك، أنك ستجد من أقطابها من سيخرج عن رباطة جأشه، ومن حدود اختصاصه، للإفصاح عمّا يعتقده، أنه درعٌ يصد به عن السلطة، ضد الشعب، ليسقط في هوة، تتكاثر فيها علامات الاستفهام، سواء المحلية أو الإقليمية أو الدولية.

ولكن إذا أيقنت السلطات في أي بلد، أن قوتها وهيبتها، ما هي إلا منتوج أمل شعبها فيها، فأحسنت خدمته وصانت كرامته، وواكبت وعيه مع مستوى الوعي السياسي الشعبي، أو تقدّم أحدهما على الآخر، ولكن في ظل علاقة المسئولية الوطنية، فستجد أحدهما يمد يد العون للآخر، للنهوض بالوطن والمواطن في اتجاه الإصلاح والتطوير، عبر التناصح والتوجيه والتثقيف المترجم بالخطط التطويرية، على جميع الأصعدة.

والمسئولية الوطنية، تقوم أول ما تقوم، على معايير النظام الديمقراطي النيابي، لإدارة الدولة المدنية الحديثة، والذي يمتاز بعراقة مبادئ الديمقراطية، المتمثلة أولاً في صياغة وتبني دستور عقدي للبلاد، يضطلع به المجلس التأسيسي، في حال كان الدستور جديداً لا سابق له، كما في العام 1973، وكذلك في حال كان الدستور معدّلاً لتجاوز أزمة دستورية سياسية، كما كان حال البحرين في العام 2001 (عام الميثاق). تلك الأزمة الدستورية التي أسس قصور وسوء حلها، بإهمال كلتا أداتيها الطبيعيتين، المتمثلتين إما في انتخاب مجلس تأسيسي، وإما في دعوة المجلس الوطني المنحل للإنعقاد، بأعضائه كاملي الأهلية في فترتها، وفي استكمال عضويته عبر الانتخابات التكميلية.

نعم لقد أسس ذاك القصور إلى الأزمة الحالية الأكثر تعقيداً والتي ما لم تحل بالطريقة التوافقية، ستفرز أيضاً تعقيدات لحلها أكثر وأكثر، ليخسر الوطن والمواطنون وأطراف الأزمة المباشرون، بأكثر مما في الحسبان.

أما فيما يخص التعديلات الدستورية الجزئية خلال الفترات التي تمتاز بالهدوء والتوافق السياسي، فربما تكون من مسئولية السلطة التشريعية التي هي مجلس النواب المنتخب، الذي له اشتراطات ديمقراطية لشرعية تأسيسه واستمرار سلطته المُفَوِّضة لأعضائه من قبل الشعب، والتي تمنحه حق إجراء مثل هذه التعديلات. هذه الشرعية لا يكتسبها مجلس النواب، ما لم يكن نتيجة عملية انتخابية شعبية خالصة، دون تدخل من أية جهة كانت، من بداية العملية الانتخابية التي تشمل البحرين كوحدة أو دائرة انتخابية واحدة، تؤسس لها وتشرف على سلامتها هيئة الانتخابات العليا، المشكلة عبر الانتخاب الشعبي الحر المباشر الخالص أيضاً، وتشرف على هذه الإنتخابات السلطة القضائية، بإرادتها الخالصة، وبرقابة محلية ودولية.

فالطبيعي أن يبدأ الدستور العقدي، بالنصّ على الخيار الشعبي، ما بين نظام الحكم الرئاسي الذي ينتخب فيه الشعب الرئيس لكل فصل رئاسي، الذي قد يطول أمده عن مدة الفصل التشريعي للمجلس التشريعي والحكومة والسلطة القضائية، اللائي معروف لها جميعها أربع سنوات، أو نظام الحكم الملكي، فالفرق الأساسي بينهما، أنه في النظام الملكي، يكون الملك الذات المصونة. أما إدارة الدولة فهي منوطة بممثلي الشعب، عبر انتخاب ومراقبة ومحاسبة وإبدال سلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية، بشكل دوري لكل فصل تشريعي، مع ضمان سلمية تداول السلطات، المحكومة بصناديق الاقتراع، مع الحفاظ على حقوق جميع الفئات في معتقدهم الديني والسياسي والفكري بالممارسة العلنية، وفي أمنهم وطمأنينتهم، برزقهم وسكنهم وصحتهم وعلومهم وتعلمهم، عبر المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/932049.html