صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4461 | الأحد 23 نوفمبر 2014م الموافق 19 رمضان 1445هـ

ما بعد حرب الأرقام

الكاتب: منصور الجمري - editor@alwasatnews.com

التقارير الإخبارية عن الانتخابات التقطت اندلاع «حرب الأرقام» بين المعارضة والجهات الرسمية حول نسبة المشاركة في الانتخابات في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014؛ فبينما تحدثت الأرقام الرسمية عن نسبة مشاركة بلغت 52.6 في المئة نيابياً و59.1 في المئة بلدياً، تحدثت المعارضة عن نحو 30 في المئة. في كل الأحوال، فإن بإمكان أي طرف أن يثبت أرقامه بحسب الطريقة التي يرتئيها، وفي غياب طرف ثالث، فإن لغة الأرقام ستضاف إلى نوعية التخاطب الحالية القائمة على المماحكة.

يمكن إضافة المقارنات غير العلمية التي يمكن استخدامها، إذ يمكن للبعض أن يعتبر أن أي نسبة فوق مستوى معيّن بأنها «معجزة» عند مقارنتها مع أرقام انتخابات في بلدان متقدمة. ومع ضياع الأسس فإن أي كلام يمكن أن يُقال ويمرر، ولكن من دون الوصول إلى نتيجة من كل ذلك.

إن الحديث عن الأرقام بالأسلوب الذي نشاهده أمر متوقع بسبب الأجواء المشحونة، وفي ظل معادلة سياسية يهمُّها كسب النقاط أكثر مما يهمُّها كسب الفرقاء لبعضهم البعض. يمكننا أن نتحدث كثيراً عن كل هذه الأرقام من أي زاوية نشاء، ولكننا قد نغفل حقيقة أخرى وهي أن كل هذه الأرقام لا تحدد ما إذا كانت لدينا عملية سياسية جامعة. ففي البلدان التي تنضج فيها العملية السياسية وتتقارب الآراء وتتقلص المسافات بين المتنافسين، فلربما تجد أن النسب القليلة لا تعني أن العملية غير ناجحة. والعكس كذلك، إذ نرى أن هناك أنظمة تتحدث عن نسب عالية جداً، ولكن ذلك لا يعطي مؤشراً حول نوعية العملية السياسية وفيما إذا كانت شاملة للجميع بصورة مقبولة.

بغض النظر عن الأرقام، فإن العملية السياسية الناجحة تقاس بمؤشرات أساسية لا يمكن إغفالها، ومنها فيما إذا كانت السجون مليئة أم فارغة من معتقلين لأسباب سياسية، وفيما إذا كان المختلفون في الرأي يمارسون حياتهم بصورة عادية ولا يوجد خطر على حياتهم، وفيما إذا كان بالإمكان أن يمارس الجميع دوراً ما من دون أن يتعرض لتمييز أو مضايقة بسبب انتماءاته أو أفكاره... في ذلك الحين، فإن الأرقام تصبح مادة للتحاور بدلاً من تحولها إلى مادة للتندر أو الاحتراب.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/938855.html