صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4498 | الثلثاء 30 ديسمبر 2014م الموافق 19 رمضان 1445هـ

انتخابات الوفاق الأخيرة وما بعدها

الكاتب: وسام السبع - wesam.alsebea@alwasatnews.com

عقدت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية مؤتمرها العام يوم الجمعة (26 ديسمبر/ كانون الأول 2014)، ولكن عند بركة سباحة وسط المساحة الخضراء المتبقية من مزارع قرية كرانة بجوار النخيل هذه المرة.

يأتي هذا المؤتمر العام للوفاق في ظل استمرار الأزمة السياسية بمعطاها الأمني، في بلد نالت من سمعته التجاوزات في مجال حقوق الإنسان والحريات الدينية، والسمعة التي حظي بها البلد بعد أكثر من ثلاث سنوات وعشرة أشهر من اندلاع الاحتجاجات ليست سارّةً لأحد.

منذ انطلاقها في العام 2001 بعد بدء عملية الإصلاح السياسي، طرحت الوفاق نفسها كأكبر التجمعات السياسية البحرينية، ليس فحسب من حيث عدد أعضائها الـ 2500 وقتها، إذ تلجأ الجمعية لعقد اجتماعاتها العامة في الهواء الطلق أو في المدرجات الرياضية أو في القاعات الكبيرة، وإنّما من حيث قدرتها وحضورها الجماهيري في الشارع البحريني.

المؤتمر العام الأخير للوفاق والذي انعقد بحضور 2388 عضواً، بنسبة 78.4 في المئة من الأعضاء المستكملين لشروط العضوية وعددهم الإجمالي 3046، لم يكن نجاحه بمستغرب بعد سلسلةٍ من المضايقات تعرّضت لها الجمعية في الأسابيع الأخيرة، ولم يكن مستغرباً أن يكتمل النصاب القانوني للمؤتمر بعد نحو ساعةٍ من بدء أعمال المؤتمر.

لقد انتخب الوفاقيون 30 عضواً لشورى الجمعية (الهيئة التشريعية والرقابية بالجمعية) و5 أعضاء لهيئة التحكيم (المرجعية القانونية وجهة الفصل)، بعد حسم موقع الأمين العام ونائبه سلفاً بالتزكية.

اللافت في ما أفرزته صناديق انتخابات الوفاق الداخلية خلو هيئة التحكيم وشورى الوفاق من أي عمامة دينية، فيما احتفظت المرأة بتواجدها المحدود في شورى الوفاق بواقع 4 نساء: رملة عبدالحميد حسين (1157 صوتاً)، فاطمة عباس مهدي محمد (892 صوتاً)، كريمة عبدالله علي دهنيم (744 صوتاً)، وخديجة جواد عبدالله خميس (693 صوتاً).

تعكس هذه النتائج الصعود اللافت للتكنوقراطيين، مهندسين ومعلمين وشخصيات راكمت خبرات في العمل الاجتماعي العام من خلفيات عمالية وخيرية وبلدية، كما تعكس الرغبة الحقيقية للوفاق في العمل على «تعزيز دور المرأة وتمكينها من ممارسة جميع حقوقها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وإطلاق طاقاتها الفعالة لتطوير المجتمع» كما ينص نظامها الأساسي.

كما أظهر الجمهور الوفاقي ثقته بشخصية الأمين العام وراهن على مقدرته في إدارة المرحلة بكل تعقيداتها، فهو – الجمهور- في الوقت الذي أبدى تمسكه بالتجديد لمنصب الأمين العام ونائبه، سعى إلى تطعيم هيئتي الشورى والتحكيم بوجوه جديدة وإن حافظت بعض الشخصيات المخضرمة على تواجدها المؤثّر في هاتين الهيئتين لأكثر من دورتين.

ترافقت بدايات انطلاق الوفاق في سنواتها الأولى بخوضها انتخابات العام 2002 حاصدةً 46% من مقاعد المجالس البلدية، بالإضافة إلى ترؤسها ثلاثة من المجالس البلدية الخمسة القائمة، قبل أن تخوض الاستحقاق الانتخابي في العام 2006 محققةً أغلبية نيابية ساحقة لم تقطف ثمارها كما هو مؤمّلٌ في تنامي الحنق الشعبي من تضاؤل المكاسب الفعلية من المشاركة في التجربة النيابية في ظل عجز المجلس النيابي عن ممارسة دور رقابي وتشريعي منتج وفاعل.

وإذا ما راجعنا سير الأحداث قبل إصلاحات فبراير 2001، فإننا سنقف على حقيقة أن التيار الشعبي الذي يشكل العمود الفقري للوفاق ولجمهورها العريض، هو ذاته التيار الذي قاد حراك عقد التسعينيات الموشح بالدم والألم والتضحيات الجسام. سنوات الرصاص في التسعينيات هي الجسر والقنطرة التي مكّنت الجميع من العبور - بمكابدات وتضحيات - إلى محطة فبراير 2001 وما تلاها من إنجازات وطنية تمنينا جميعاً أن لا تتوقف قاطرتها الطموحة في سيرها التصاعدي عند حد، فضلاً عن تراجعها وتعطّلها بصورة مؤلمة.

في المؤتمر العام الأخير أعلن أمين عام الوفاق «إن المعارضة كانت حريصة على مصلحة البلد من مغبة الانفلات الأمني والفوضى وتجنيبها حمامات دم»، مفضّلةً الحراك المطلبي السلمي، وفي ذلك ما يعكس الرؤية الوطنية الملتزمة بمصلحة البلاد لقادة الحراك المطلبي.

يأتي الاعتقال الأخير للشيخ علي سلمان في 28 نوفمبر 2014 ليفتح مرحلة جديدة من مراحل تصاعد الأزمة السياسية، مرحلة شديدة الغموض ويصعب التكهن بخسائرها، في الوقت الذي كان البحرينيون يترقبون ويتمنون إنهاءً لهذه المعاناة الجماعية في البلاد.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/948876.html