صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4526 | الثلثاء 27 يناير 2015م الموافق 19 رمضان 1445هـ

وتتواصل المسيرة

الكاتب: جعفر الشايب - comments@alwasatnews.com

مع انتقال الملك عبدالله بن عبد العزيز – رحمه الله – إلى الرفيق الأعلى، واستلام خلفه الملك سلمان مقاليد الحكم، لابد من وقفة تأمل ومراجعة وتعزية لجميع أبناء الوطن في فقد الملك الراحل الذي أسهم في بناء الدولة وتعزيز مكانتها على الرغم من التحديات التي واجهتها.

كان عهد الملك عبدالله متميزاً على عديد من الأصعدة، فقد قام بإرساء دعائم الحوار الوطني الذي أسهم في جمع كل فئات الوطن ورموزه على طاولة حوار واحدة، أزالت كثيراً من دواعي التباعد والفرقة وأسهمت في تجسير العلاقة بين مختلف مكونات الوطن. كما يحسب له مبادرته في التأسيس للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، هادفاً إلى تصحيح الصور النمطية المغلوطة التي تجعل من الدين وسيلةً لبث الحقد ونشر الكراهية.

وفي مرحلته أيضاً تم كذلك التوجه للاهتمام بمعالجة الخلل التنموي في المناطق النائية في جنوب وشمال المملكة، وإعطاء أولوية لحاجات المواطنين الأساسية كالإسكان والبطالة والتعليم بمختلف مستوياته.

لعلنا نشير هنا إلى دوره المتميّز في إشراك المرأة في عديد من المواقع القيادية، وفي فتح وتوسيع برامج الإبتعاث التعليمي للخارج. كما تم تطوير أجهزة وآليات الرقابة على مؤسسات الدولة من خلال تشكيل مؤسسات رقابية كالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

أنطلق من كل هذا إلى الحديث حول التحديات والقضايا التي يجب إعطاؤها أولويةً في المرحلة المقبلة من أجل استمرار مسيرة العطاء والتنمية والسلام، في ظل وضع متوتر ومتشنج في المنطقة تحديداً وفي العالم بشكل أعم.

تنقية الأجواء الداخلية تأتي في سلم الأولويات، حيث أنه من المؤكد أن صيانة البيت الداخلي تعزّز متانته وقوته وتجعله أكثر تماسكاً ورسوخاً في مواجهة مختلف التحديات القادمة من كل صوب. وذلك يتطلب الوقوف بحزمٍ أمام التشدّد والتطرّف بمختلف أشكاله، والعمل على خلق أجواء ودية ومتسامحة بين مختلف المكوّنات الوطنية بعيداً عن الطائفية والمذهبية والمناطقية وغيرها من مسببات إضعاف اللحمة الوطنية.

يشمل ذلك أيضاً خلق حالةٍ من التوازن بين الأمن والحرية، فالظروف التي مرت بها المنطقة خلقت لدى الجميع حالة من القلق والخوف دفعت لاعتماد توجهات أمنية للحفاظ على الوطن ومكتسباته، لكنها من الطبيعي تؤثر على مساحة الحرية المتاحة لدى أبنائه. ولهذا ينبغي أن تكون هناك مراجعة موضوعية للتشريعات والممارسات بما تعزّز حرية الأفراد كما نص عليها النظام الأساسي للحكم.

من الأولويات المهمة أيضاً تطوير البرامج الموجّهة لتلبية حاجات المواطنين ودعمها للمساهمة في معالجة الأزمات الناشئة كالإسكان والحدّ من البطالة، وكذلك الخدمات الصحية والتعليمية التي تعتبر مطالب أساسية لجميع أبناء الوطن.

على الصعيد الخارجي تأتي مهمة إعادة بناء تحالفات إقليمية جديدة تتناسب مع المتغيرات القائمة أمراً ضرورياً، حيث أنه في الفترة الماضية وبسبب السيولة السياسية المتواصلة، حدثت تغيرات جذرية في موازين القوى في المنطقة، التي تتطلب مراجعةً شاملةً تهدف إلى وضع استراتيجيات بعيدة المدى لتعزيز موقع المملكة إقليمياً ودولياً.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/956452.html