صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4551 | السبت 21 فبراير 2015م الموافق 18 رمضان 1445هـ

تعالوا نفرز شيئاً من الأوراق

الكاتب: يعقوب سيادي - comments@alwasatnews.com

ما بين 14 فبراير 2001 و14 فبراير 2011، عشر سنوات، تخللها فصلان تشريعيان، وثالث كان قائماً إلى حينها، وتعاقبت فيها ثلاث حكومات، تكرّرت وجوه وأداء أفرادها إلا الندرة، وتكررت برامجها طوال كل تلك السنين، والناس تعبت أعناقها وهي مشرئبة، وصبرت يوماً بعد يوم، وشهراً بعد شهر، وسنة بعد سنة، وفصلاً تشريعياً بعد آخر، وتصريحات المسئولين تتردد في آذانهم، وتتراءى لأعينهم، وكل يوم ينقضي دون تحققها، كان يزرع بذور اليأس في نفوس المواطنين.

ربما لم تجتمع حيوية كل تلك البذور، وحتمية فلق جميعها عما حوته من يأس، لأن المواطنين ظلوا يسقونها بماءٍ آسنٍ ضد اليأس في جانب، وماء صاف لنبت الأمل في غدٍ يمحو كدر الأمس، في الجانب الآخر.

إلا أن الجهات الرسمية في الدولة، لم تكترث لا كثيراً ولا قليل، ولم تبذل أي جهد، ولم تُرِ الناس، أي بارقة أمل تنقل المجتمع، من الشك إلى اليقين، للإنتقال بهم وبمؤسسات الدولة، من فترة سبعة وعشرين عاماً من سياط قانون ومحاكم أمن الدولة، إلى رحابة الدولة المدنية التي وعد بها ميثاق العمل الوطني، بنظام دستوري ديمقراطي، على غرار الممالك الدستورية العريقة. ولم يتم الالتزام بمرسوم عفا الله عما سلف، إلا بشكل انتقائي في أمرين، الأول بما يتعلق بفترة الإعداد للتصويت على الميثاق، في قرارات وممارسات من جانب السلطات، تمثلت في إطلاق سراح المعتقلين، وعودة المنفيين، وإلغاء قانون ومحكمة أمن الدولة، وتعويض قلة منتقاة من متضرّري مرحلة قانون أمن الدولة، دون جموع المواطنين الغفيرة المتضررة، والثاني في العفو والتعويض والترقيات للمحسوبين على أجهزة الدولة.

ولم يكن ذلك كل ما في الأمر، بل أبانت لواحق الأيام ما أبانت من تباينات ما بين الرؤية الشعبية ورؤية السلطات الرسمية، حول العلاقة ما بين الميثاق والدستور القائم، المتلخصة في قوامة دستور 1973 إلى ما قبل إصدار دستور 2002، الذي ألغي بموجبه دستور البلاد الذي أقره مجلس تأسيسي منتخب، وقد نص في متنه -أي دستور 1973- على آلية معينة لتعديله، إلا أن الأمور سُيِّرَت على خلاف ذلك.

ليس هذا فحسب، إنما على مدار السنوات العشر ما بين فبراير 2001 الى فبراير 2011، تلمس غالبية شعب البحرين من بعض الممارسات، ما أوقع في القلوب، من اتباع سياسات التمييز، ما بين طائفتي المجتمع، وتنفيذ سياسة التجنيس، من أجل فقط خلق ما يدعى من توازن طائفي، والذي تبين لاحقاً أيضاً عدم صدقيته إلا بما ينال بالأذى والتمييز طائفةً في المجتمع، إضافةً الى المعارضين لهذه السياسة، بما لمسوا من سوئها الحالي والمستقبلي، على جميع مواطني البحرين.

في فبراير 2011، تنادى جمع من الشباب، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، للتجمع في ساحة دوار اللؤلؤة، وسرعان ما شارك في التجمع فئات تضررت من سياسات مرحلة قانون أمن الدولة، سواء في أشخاصهم أو أهلهم وذويهم، وقد يئسوا من الوعود التي لم يروا لها من أثر طوال العقد الماضي، وكيف يكون لجهةٍ أبدعت في تنفيذ سياسات مرحلة قانون أمن الدولة، ما هو مرتجى من وعود.

لقد قاد اليأس الناس من الالتزام بالعدالة وتطبيق المساواة، لصلاح العباد والبلاد، وقادهم يأس جامع، إلى التجمع في الدوار، للمطالبة بحقوق مهدرة، وبعدالة غائبة، وبدستور متوافق عليه وديمقراطية حقيقية، في مملكة دستورية عريقة مأمولة، وذلك باستخدام وسيلة سلمية مشروعة للمطالبة الجماعية، بما ورد في الدستور من نص على مبدأ «الشعب مصدر السلطات جميعاً».


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/963958.html