صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4624 | الثلثاء 05 مايو 2015م الموافق 18 رمضان 1445هـ

كذب هؤلاء ولو صدقوا

الكاتب: يعقوب سيادي - comments@alwasatnews.com

يصادفك من الناس في هذه الحياة، العجب العجاب، يريك بعضهم أنه لك سند، وحين تقوم القائمة، تراه قد ولّى عنك الأدبار، وليس ذاك فحسب، بل رماك بما في يديه، لا لشيء بدر منك ضده، بل أنه ميزان الموقف كما يراه، ويرى صالحه الخاص من ورائه، والمصالح والدوافع والأسباب وراء ذلك متنوعة، وظواهرها ودلائلها متعددة، وأشخاصها أيضاً كذلك. ولنا أن نبسط القول والفعل المتأتي من بعضهم للتدليل عليهم.

فهناك من يتباهى بالقول، أنه محاطٌ في مجمل علاقاته الشخصية، بشتى الانتماءات السياسية والفكرية والمذهبية الدينية، وأنه منفتحٌ على الجميع، يبادلهم الاحترام والتقدير، والعلاقة الإنسانية الحميمة، ويردّد القول بأنه لا يعنيه الأصل واللون والدين والمذهب، بقدر ما يعنيه الإنسان، ولكن حين لحظات الاختبار والامتحان، يتكشف معدنه بالمواقف البغيضة إنسانياً. ومن ظواهر ذلك، وقوع المرء في التناقض، ما بين الموقف تجاه الحراكات الشعبية في وطنه، وتلك في الأوطان الأخرى، سواء الإقليمية أو القومية أو الدولية.

فهو يرى أن مواطنيه، حين التواصل مع المنظمات الأممية والدولية، الفاعلة على الساحة السياسية العالمية، وفي مقدمتها منظمات الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان التابع لها، وهي الجهات المختصة للإحتكام لديها، لكلا طرفي الخلاف، بين الحكومات وشعوبها، فصاحبنا يرى أن الحق للحكومة، لا غبار عليه، ولكن الآثمين بالخيانة هم القوى الشعبية، حين التعني والإرتحال للوصول إلى تلك الجهات لشرح القضية الوطنية، وتبيان المظالم الحكومية ضد أفراد الشعب. فهو يرى في ذلك خيانةً للوطن، واستدعاء للخارج للتدخل في القرار الوطني، وبالتالي المسّ بالسيادة الوطنية!

في حين أن الحراك في سورية مثلاً، بدأ بدايته الطبيعية، مثلها مثل البحرين ودول عربية أخرى، بالحراك الشعبي الوطني السلمي، وفي كلا البلدين، تم التصدّي لهما بالعنف، مع فارق المستوى بين هذا البلد أو ذاك. فاستمر الحراك هنا طوال سنواته الأربع والنيف، على ذات الوتيرة السلمية، بالتظاهر ورفع الصوت بالمطالب جماعياً، عدا عن مناوشات هنا وهناك ما بين الجانبين الشعبي والأمني، جراء إجراءات المنع الرسمية، على خلاف الإباحة الدستورية والقانونية، من كفالة حرية التظاهر، ورغم وضوح نص المادة (4) الفقرة الأولى من المرسوم بقانون رقم (18) لسنة 1973 بشأن الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات، وتعديلاته بالقانون رقم (32) لسنة 2006، والتي لم تطل هذه الفقرة، ونصها كما التالي: «لا يجوز للمدير العام للشرطة منع اجتماع عام تم الإخطار عنه على النحو المبين في هذا القانون، إلا إذا كان من شأنه الإخلال بالأمن أو النظام العام أو حسن الآداب بسبب الغاية منه أو بسبب ظروف الزمان والمكان الملابسة له أو لأي سبب خطير غير ذلك». وفي ذلك عدم جواز المنع، طالما تم الإخطار حسب القانون، إلا لسبب خطير استثناءً، وهذا ما لم يره أحدٌ في جميع المسيرات التي لم تُمنع.

أما سورية كوطن للسوريين، فقد ابتُليت بتوافد جحافل المرتزقة من المحاربين، المتكفلة بهم أنظمة عدة دول بما فيها دول عربية، لها مصلحة في سقوط الدولة السورية، من خلال سقوط النظام الحاكم، بعيداً عمّا يشاع أنه حفظٌ لأمن وسلامة وحرية شعب سورية، مما يعد إعلان حرب على سورية حكومةً وجيشاً وشعباً، من قبل تلك الأنظمة في تلك الدول، بما استدعى لردّات فعل حمائِيّة من قبل حلفاء سورية، لتتوسع الحرب هناك إلى شبه حرب إقليمية، اشتركت فيها جميع دول الإقليم بما فيها دول عربية من خارجه، وبدعم عسكري ومالي ولوجستي من دول أخرى في مقدمتهم «إسرائيل».

إلا أن هؤلاء يرون أن الحراك للمطالبة بالحقوق في بلدهم، حراك طائفي ضد طائفتهم، وأن أطراف الحرب السورية متعددة الجنسيات، هي للحرب ضد العلويين من أجل حماية أهل طائفتهم كذلك! فيتعاطفون مع من يدَّعون أنهم الحماة للمذهب وضد شعبي البلدين، والسبب جلي للعيان، وهو الطائفية البغيضة، التي يلحفونها أحياناً بدثار العروبة والقومية الإستسلامية، وضد الدول الممانعة لذاك الإستسلام، ليلحقوا كل مواطن مختلف المذهب، بمن يبغضون من الدول الإقليمية، كحال إسقاطيةٍ لطائفيتهم.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/988412.html