صحيفة الوسط البحرينية

العدد : 4637 | الإثنين 18 مايو 2015م الموافق 18 رمضان 1445هـ

(رسالة مواطن)... الحضارة الإسلامية إلى أين؟

 

لقد شهدت الحياة البشرية على مرور الزمن ظهور العديد من الحضارات التي ضبطها التاريخ في هذا الكوكب، ومن أشهرها الحضارة الصينية والإغريقية والفرعونية وآخرها الحضارة الغربية المادية والقائمة حتى وقتنا الحاضر.

وتتوسط هذه الحضارات الحضارة الإسلامية، وتكون ما بين تلك الحضارات التي تقدمتها وبين الحضارة الغربية، وهي من أهم المرتكزات الأساسية والدور الأساس لبناء حركة النهضة الأوروبية وانطلاقاتها.

وتعتبر الحضارة الإسلامية من أرقى وأسمى الحضارات على طول امتداد هذا الزمن، حيث قدمت خدمات جليلة وكبيرة إلى المجتمع البشري من قيم ومبادئ تهدف إلى بناء العمق الإنساني روحيّاً وعقليّاً ونفسيّاً وجسديّاً، كتقويم نمط حياته وسلوكياته وأخلاقياته التي تتسق والفطرة السليمة، وذلك من أجل رفعة مكانه وشأنه وسمو ذاته. وهي الحضارة الوحيدة القائمة ذاتيّاً والتي جمعت بين الروحانية والمادية كالسعي إلى إعمار الأرض واستخراج ما بها من خيرات لإسعاد الحياة البشرية رضاً لله سبحانه وتعالى والإيمان باليوم الآخر.

وتتميز الحضارة الإسلامية عن غيرها بأنها جاءت لكل الأجناس ولكل القوميات بمختلف ثقافاتها، حتى انصهرت جميعها في بوتقة الإسلام وأصبحت الصبغة الأساسية لهم ولدولهم لما تحتويه من جميع مناحي الحياة كالسياسة والاقتصاد والاجتماع والعلوم والآداب وغيرها، واهتمت هذه الحضارة بإصلاح الفرد نفسه أولاً لجعل حياته هادئةً ومستقرة؛ لأنه اللبنة الأساسية لإصلاح المجتمع، وبناء الحضارة وازدهارها وتقدمها، ومن ثم جاء بعد ذلك الخطاب لإصلاح المجتمع من خلال بث روح الترابط والتكافل والتعاون في المجتمع الواحد، والعمل على فعل الخير حتى يصبحوا قادرين على حمل مشعل الحضارة وتبليغها للعالمين.

ولا مجال للشك بأن قوة خصائص ومواصفات هذه الحضارة ترجع إلى المنبع الصافي والزلال الذي ترتوي منه والمؤسس الأول لها ولأركانها وهو خير البشر وأفضلهم على الإطلاق نبي الرحمة محمد بن عبدالله (ص) الذي سطر لنا اروع ملاحم العظمة والسمو في جميع المجالات وعلى الأصعدة المختلفة.

و قد حاول المغرضون الغربيون كثيرا ضرب جوهر الحضارة الإسلامية عقائديا ودينيا وفكريا واخلاقيا عن طريق عملية غسل الأدمغة والتغلغل في الأوساط الإسلامية لإحداث تشويش وارباك في عقيدة الأفراد لإضعاف إيمانهم بالدين وفك الارتباط المتين بالتعاليم الإسلامية رويداً رويدا ليتم إفراغ محتواهم من الشحنات الإيمانية الهائلة لديهم لأدلجتهم بسهولة، والتأثير على أفكارهم وثقافتهم، بل حتى على مستوى أخلاقياتهم.

والشواهد اليوم كثيرة على ما نقول وظهرت بارزة في المجتمعات الإسلامية تحت مصطلحات ومسميات معلبة بقوالب تختلف عن جوهرها ومضمونها، كالمطالبة بإطلاق الحريات بدون ضوابط (...).

من جهة أخرى فقد أقاموا العديد من الأعمال الخبيثة لإشغال المسلمين بأنفسهم من خلال إذكاء الفتنة الطائفية بينهم حتى وصل الأمر إلى أن المسلم يقتل أخاه المسلم على أساس طائفي مقيت.

واستكمالاً لهذه السلسلة الطويلة من الحرب للقضاء على الحضارة الإسلامية العظيمة ووأدها في مكانها، وعدم بروزها وتمددها، فقد ظهر مؤخرا في المجتمعات الغربية مصطلح جديد وهو الاسلاموفوبيا الذي يتم الترويج له عبر أجهزة الإعلام والمنظمات والمؤسسات المجتمعية، في استعداء علني يكشف عن كراهية للإسلام والمسلمين، وتشويه الصورة الحقيقية واستبدالها بالصورة المزيفة عن الاسلام.

والناتج في المحصلة النهائية هو استنزاف الطاقات والموارد البشرية والمادية والمالية، وتحطيم مقدرات ومكتسبات الأمة ما تسبب في حرف البوصلة عما هو أهم للأهداف الأساسية في المساهمة في بناء الحضارة الإسلامية وازدهارها وتقدمها.

لذا يتطلب علينا كمسلمين أن نكون من روافد هذه الحضارة الإسلامية العريقة وبناتها من خلال اتباع التعاليم والقيم الدينية حتى تكون بصماتنا وجهودنا واضحة في ازدهارها وتقدمها وضمان ديمومتها.

السيد عدنان السيدحسين

 


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://alwasatnews.com/news/992309.html