العدد: 5139 | السبت 01 أكتوبر 2016م الموافق 29 ذي الحجة 1437هـ

الشرق الأوسط يشوى على نار هادئة

نشرت صحيفة الأكونوميست البريطانية مقالا خطيرا جديرا بترجمته و قراءته The Economist 6th August, 2016 شبه الكاتب الشرق الاوسط بأنه قطعة لحم تشوى على النار، ودول الهلال الخصيب تشتعل نيرانها بسبب الحروب الطاحنة ويذهب ضحيتها الملايين من البشر الأبرياء، واستعمل الكاتب كلمة infertile وتعني الجدب ضد الخصب.

ينطلق الكاتب في مقاله من ميناء مدينة البصرة ثاني مدن العراق، والمطلة على الخليج، قائلا «حتى 1970 كان مناخ البصرة شبيها بأوروبا الجنوبية -كما يتذكر أستاذ البيئة في البصرة البروفيسور شكري الحسن- هذه المدينة مهمة جيوسياسيا واستراتيجيا واقتصاديا وثقافيا وحضاريا، وقد اهتم بها البريطانيون خلال غزوهم العراق في الحرب العالمية الثانية». كانت مياه شط العرب تروي أكثر من 10 ملايين نخلة في البصرة والأهوار التي تعتبر تمورها من أجود التمور في العالم، ولسوء الحظ بسبب الحروب وتسرب المياه الجوفية من البحر، والتنقيب عن النفط، تحولت هذه المياه العذبة إلى مالحة ومرة، واضطر المزارع العراقي لمغادرة مزارع النخيل، تلك الأراضي الرطبة والبساتين غطتها الأتربة الصحراوية، ودرجة الحرارة وصلت إلى 53.9 درجة وهو رقم قياسي إذا ما قورن بالكويت ووادي الموت في كاليفورنيا.

قدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة بأن المناخ القاسي أودى بحياة 230.000 شخص سنويا في غرب آسيا (وشبه الجزيرة العربية وبلدان الهلال الخصيب) وأن المناخ قتل أكثر من ضحايا الحرب الدائرة رحاها في الشرق الاوسط.

وأضافت المجلة أنه لا يوجد لدى هذه الدول آليات كافية لمواجهة تلك التحديات البيئية والكوارث، وقد اعتبرت الأمم المتحدة في تقريرها أن نسبة إمدادات المياه قد أضعفت ثلثي سكان شبه الجزيرة العربية، ودول الهلال الخصيب، واعتبرته غير كاف لحاجيات شعوبها، وقدر الكاتب أن مياه صنعاء سينضب في العام 2019 أو قبل ذلك.

وبالعودة إلى البصرة يقول الكاتب «العراق بالإضافة إلى رداءة المناخ وحرارته، فإن الشعب العراقي يعاني من أزمة الطاقة الكهربائية التي تنقطع في كل لحظة». وقال إن نسبة اللاجئين في الشرق الأوسط بلغ 39 في المئة أكثر من أي منطقة في العالم، حيث مئات الآلاف يعيشون في مدن من خيام، وقد نسبت معظم تلك الأزمات إلى صنع الإنسان نفسه.

بحيرات الري قد جفت، وتحول البحر إلى مستنقعات، ونسبة مياه البحر الميت تنخفض مترا واحدا في كل سنة، النفط حول أكثر الخليجيين إلى ثروة خيالية لا يحسدون عليها، البحرين مثل هذه الدول التي عانت وتعاني من أزمات ايكولوجية، فحسب التوقعات فإن نسبة ارتفاع منسوب المياه يغرق البحرين بنسبة 5 في المئة الى 11 في المئة بحلول نهاية القرن الحالي.

من الازمات التي تعاني منها مناطق الشرق الاوسط هي الحروب وهجرة القرويين الى المدن، وكذلك التصحر والعواصف الرملية، ومخلفات الحروب من إشعاعات نووية وغيرها في الهواء، في خضم هذه الحروب الطاحنة، توقفت الشعوب عن القيام بأي عمل مضاد، حتى عن زرع الأشجار!

ويضيف الكاتب -لرفع معاناة حر الصيف والعراق عمدت الدول الغنية إلى بناء بيئات صناعية- في الكويت على سبيل المثال سجلت درجة الحرارة أعلى من مدينة البصرة، لذا تلجأ الناس الى المجمعات التجارية ذات التكييف العالي، في هذا السياق قال إن الأراضي المستصلحة من البحر تفوق معدلها من ارتفاع نسبة البحر بسبب هذه المناخات الحارة، والملايين تهاجر الى الشمال».

أود أن أنوه بأن بلدان الهلال الخصيب أو مهد الحضارات هي: العراق وسورية ولبنان وفلسطين والأردن، وقد اطلق المصطلح على هذه الاراضي الاركولوجي الأميركي من جامعة شيكاغو هنري برستد في كتابه المدرسي «الخطوط العريضة لتاريخ أوروبا»؛ نظرا لموقعها الاستراتيجي والجيوسياسي، ويسهل الاستيلاء على ثرواتها الطبيعية وخلق كيان صهيوني في قلب الأمة العربية والاسلامية، وجعل شعوبها تتقاتل فيما بينها إلى ما لا نهاية، كما نشاهد ضراوة القتل والتدمير لهذا الهلال الغني بثروته المائية، وخصوبة تربته ونفطه. والأهم العقليات البشرية من علماء على جميع الأصعدة التي يحتاج لها الإنسان.

علوي محسن الخباز


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/1164759.html