العدد: 2516 | الأحد 26 يوليو 2009م الموافق 03 شعبان 1430هـ

إجراءات بسيطة تكفي للوقاية من المرض

«انفلونزا الخنازير» تجتاح الأرض من الشمال إلى الجنوب

«انفلونزا الخنازير» تجتاح الأرض من الشمال إلى الجنوب

في الوقت الذي يسجل فيه تصاعد كبير في وتيرة الإصابات بفيروس أي (إتش1 إن1) المسبب لانفلونزا الخنازير في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية مستفيدا من فصل الشتاء في هذه المناطق، يستعد النصف الشمالي لتلقي الصدمة الجديدة التي سيسببها هذا الفيروس مع عودة فصل الشتاء إليه خلال أشهر قليلة.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، «فقد أصيب مئات آلاف الأشخاص بالفيروس، ووصل عدد الوفيات من جرائه إلى 800، وهو فيروس يمزج بين جينات انفلونزا الخنازير والطيور والبشر. وأعلن عنه للمرة الأولى في آخر مارس/ آذار من العام الجاري في المكسيك».

وتضيف المنظمة أيضا أنه منذ تلك الفترة «انتشر الفيروس بسرعة غير مسبوقة»، وقريبا سيكون قد استوطن في كل بلدان العالم، فيما «لايزال عدد كبير من الأسئلة بانتظار أجوبة شافية».

ويستشري هذا الفيروس في النصف الجنوبي حاليا والذي يمر في فصل الشتاء، فيما لايزال يسجل الإصابات في النصف الشمالي متحديا درجات الحرارة الدافئة. وانتقلت العدوى في الأسبوع الماضي وحده إلى مئة ألف شخص في انجلترا، ويوازي هذا العدد ضعف إصابات الأسبوع الذي سبقه.

وقال الناطق باسم المنظمة، غريغوري هارتل: «لم نختبر بعد هذا الفيروس في الشتاء بما أنه ظهر في شهر مارس، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف سيكون الفيروس في الشتاء؟ وهذا ما لا نعرفه بعد».

وحتى الآن «يشفى غالبية المرضى من دون أي علاج طبي حتى بعد أسبوع من ظهور العوارض الأولى»، إلا أن خبراء منظمة الصحة العالمية يخشون من تحول الفيروس ليصبح أكثر شراسة، لذلك طلبوا من السلطات الصحية إبلاغهم عن أي عارض غير «مألوف».

وأشار الناطق باسم المنظمة إلى أنه حتى الآن «لم يرصد أي تغير في سلوك الفيروس، كل ما نشهده هو توسع جغرافي ليس إلا».

ويسود القلق الآن النصف الشمالي من الأرض، علما بأن اللقاح سيكون متوافرا ابتداء من سبتمبر/ أيلول أو أكتوبر/ تشرين الأول. إلا أن السلطات الصحية تتخوف من وصول اللقاح بعد فوات الأوان، كما أنها لاتزال تجهل ما إذا كانت جرعة واحدة ستكون كافية لتأمين المناعة ضد الفيروس أم أن الحاجة تدعو إلى جرعتين.

وتسجل غالبية الإصابات لدى الأطفال والشبان، إلا أن المنظمة لم تتوصل بعد لأي حقائق مثبتة في هذا الشأن. ويقول هارتل في هذا الإطار «كل ما لدينا هو افتراضات، فيسهل على الفيروس الانتشار في المدارس مثلا».

وكان قد أعلن رسميا في 11 يونيو/ حزيران الماضي، أن العالم الآن يشهد الجائحة الأولى في القرن الحادي والعشرين، ومنذ نحو شهر ونصف الشهر زعزع الفيروس حياة مليون شخص.

وبدأ سكان أميركا الجنوبية من جهتهم بتجنب العناق الحار المعهود لديهم، كما تعلق مباريات كرة القدم أو تجرى من دون حضور الجمهور. أما في أروقة الأمم المتحدة فالمصافحة باليد تقتصر على السفراء دون سواهم. وفي الكنائس، يمنع حاليا التبرك بالمياه المقدسة، كما طلبت السلطات الكنسية الانغليكانية عدم تقديم الكأس للمصلين أثناء المناولة.

وحتى الإجراءات الصحية تتغير، ففي انجلترا مثلا بات الحصول على وصفة طبية لشراء الـ «تاميفلو» ممكنا بمجرد الاتصال هاتفيا أو النقر على فأرة الحاسوب.

وتكفي بعض الوقاية والممارسات البسيطة لوقف انتشار فيروس انفلونزا الخنازير وإنقاذ الكثير من الأرواح، كما تنصح الهيئات المعنية بالصحة. وتفيد الكثير من هذه الممارسات في الوقاية من الرشح الموسمي الذي يتسبب سنويا بوفاة نحو 500 ألف شخص في العالم.

وقال ريتشارد بيسير، من المعهد الأميركي لمراقبة الأمراض، إن «غسل اليدين واستخدام المحاليل الهلامية الكحولية (الجل) يمكن أن تقلل من انتشار الفيروس». واكتساب هذه العادة الأساسية للنظافة، من شأنه كذلك أن يقي كثيرين من التهابات الأمعاء التي تصيب سنويا ملايين الأشخاص في أوروبا وحدها.

وينبغي أن يستغرق غسل اليدين بالصابون ثلاثين ثانية على الأقل، مع الحرص على تمرير الصابون بين الأصابع وتنشيف اليدين بمنشفة جافة وليست رطبة، أو بمنديل ورقي يمكن استخدامه لغلق صنبور الماء وإعادة فتح باب الحمامات العامة.

وقال البروفسور ديديه حسين من وزارة الصحة الفرنسية إن «الحرص على غسل اليدين يمكن أن يتيح منع فيروس موجود على الطاولة من الانتقال إلى فمنا وجهازنا التنفسي».

ولخفض انتشار الفيروس، ينبغي لدى العطس، أن يغطي الشخص فمه، «ولكن ليس بيده، وإنما بذراعه»، كما يقول بيسير. لأن تغطية الفم باليد يعني أن ننقل كل الجراثيم الموجودة لدينا إلى كل ما نلمسه.

ويشكل تنظيف الأنف والعطس والبصق والسعال، وسائل عالية الخطورة لنقل الفيروس. والأفضل أن يغطي الشخص الذي يسعل فمه بمنديل ورقي يقوم برميه فورا ثم بغسل يديه. وينبغي رمي المناديل المتسخة في سلة فيها كيس ومغطاة.

وفي ظل انتشار وبائي، ولتفادي نقل العدوى إلى الآخرين والى الشخص نفسه، يفضل تجنب الاحتكاك الجسدي بالآخرين، مثل تقبيل الآخرين أو المصافحة بالأيدي، كما يقول الاختصاصي الفرنسي في الأمراض المعدية، ديديه راولت. ولذلك ينبغي في حال عدم وضع كمامة على الفم، الاحتفاظ بمسافة مترين كحد أدنى بين الأشخاص، كما تؤكد الهيئات الصحية.

وتنصح هذه الهيئات بأداء التحية بانحناءة من الرأس بدلا من المصافحة التي تنقل الكثير من الجراثيم. كما تنصح بتهوية أماكن العمل والمواظبة بصورة متكررة على تعقيم مقابض الأبواب وصنابير المياه وأيدي وزجاجات نظارات القراءة، والهواتف، ولوحة مفاتيح الكمبيوتر.

كما ينبغي أن يبقى كل شخص تظهر لديه أعراض الرشح، مثل الحرارة ووجع الرأس وآلام العضلات، في المنزل. كذلك ينبغي أن يضع كل شخص مصاب بالرشح كمامة تستخدم مرة واحدة لمنع انتشار رذاذ أو بخار السعال أو العطس من حواليه.

وقال حسين: «ننصح كل المرضى بارتداء كمامات للتخفيف من انتشار الوباء»، مضيفا أن الكمامات التي يستخدمها الجراحون تكفي لمنع انتشار رذاذ العطس، لكن ينبغي تغييرها كل أربع ساعات. وقامت فرنسا بتخزين مليار من هذه الكمامات.

وهناك كمامات حماية خاصة للكادر الصحي الذين يحتكون مباشرة مع الأشخاص المصابين بالفيروس مثل رجال الإسعاف والعاملين في المطاعم، لكن المشكلة أن الناس لايزالون يترددون في ارتداء الكمامات لدى الإصابة بالرشح الموسمي.

الرياض - إيرين

حج نحو ثلاثة ملايين شخص إلى مكة خلال موسم الحج في العام 2008. وبدأت السلطات الصحية باتخاذ إجراءات وقائية للحد من انتشار انفلونزا الخنازير خلال موسم الحج للعام الجاري، بينما يستعد ملايين المسلمين من جميع أنحاء العالم للتوجه إلى مكة في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل لأداء فريضة الحج، يتزايد القلق من أن يتسبب مثل هذا التجمع الغفير للحجاج في تسهيل انتشار فيروس (إتش 1 إن 1)، المعروف باسم انفلونزا الخنازير بينهم.

وإلى جانب موسم الحج، هناك أيضا نحو مليوني معتمر يتقاطرون على مكة خلال العام لأداء مناسك العمرة والذين يزداد عددهم بشكل أكبر خلال شهر رمضان المبارك.

ونظمت السعودية ورشة عمل في أواخر شهر يونيو/ حزيران الماضي لمناقشة احتمال انتشار الوباء خلال موسم الحج والعمرة وأوصت كل الدول بتأجيل فريضة الحج لهذا العام بالنسبة لكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة والأطفال والنساء الحوامل. وتطرقت ورشة العمل هذه للعادات الصحية اللازم اتباعها للحد من مخاطر انتشار عدوى «إتش 1 إن 1» مثل غسل اليدين بالماء والصابون وتغطية الأنف والفم عند العطس والسعال وارتداء الأقنعة الواقية عند زيارة الأماكن المزدحمة.

ووفقا لتحديث منظمة الصحة العالمية الأخير الصادر في 6 يوليو/ تموز الجاري بخصوص انتشار المرض، بلغ عدد الحالات في منطقة الشرق الأوسط إلى 1111 حالة من دون حدوث أية وفاة.


الإجراءات الاحترازية في المنطقة

في غضون ذلك، بدأت عدد من دول المنطقة اتخاذ إجراءات احترازية للحد من انتشار فيروس «إتش 1 إن 1» خلال وبعد فترة الحج:

ففي البحرين، دعا رئيس بعثة الحج الطبية في وزارة الصحة علي البقارة الراغبين في الحج هذا العام إلى تأجيل أداء الفريضة خصوصا بالنسبة النساء الحوامل والأطفال وكبار السن ممن هم فوق 60 عاما والمصابين بأمراض وراثية أو مزمنة.

أما في الكويت، فقد كشف رئيس بعثة الحج الطبية ووكيل وزارة الصحة المساعد للشئون الفنية خالد السهلاوي أنه في حال توافر لقاح للفيروس في البلاد في أوائل شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل فإن أولوية التطعيم ستكون للحجاج.

وفي مصر حذر وزير الصحة حاتم الجبالي الشهر الماضي من احتمال فرض حجر صحي على الحجاج المصريين فور عودتهم من الحج.

وفي 6 يوليو الجاري، أصدرت سلطنة عُمان قرارا بمنع الأطفال والمسنين من السفر إلى السعودية لأداء مناسك العمرة بسبب مخاوف من العدوى، حسب بيان صادر عن وزارة الصحة. ولم توضح الوزارة ما إذا كان هذا الحظر سيشمل فترة الحج أيضا.

كما قال نائب رئيس لجنة الحج بقطر جاسم الكبيسي لصحيفة «جلف تايمز» في 11 يوليو إن أعضاء اللجنة سيجتمعون قريبا لمناقشة كيفية التعامل مع موسم الحج والعمرة هذا العام وإصدار قرارات بهذا الشأن.

أما في السعودية، فقد كشف وكيل وزارة الصحة المساعد للطب الوقائي زياد ميمش عن تجهيز مرفق للحجر الصحي في صالات القدوم بالمطار لعزل الحجاج والمعتمرين الذين تبدو عليهم أعراض الإصابة بفيروس «إتش 1 إن 1» المسبب لانفلونزا الخنازير.

وفي الإمارات العربية المتحدة، أوضح مدير عام وزارة الصحة ورئيس اللجنة الصحية الفنية لمواجهة مرض انفلونزا الخنازير علي أحمد بن شكر، أن الوزارة ستطلق خلال الأيام المقبلة حملة توعية ضد الفيروس لصالح الراغبين في أداء الحج والعمرة هذا العام. كما أفاد بن شكر أن الوزارة بصدد التنسيق مع الهيئة العامة للشئون الإسلامية لتعبئة الوعاظ والأئمة من أجل إرشاد الناس خلال خطبة الجمعة وتوعيتهم بسبل الحيلولة دون إصابتهم بالفيروس.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/174313.html