العدد: 152 | الثلثاء 04 فبراير 2003م الموافق 02 ذي الحجة 1423هـ

مخاوف فرنسية روسية من خطط أميركية لالتهام غنائم الخليج

تصاعدت المخاوف الفرنسية والروسية من الخطط الاميركية لتعظيم مكاسب الشركات الاميركية من كعكة النفط العراقى وإبعادهما عن الغنائم المتوقعة في مرحلة ما بعد الرئيس صدام حسين في الوقت الذي تتزايد فيه احتمالات توجيه ضربة اميركية للعراق ومساعي واشنطن لتغيير خريطة إنتاج النفط في العالم لخدمة مصالحها الاقتصادية.

وقال خبراء نفطيون فرنسيون وروس إن التهديدات الاميركية بشن حرب ضد العراق تستهدف النفط العراقي وزيادة نصيب الشركات الاميركية في مرحلة إعمار وتأهيل المنشآت النفطية العراقية.

وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة (تيومن) الروسية للنفط سيمون كيوكيز أن الاميركيين يلهثون وراء النفط العراقي ويعملون على زيادة نصيبهم من الكعكة النفطية على حساب الدول الأخرى التى لديها مصالح في العراق... مشيرا الى أن الشركات الروسية - وفق الخطط الاميركية - ليست لها فرصة مواتية لتحقيق مكاسب بسوق النفط العراقية. وفي السياق نفسه قال خبراء نفطيون بشركة (توتال) الفرنسية إن الحرب المحتملة والتي تقف وراءها واشنطن بقوة تستهدف النفط العراقي مشيرين الى أن المنشآت النفطية العراقية ستحتاج الى ضخ استثمارات هائلة لإعادة تأهيل العراق باعتباره لاعبا أساسيا في سوق النفط العالمية.

وتتزايد المخاوف الروسية خشية التدخل الأميركي المتعمد لخفض أسعار النفط بعد عودة العراق - الذي يعتبر ثاني أكبر احتياط نفطي في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) بعد المملكة العربية السعودية - لأن تلك الخطوة ستضر بالاقتصاد الروسي الذي يعتمد بصفة أساسية على صادرات النفط.

وأشارت دراسة أجراها مجلس العلاقات الخارجية الأميركي بالتعاون مع معهد جيمس بيكر للسياسة العامة الى أن عودة العراق الى معدل إنتاجه السابق من النفط والذي كان سائدا العام 1990 يستلزم ضخ استثمارات تقدر بنحو خمسة مليارات دولار على الأقل لإعادة تأهيل منشآت النفط العراقية المتداعية.

وفي الوقت نفسه... أوضحت مؤسسات نفطية أميركية أن مضاعفة الإنتاج العراقي من النفط - والذي يبلغ حاليا حوالي 2,8 مليون برميل يوميا - تحتاج الى أموال ضخمة تقدر بنحو 40 مليار دولار.

وترى الشركات الفرنسية والروسية أن الشركات النفطية الاميركية ستحصل على نصيب الأسد في السوق النفطية العراقية ولاسيما في مجال الخدمات النفطية والتي ستكون تحت السيطرة الاميركية حال انتصار واشنطن في الحرب المحتملة ضد العراق.

وستشعرالشركات البترولية الاميركية مثل (هاليبتون) و(بيكر هوفيز) و(بكتل جروب) بانتصار قوي لا يقل عن الفخرالذي ستشعر به القوات الاميركية حال انتصارها في الحرب المحتملة بالخليج العربي لأنها ترى أن المنافسة الحامية من جانب الشركات الروسية والفرنسية والصينية بشأن إعادة تأهيل مؤسسات النفط العراقية ستحسم لصالحها في تلك الحال.

ورسم مركزالدراسات الدولية والاستراتيجية الأميركي سيناريوهين للأوضاع النفطية العراقية حال اندلاع الحرب في الخليج في ضوء اهتمام الشركات الاميركية المتزايد بالحصول على نصيب الأسد من عقود إعادة تأهيل البنية التحتية النفطية بالعراق بعد الحرب المحتملة. ويتمثل السيناريو الأول في نجاح الولايات المتحدة في تحقيق انتصار سريع وانهيار المقاومة العراقية في غضون أسابيع. ووفقا للسيناريو الأول ستظل آبار النفط العراقية سليمة إذ لن ينجح الرئيس صدام حسين في إحراقها في الوقت الذي سيتوقف إنتاج النفط الخام العراقي لمدة ثلاثة أشهر يتم بعدها استئناف الانتاج ببطء وبكميات أقل من المعدل الحالي.

وستصل كلفة إعادة تأهيل البنية النفطية العراقية وفق هذا السيناريو إلى حوالي خمسة مليارات دولار وتنفذ خلال عامين.

ويتوقع أنصارالسيناريو الأول ارتفاع أسعارالنفط خلال فترة الحرب وخلال الأشهر الثلاثة التي تليها الى نحو 36 دولارا للبرميل الواحد... إلا أنهم توقعوا انخفاض سعرالبرميل الى 20 دولارا بحلول الربع الثالث من العام 2004. ويتمثل السيناريو الثاني للحرب المحتملة بالخليج في استمرار الحرب المحتملة لمدة طويلة بفضل المقاومة القوية من جانب العراقيين واتساع نطاق المواجهات لتشمل تورط (إسرائيل) في الحرب.

ووفقا لهذا السيناريو فإن الرئيس صدام حسين سيتمكن من تخريب آبارالنفط العراقية لإحداث ازمة في سوق النفط العالمية نتيجة التناقص الحاد في المعروض النفطي في تلك الحال. ويتوقع أنصار هذا السيناريو ارتفاع كلفة إعادة تأهيل وتشغيل البنية النفطية العراقية حوالي 20 مليار دولار وتنفيذها على مدار سنوات عديدة... مشيرين الى أن الولايات المتحدة ستضطر إلى استهلاك جزء من احتياطاتها النفطية الاستراتيجية لمواجهة الفجوة الواسعة في العرض والطلب بالسوق العالمية إذ سترتفع أسعارالنفط الى حوالي 80 دولارا للبرميل الواحد إلا أنها ستهبط الى 40 دولارا للبرميل الواحد بحلول العام 2004. ويشير خبراء اقتصاديون في وول ستريت إلى أن شركات النفط الاميركية عقدت فعلا عدة اجتماعات مع إدارة الرئيس جورج بوش بشأن كيفية إعمار المنشآت النفطية العراقية في ضوء المنافسة من جانب شركات أوروبية وروسية للحصول على نصيب من الكعكة النفطية بالعراق ولاسيما أن العراق يحتل المرتبة الثانية فيما يتعلق بالاحتياط النفطي. ويرى الخبراء أن قضية إعادة تأهيل البنية التحتية لصناعة النفط العراقية - على رغم عدم إثارتها بصورة علنية - تشغل بال الجميع في المناطق الممتدة من الشرق الأوسط حتى واشنطن وهيوستن بالولايات المتحدة.

وتشير الاحصاءات الى أن احتياط العراق من النفط يقدر بنحو 113 مليار برميل... إلا أن مصادر اميركية ترى أن الاحتياط يقارب 200 مليار برميل.

وعلى رغم الاحتياط النفطي الضخم فان الإنتاج العراقي من النفط يبلغ 2,8 مليون برميل يوميا بمقتضى برنامج النفط مقابل الغذاء مقابل ثمانية ملايين برميل يوميا للمملكة العربية السعودية.

وقال خبير الطاقة ببنك (أوف أميركا) تايلر دان إن العراق يمكنه زيادة إنتاجه من النفط الى خمسة ملايين برميل يوميا حال إعادة نجاح منشآته النفطية المتهالكة...

إلا أنه أوضح أن تلك الزيادة في الإنتاج تحتاج الى خمس سنوات أخرى. وأضاف دان أنه لا يمكن تجاهل العراق عند رسم خريطة العالم النفطية لأن النفط يدخل ضمن أولويات استراتيجية الطاقة الاميركية... موضحا أن العراق يعتبر من اللاعبين الرئيسيين في سوق النفط العالمية. وأشار محللون اقتصاديون بـ (دويتش بنك) الى أن شركات أجنبية عديدة تتنافس حاليا على الفوز بعقود إعادة تأهيل البنية التحتية لصناعة النفط العراقية، منها شركات متعددة جنسيات مثل (شلومبرجر) و(هاليبورتون) و(بيكرهوفيس) و(بي شي سرفيس) و(ويزردفورد). ومن ناحية أخرى... تتنافس شركات عملاقة أخرى مثل (أكسون موبيل) و(شيفرين تكساكو) الاميركيتين و(توتال) الفرنسية و(شل) الهولندية و(بريتش بتروليوم)على إدارة وتنمية الاحتياطات النفطية العراقية. وقال تايلر دان إن إعادة بناء المنشآت النفطية العراقية وخطوط أنابيب التصدير والحقول ينبغى أن تأخذ الأولوية من جانب الشركات العالمية... مشيرا الى أن الحسابات الدولية ستتعقد حال قيام الرئيس العراقي صدام حسين بمهاجمة آبار النفط كما فعل أثناء حرب تحريرالكويت العام 1991. وتوقع خبير شئون النفط بمؤسسة بي اف سي للطاقة - التي تتخذ من واشنطن مقرا لها - جورج برانك تشكيل اتحاد مكون من عدة شركات دولية لإعادة تأهيل وبناء البنية التحتية النفطية بالعراق... مشيرا الى أن الشركات الكبرى ستحصل على عقود ضخمة تقدر بمليارات الدولارات. ويحذر محللون اقتصاديون أميركيون من مخاطر التسرع في توزيع عقود النفط وخصوصا بالنسبة إلى الشركات التابعة لدول تتخذ مواقف معارضة للعراق خشية إثارة رد الفعل الشعبي بالعراق.

وأوضح المحللون أن العقود التي أبرمتها الحكومة العراقية مع شركات نفطية أخرى لتطوير عدد من حقوله النفطية تمثل تحديا للشركات الاميركية... مشيرين الى أن الرئيس صدام حسين وقع عقودا تبلغ قيمتها حوالي 38 مليار دولار لعدد من الشركات الروسية والصينية مكافأة لها لموقف البلدين المساند للعراق في مواجهة الحملة الاميركية


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/195458.html