العدد: 1673 | الخميس 05 أبريل 2007م الموافق 17 ربيع الاول 1428هـ

باكستان... جدل بشأن تعيين أول هندوسي «كبيرا للقضاة»

أثار تعيين أول هندوسي في منصب كبير قضاة باكستان خلفا لـ «افتخار محمد شودري» الانقسام داخل الجهات الدينية الرسمية؛ ليعمق الأزمة بين المحامين والسلطة التي فجرتها إقالة شودري قبل أسبوعين.

وأدى القاضي رانا بهاجان (الهندوسي) اليمين السبت 24 مارس/ آذار 2007 رئيسا للمحكمة العليا الباكستانية (كبير القضاة)؛ ليكون بذلك أول قاضٍ هندوسي وثاني قاضٍ غير مسلم يتولى هذا المنصب الرفيع.

وأبدى رئيس لجنة الشئون الإسلامية بالبرلمان، النائب «مولانا سامول حاك» اعتراضه الشديد على تعيين هندوسي في هذا المنصب، وقال في تصريحات لـ «إسلام أون لاين.نت»: «طبقا لتعاليم الشريعة الإسلامية، فلا يجوز لغير المسلم أن يكون رئيسا للقضاة في أية دولة إسلامية».

وتساءل في دهشة «كيف يمكن لمن ليس لديه عقيدة غير إسلامية أن يحلف اليمين أمام الرئيس وأعضاء الحكومة، كيف يقسم باسم الله والقرآن؟!»، وشدّد على حتمية أن يكون القاضي مسلما، وحذر من أن وجود قاضٍ للقضاة غير مسلم سيثير خلافات بينه وبين قاضي الاستئناف الشرعي الذي يعمل تحت سلطته.

شروط لا بد منها

وبلهجة يعلوها الاستغراب تحدث سامول موضحا «قاضي القضاة بدوره يرأس المحكمة التي تصدر أحكامها بناء على مبادئ الشريعة الإسلامية، فكيف يكون غير المسلم الذي لا يؤمن بالقرآن والسنة رئيسا لمحكمة الشريعة»، واستطرد «باكستان دولة مسلمة، ودستورها نص صراحة على أن القانون يستند على تفسير آيات القرآن وأحاديث السنة، إذا كيف يتسنى لغير المسلم تفسير القرآن والسنة عند الحكم في قضية ما».

ومن جانبه، أصرَّ مفتي محمد نعيم رئيس جامعة بنوريه الدولية الباكستانية في حديث لـ «إسلام أون لاين.نت»، أنه ما دامت الدولة تطبق الشريعة الإسلامية، فهناك شروط ينبغي توافرها فيمن يتولى قاضي القضاة، وتابع «غير المسلم لا يصح توليه منصب قاضي القضاة في بلد مسلم».

وأضاف «ينبغي أن يكون القاضي على علم بالقرآن والسنة، وإذا لم يتوافر فيه ذلك فكيف يستطيع غير المسلم إصدار حكم قائم على القرآن والسنة، حتى المسلم إذا لم يتوافر فيه شرط فهم القرآن والسنة واستنباط الأحكام منهما، فلا يمكنه تولي هذا المنصب»، واستطرد: «من الممكن أن يكون غير المسلم قاضيا للقضاة، لكن في دولة لا تحكم وفقا للشريعة الإسلامية».

كما صرح عدد من العلماء وطلبة العلم الباكستانيين أنه حتى مجرد فهم القرآن والسنة لا يكفيان لتولي هذا المنصب الرفيع، مشترطين أن تتوافر عدد من الشروط المهمة، أهمها «السمعة الحسنة والأمانة والكرامة»، مؤكدين أنه «إذا كانت لدى القاضي ملكة الاستنباط من القرآن والسنة، لكن انعدمت فيه تلك الصفات أو بعضها، فلا يصلح أن يكون قاضيا».

ليس من الضروري

وعلى الجانب الآخر، يرى النائب البرلماني عن تحالف الأحزاب الإسلامية الستة المسمى بـ»مجلس العمل المتحد» القاضي حسين أحمد أنه «ليس من الضروري» أن يكون قاضي القضاة مسلما ما دام يوجد بالدولة أكثر من ديانة.

وصرح لـ «إسلام أون لاين.نت»: «صحيح أن باكستان دولة مسلمة، لكنها لا تطبق الشريعة في جميع مناحي الحياة؛ لذا فليس شرطا أن يكون قاضي قضاة باكستان مسلما»، وتابع بلهجة يميزها اللوم «من يعارضون تولي قاضي غير مسلم لهذا المنصب، عليهم أولا أن يمعنوا النظر ويروا كم من أحكام الشريعة الإسلامية لا يتم تطبيقها في باكستان».

وأوضح «على سبيل المثال، الربا حرام في الإسلام، لكن المجتمع الباكستاني صار لا يستغني عنه في الصناعة البنكية، حتى إن الدستور قنّنه وجعله وكأنه أمر مباح».

وفي السياق ذاته، صرّح قاضي قضاة باكستان الأسبق سعيد صدقي لمراسل إسلام أون لاين، «لا يوجد بالدستور ما يمنع تولي غير المسلم ذلك المنصب. فالتعديلات الدستورية التي أدخلت العام 1973 لم تمنع غير المسلم من تولي منصب قاضي القضاة. وينص دستور العام 1973م، على أن يكون رئيس الدولة ورئيس الوزراء مسلمين، بينما لم يشترط هذا الشرط لأي منصب آخر».

ليس بمفرده

وأوضح صدقي أن محكمة الاستئناف القائمة على الشريعة تضم 3 قضاة منصة وعالمين شرعيين، وليس من الضروري أن يجلس قاضي القضاة على منصة المحكمة، وتابع «من الممكن أن يجلس أبرز قاضٍ بعد كبير القضاة على المنصة».

من ناحية أخرى، انتقد عدد من القضاة الجدل الدائر بشأن تعيين شخص غير مسلم في منصب قاضي القضاة، مؤكدين أن هذه ليست المرة الأولى التي يتولى فيها شخص غير مسلم هذا المنصب، مشيرين إلى أنه في الستينات من القرن الماضي شغل مسيحي هذا المنصب. كما اعتبروا أن عدم إدراكه لأحكام الشريعة الإسلامية ليس عائقا فهو لا يصدر الأحكام بمفرده.

وكان الرئيس الباكستاني برويز مشرف قد أصدر قرارا الجمعة 9 مارس/ آذار 2007 بوقف إفتخار محمد شودري قاضي قضاة باكستان عن العمل بتهمة إساءة استخدام السلطة وتمت إحالته للمحاكمة.

وأثار قرار إقالة شودري، المعروف بأنه لا يهاب مواجهة السلطة، موجة غضب بين المحامين، كما وحدت في الوقت نفسه المعارضة ضد مشرف. كما أثار شكوكا من أن مشرف يخشى من معارضة شودري لأي تحرك من قبل الرئيس لاستعادة منصبه كقائد للجيش والذي من المقرر أن يتخلى عنه في وقت لاحق هذا العام. وتمثل نسبة الهندوس أقل من 2 في المئة في باكستان التي يبلغ عدد سكانها 160 مليون نسمة.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/224648.html