العدد: 1799 | الخميس 09 أغسطس 2007م الموافق 25 رجب 1428هـ
أما أنا فأسرق بصراحة
عبارة أطلقها كاليجولا... كاليجولا هو الأمبراطور الروماني الذي يعد من أشهر طغاة التاريخ الإنساني المعروف بجشعه، وله صلة قرابة من ناحية الأم كما يروي ول ديورانت في قصة الحضارة للامبراطور الأشهر نيرون الذي أحرق روما.
اسم كاليجولا الحقيقي هو (جايوس) وتولى حكم روما منذ العام 37 الى 41 ميلاديا، إذ ولد كاليجولا في انتيوم، وتربى ونشأ في بيت ملكي، وتمت تربيته بين العسكر اعدادا له للحكم وأطلقوا عليه هذا الاسم «كاليجولا» ومعناه «الحذاء الروماني» سخرية منه في صغره، وظل يحمل الاسم حتى مصرعه.
ويجمع علماء النفس والمؤرخون على تفسير سلوكه المستبد بأنه ناتج عن طفولة قاسية بجانب اضطراب نفسي يشخص بجنون العظمة، إذ كان يتلاعب بمشاعر حاشيته أصحاب العقول الصغيرة الذين افسدوه وجعلوه يتمادى في ظلمه وقسوته بصمتهم وجبنهم وهتافهم له في كل ما يقوم به، خوفا من بطشه، وطمعا في المزيد من المكاسب من وراء نفاقهم له.
كان يرى انه طالما اعترف بسرقته فهذا من المباح إذ أجبر كل اشراف روما وافراد الامبراطورية الاثرياء على حرمان ورثتهم من الميراث وكتابة وصية بأن تؤول املاكهم الى خزانة روما بعد وفاتهم، وطبعا خزائن «كاليجولا» إذ إنه كان يعتبر نفسه روما، فكان كلما احتاج الى المال لجأ إلى القضاء على من يملك أكثر حتى ينال ارثه سريعا من دون الحاجة إلى انتظار الامر الالهي!
واندفع الجشع بعد ذلك به الى فرض الضرائب على كل شيء، وعلى كل الإجراءات القضائية، حتى الحمالين فرض عليهم ضريبة 12 في المئة من أجورهم، والأغرب من ذلك أنه فرض حتى على العاهرات ضريبة تعادل مقدار ما تناله الواحدة منهن في كل لقاء تستمر حتى بعد توبتهن.
وكان يبرر ذلك بعبارة شهيرة جدا «أما أنا فاسرق بصراحة» وهي عبارة يتبعها الكثيرون اليوم من اللصوص الكبار الذين يسرقون في وضح النهار.
ومن المضحكات المبكيات في سيرة كاليجولا ما قام به عندما اراد ان يشعر بقوته وان كل امور الحياة بيديه ورأى ان تاريخ حكمه يخلو من المجاعات والاوبئة وهكذا لن تتذكره الاجيال المقبلة، فأحدث بنفسه مجاعة في روما عندما اغلق مخازن الغلال مستمتعا بأنه يستطيع ان يجعل كارثة تحل بروما ويجعلها تقف ايضا بمكرمة منه، فمكث يستلذ برؤية اهل روما يتعذبون بالجوع وهو يغلق مخازن الغلال في حين كانت زوجته ترتدى أثوابا لا يقل ثمن الثوب الواحد عن مئتي ألف دولار، إضافة إلى عقد اللؤلؤ الذى كان يبلغ ثلالثة ملايين وخمسمئة ألف دولار.
حتى جاءت لحظة النهاية عندما قام باستحقار اعضاء مجلس الشيوخ ومعاملتهم معاملة الحيوانات، وهم الذين كانوا يساعدونه يوما ما لمصالحهم الشخصية، فهم أول من انقلب عليه عند المساس بمصالحهم، وكانت النهاية بالاساءة الى ضابط حرسه الذي ثار وصرخ في كاليجولا والاعضاء واعلن الثأر لشرفه وصاح في اعضاء المجلس «إلى متي يا اشراف روما نظل خاضعين لجبروت كاليجولا» وصرخ «يا اشراف روما افعلوا مثلي استردوا شرفكم المهان» فقامت المعركة وتجمع الاعضاء وأعوان كاليجولا الغاضبين عليه فقتلوه.
علي العرادي
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/246384.html