العدد: 1868 | الأربعاء 17 أكتوبر 2007م الموافق 05 شوال 1428هـ
القادمة من الرفاع لا ترى حرجا في التعامل مع 39 رجلا بالقضيبية
كيف تبدو لطيفة في عيون البحرينيات؟
لا تجد العضوة الوحيدة في البرلمان لطيفة القعود القادمة من الرفاع حرجا من العمل مع 39 نائبا رجلا في المجلس النيابي في مؤشر يعكس تطور الحراك الاجتماعي في البحرين، وهو مشهد لم يتقبله الخليجيون في بلدانهم حتى الآن.
وعلى رغم فوزها بالتزكية عن مقعد «سادسة الجنوبية» فيشفع للقعود أنها خاضت جولة صعبة المراس وكادت تختطف المقعد النيابي مبكرا في 2002 لولا أن في المقابل شخصية دينية مؤثرة في محيطها الاجتماعي، إذ شاءت الأقدار أن يكون الشيخ السلفي جاسم السعيدي بدلا عن لطيفة، ولكنها أدارت اللعبة بحرفية في 2006، وحققت بوصولها إنجازا إقليميا كأول سيدة خليجية تدخل قبة البرلمان في مجتمع محافظ كما هو حال كل مجتمعات الخليج الأخرى. وتعتبر القعود أنها تخوض معركة مثيرة ومغامرة محفوفة بالمخاطر ومليئة بالتحديات، لكنها تعتقد أن موقعها تعبير عن نضالات المرأة البحرينية في التغيير، بل وشغل صدارة المواقع القيادية في المجتمع، ولكنها تتمنى أن تكون مغامرتها محسوبة العواقب!
لطيفة في دور الانعقاد الماضي كانت قليلة الكلام في المجلس، لكنها كثيرة النشاط في مجال تخصصها، فهي زُكيت نائبا لرئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية، وقدمت أسئلة واقتراحات نوعية كان من بينها قضية محطة الصرف الصحي وفتحت أزمة طيران الخليج.
وقالت بعد وصولها للبرلمان إنها لن تستطيع أن تقدم شيئا منفردا من دون الرجوع إلى التعاون مع بقية النواب والكتل في المجلس النيابي، وعلى رغم عضويتها في كتلة المستقبل (الأقرب للخط الرسمي) لم يحرمها ذلك من علاقة حميمية مع كتلة الوفاق المعارضة، ودخلت في تحالفات معها على عدد كبير من المشروعات والقوانين.
وكثيرا ما كانت القعود تجول بكرسيها يمنة ويسرة، وتتحدث بل وتتهامس مع زملائها النواب، وتحرك سبحتها الشهيرة، وقد استغرب بعض الوزراء كثيرا من حدة طرحها أحيانا، لكنها تراها صراحة ضرورية في تجربة «المحب الناصح»!
ولكن كيف تبدو لطيفة في عيون ناشطات بلدها بعد تجربة الدور الأول، وهل مثلت الصوت النسائي بجسارة وهل بنت لها جسورا وثيقة مع مؤسسات وناشطات القطاع النسائي العريض في المملكة؟ والأهم من ذلك هل تبدو تجربتها مقنعة لأن يدخلن أخريات في المستقبل، وهل بعد لطيفة اقتنع الرجال بضرورة اقتحام المرأة هذا الحصن الذي كان حكرا على الرجال؟
غلام: ليس من أولوياتها
تبني الدفاع عن قضايا المرأة
وكانت البداية مع الناشطة النسائية وعضو الهيئة المركزية في جمعية العمل الوطني (وعد) فريدة غلام التي رأت أن القعود لم تركز على قضايا المرأة على نحو خاص في المجلس عدا مشروعين يتعلق أحدهما بالتقاعد المبكر والآخر يجيز للمرأة العمل من منزلها.
وتضيف غلام «من الجانب الحقوقي لم نلمس منها دورا خاصا يختص بالوقوف وايلاء أهمية خاصة لقضايا المرأة والملفات النسائية المعتادة مثل السعي لإصدار قانون أحكام الأسرة وتعديل قانون الجنسية أو رفع التمييز ضد المرأة. وذكرت النائبة أنها تقدمت بمقترح بقانون بشأن العمل في المنازل لتوفير فرص عمل مرنة تناسب ظروف النساء وتقدمت مع كتلة المستقبل بمقترح تأنيث البيع في المحلات النسائية، لكن لم نرَ تفعيلا لهذين المقترحين».
وتمنت غلام لو سلطت القعود المجهر على ظروف المرأة العاملة، وقالت: «كان يمكنها الحديث عن التمييز في الأجور في القطاع الخاص وظروف العمل السيئة وعن التسريح العشوائي وعن التمييز في الترقي الوظيفي والتمكين الاقتصادي، وكم كنت أتمنى لو أنها لمست هذه الجوانب من خلالها تسليط الضوء على وضع المرأة العاملة في القطاع الخاص».
واستدركت غلام «قد يكون ذلك مبررا نوعا ما، لأن النائبة سبق وأن أوضحت أن نشاطها سيتركز على الجانب الفني ولم تدعي أنها ستولي أهمية خاصة بالجانب الحقوقي وإنما القضايا المهنية وهي تحركت ضمن هذه الدائرة، وكم سيكون دورها أكثر ايجابية لو كان لها تفاعل مع الناشطات والمؤسسات المهتمة بالعمل النسائي، ومن الواضح أنه لم يكن لها أولويات مدافعة عن قضايا المرأة».
وشددت غلام على أن كل ذلك مرهون برؤية النائبة للعمل البرلماني «هذا يعتمد على رؤيتها للعمل النيابي، ونحن لا نستطيع أن نلزم أي شخص كونه امرأة أن يتبنى قضايا المرأة (...) وأنا شخصيا لا أشجع أي عمل خال ٍمن حماس حقيقي، وإذا أردت أن أعمل مع نائبة في البرلمان أو عضوة في مجلس الشورى فيجب أن أعرف أن لديها رغبة في هذا الاتجاه، ونحن لا يجوز أن نؤطر الناس في قوالب محددة».
ودعت غلام إلى الانتظار قليلا «دعونا ننتظر لحين تكتمل الصورة، وخصوصا أن النائبة تقول إن الفترة الزمنية لم تكن كافية، لأن العمل في قضايا المرأة يحتاج إلى خلفية ثقافية واطلاع دقيق على الملفات النسوية المهمة، فنحن نتحدث بصورة شاملة وليست جزئية، ومن الضروري بمكان أن يدرك من يطرح مشروعا بمدى ارتباطه بالخريطة العامة لحقوق واحتياجات المرأة».
العلوي: تحتاج إلى حضور أكبر مع الناس
وبدورها تؤكد المرشحة السابقة والناشطة النسائية ضوية السيدشرف العلوي أن وجود نائبة تمثل المرأة أمر ايجابي على الأقل كامرأة موجودة في السلطة التشريعية.
وتضيف العلوي «ولكن عموما كانت توقعاتي أن يكون أداء المجلس أكثر، وصحيح أن الفترة بسيطة، ومن الصعوبة الحكم على المجلس من خلال الدورة الأولى، ولكن ربما دخلت أمور جانبية لا تهم المواطن بالدرجة الأولى، والنظرة العامة للمجلس سلبية عند الحديث مع جميع المستويات الاجتماعية».
وتشير العلوي إلى أن «ما يشفع للنائبة لطيفة القعود أنها مازالت في أول دور انعقاد وننتظر منها اتصالا أكبر بالقطاع النسائي، ويبدو أنها دخلت المجلس كمواطن بغض النظر عن الجنس، ولكن بوصفها امرأة يجب أن تكون أكثر قربا من تحسس قضايا المرأة مثل قانون أحكام الأسرة».
وتقر العلوي بأن اتصال القعود مع القوى النسائية الفاعلة في المجتمع كان ضعيفا «إننا لا نلمس لها نشاطا خارج عمل المجلس، وربما تريد أن تكون خطواتها مدروسة، فهناك الكثيرون الذين تحدثوا ولم يعملوا شيئا، ولكنها بالضرورة تحتاج إلى حضور أكبر مع الناس».
مرهون: «اعطوها وقت»
أما المذيعة التلفزيونية إيمان مرهون فتعتبر أن من الصعب جدا تقييم أداء أي نائب خلال الفترة القصيرة الماضية.
وتضيف مرهون «أيا كان هذا التقييم سواء كان سلبيا أو ايجابيا فهو لا يعطي مؤشرا كافيا، فالنائب بحاجة إلى فترة من الوقت ليستشعر الناس أداءه، وهذه من طبيعة العمل النيابي ولطيفة شأنها في ذلك شأن بقية النواب».
وفي حين ترفض مرهون التفريق بين القعود والنواب الآخرين على أساس أنها أنثى ترى أنه باعتبار أن القعود أول امرأة تدخل التجربة البرلمانية وهي تملك الإمكانات والقدرات فهي بحاجة إلى الوقت ومعرفة دهاليز اللعبة النيابية.
وتثني مرهون على خطوة القعود بالانضمام إلى كتلة برلمانية، وتضيف «إن دخولها في تكتل - بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه - فهو خطوة جيدة لتعرف النائبة أين تضع أقدامها، وقد لاحظت أنها قد لا تكون تشارك بشكل فعال أثناء النقاش ولكن عندما تناقش تضيف شيئا جديدا».
وعلى رغم اعترافها بأن القعود لا تشارك بالكم الكبير، ولكنها تشدد على أنها «أبدت عددا مهما من الملاحظات، وخصوصا في الموضوعات المرتبطة بالأمور المالية وهو اختصاصها أساسا قبل دخولها المجلس»، وحين أتحدث عن مستوى الكفاءة فأنا لا افرق بينها وبين جلال فيروز أو إبراهيم بوصندل أو أي نائب آخر على أي أساس تمييزي».
وتؤكد مرهون أن قضايا المرأة تهم الكل وليس القعود وحدها، ولكنها تشير في الوقت ذاته إلى أن لطيفة القعود ستخوض تحديا أمام المرأة «لأنها ستغير نظرة المجتمع لمشاركة المرأة، فأما أن يقتنع بذلك ومن ثم سنرى مزيدا من الدعم للمترشحات في انتخابات 2010 أم أن المجتمع سيقتنع بعدم جدوى دخول المرأة، وسيترك ذلك أثرها سلبيا كبيرا على وضع المرأة في أي انتخابات مقبلة، ولكن أستطيع أن أقول إن لطيفة هي البداية».
السماك: خطواتها واثقة ومعقولة
ولم يختلف رأي الناشطة النسائية والمرشحة السابقة جميلة السماك في النائبة لطيفة القعود كثيرا، وتقول: «عموما أداؤها جيد مقارنة مع الآخرين، ولكن بما أنها أول امرأة تدخل المجلس النيابي فنأمل أن تبذل جهدا أكبر من ذلك، ونتمنى أن تكون جهودها مضاعفة، وبالنسبة إلى قضايا المرأة لا أعرف إن كانت لديها أجندة معينة، ولكن خطواتها في المجلس معقولة».
وترى السماك أن القعود مع أعضاء كتلتها أدوا انجازات كبيرة، مستدركة «لكنها كامرأة نتمنى أن تنطلق أكبر في المطالبة بحقوق المرأة مثل إنصاف النساء اللاتي يعملن في القطاع الخاص، ونريد منها أن تدافع عن حقوق المرأة في المصانع ورياض الأطفال وهناك ملفات ساخنة أيضا يجب أن تفتح مثل ملف مناهضة العنف ضد المرأة، وكذلك الإصرار على المطالبة بالحقوق الشعبية العامة».
الهندي: لم تكن لنا قنوات تواصل معها
ومن جهتها تقول رئيسة جمعية المستقبل النسائية بشرى الهندي إنه على رغم أن النائبة لطيفة القعود فازت بالتزكية ولكن من الجيد بالنسبة إلينا كنساء وجود امرأة داخل قبة البرلمان، مضيفة «عموما لا نستطيع أن نحكم على أداء النواب في ثلاثة أشهر فقط، وليس من الإنصاف الآن أن نقيم أداء أي نائب من النواب، فوجودهم في اللجان يعكس مشروعات للتغيير بعضها ذات علاقة بالمرأة». الهندي توضح أيضا أن النائبة القعود لم تحضر أية فعالية من فعاليات الاتحاد النسائي ولم تقدم دعوة إلى الجمعيات النسائية، وتضيف «بصراحة، لم تكن لنا قنوات تواصل معها، وليس الهدف أن تطالب بأشياء تخص المرأة ولكن الجميل أن يكون لها التفاتة خاصة كونها امرأة، ونتمنى أن نرى مزيدا من الإيضاحات عن المشروعين اللذين تقدمت بهما»، وتأمل الهندي أن تكون هناك مرئيات خاصة للمرأة بشكل أكثر وضوحا خلال الدورة الجديدة. إذا... لطيفة التي فضلت التمسك بعباءتها كرمز يعبّر عن الكينونة البحرينية، موجودة إعلاميا... غائبة اجتماعيا... صاحبة كفاءة عالية... المرأة ليس همها الوحيد وتجيد دبلوماسية التعامل مع الجميع... هكذا تبدو لطيفة القعود في عيون نساء بلدها!
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/257756.html