العدد: 1936 | الإثنين 24 ديسمبر 2007م الموافق 14 ذي الحجة 1428هـ

في أول حوار مع صحيفة محلية منذ تولّيه رئاسة جامعة البحرين (1)

جناحي: ضوابط جديدة للماجستير...«و2.67 من 4» الحد الأدنى للقبول

* «جامعة البحرين قادرة على منافسة الجامعات الأخرى، ليس داخل مملكة البحرين فحسب وإنما حتى بالنسبة إلى الجامعات خارج المملكة وخصوصا في دول مجلس التعاون... كما أن اللائحة التنظيمية الجديدة لبرامج الدراسات العليا في الجامعة، فرضت شروط قبول أكثر انضباطا وحرصا على انتقاء النوعية المتميزة من الدارسين مما كانت عليه اللائحة السابقة».

هكذا فضّل رئيس جامعة البحرين إبراهيم جناحي الرد على سؤال «الوسط» بشأن مدى قدرة الجامعة على منافسة الجامعات البحرينية الخاصة، وخصوصا أن جامعة البحرين بصدد طرح 17 برنامجا في الدراسات العليا في الفصل الدراسي المقبل.

جناحي كشف لـ «الوسط» في أولِ حوار يجريه مع صحيفة محلية منذ توليه رئاسة جامعة البحرين - وهو الحوار الأول الذي يجرى مع رئيس جامعة البحرين منذ أعوام عدة - عن أنواع برامج الدراسات العليا التي ستطرحها الجامعة خلال الفصل المقبل، والمعايير التي فرضتها الجامعة للالتحاق بهذه البرامج والتي كان أهمها ألا يقل المعدل التراكمي لدرجة البكالوريوس عن 2.67 من 4.0.

كما أشار جناحي إلى أن رسوم الدراسات العليا في الجامعة بانتظار إقرارها من مجلس أمناء الجامعة، غير أنه أكد أنها ستكون في مقدور الجميع تقريبا.

وفيما يأتي الجزء الأول من المقابلة التي أجرتها «الوسط» مع جناحي، والتي ركزت على الجانب المتعلق ببرامج الدراسات العليا التي ستطرحها الجامعة:

* ما هي الإجراءات التي اتخذتها جامعة البحرين لإعادة طرح برامج الدراسات العليا في الفصل الدراسي المقبل؟

- بدأت الدراسات العليا في جامعة البحرين منذ نحو 18 عاما مضت وعلى مدد متفاوتة، واستمرت حتى العام 2003-2004، الذي صدر فيه قرار تجميد جميع برامج الدراسات العليا إلى حين مراجعة هذه البرامج التي طرحت على مدى الأعوام الماضية، وحتى تتم إعادة صياغة اللائحة التنظيمية للدراسات العليا.

وكلّف مجلس الجامعة عميد كلية الآداب إبراهيم غلوم، بمتابعة وتنسيق وإعداد ملف الدراسات العليا، وأعدت اللائحة الجديدة ونوقشت في خمسة اجتماعات مطولة لمجلس الجامعة، وأقرّت بشكلها النهائي الذي يتضمن كل الإجراءات والتعليمات الأكاديمية والقانونية الخاصة بالدراسات العليا، كما يتضمّن هيكل الدراسات العليا ومجلسه الذي يترأسه رئيس الجامعة، ويتضمّن معايير إعادة طرح البرامج التي أُوقفت أو البرامج الجديدة.

وعندما اتخذ مجلس الجامعة قراره بعودة الدراسات العليا هذا العام لم يحدد برامج معينة في كليات محددة وإنما ترك للكليات جميعها أن تطرح برامجها في ضوء شرطين أساسيين، الأول: أن تكون كل كلية قد فرغت من مراجعة البرامج التي لديها في الدراسات العليا، والثاني: أن تنطبق عليها المعايير التي نصّت عليها اللائحة الجديدة المعدّلة للدراسات العليا...

* وما هي برامج الدراسات العليا التي ستطرحها الجامعة في الفصل الدراسي المقبل؟

- بحسب ما أفادت به الكليات، فإنها جميعا اليوم مستعدة لمعاودة طرح البرامج الأكاديمية للماجستير على النحو التالي: كلية إدارة الأعمال، ستطرح الماجستير في إدارة الأعمال، وكلية الحقوق ستطرح الماجستير في الحقوق، وكلية تقنية المعلومات ستطرح الماجستير في الحاسوبيات.

أما كلية الآداب فستطرح برنامجي ماجستير أحدهما في اللغة الإنجليزية (اللغويات التطبيقية)، والآخر في اللغة العربية وآدابها.

وبالنسبة إلى كلية الهندسة فستطرح أربعة برامج ماجستير في الهندسة الميكانيكية، والهندسة الكهربائية، والهندسة الكيميائية، والإدارة الهندسية.

أما كلية التربية، فستطرح ستة برامج ماجستير في المناهج وطرق التدريس، والتعليم الابتدائي، وماجستير التربية الرياضية في الطب الرياضي، وماجستير التربية الرياضية في التدريب الرياضي، وماجستير علم النفس الإرشادي، وماجستير القياس والتقويم التربوي.

أما كلية العلوم فستطرح برنامج ماجستير العلوم في الرياضيات، فيما تطرح عمادة البحث العلمي برنامج ماجستير البيئة والتنمية المستدامة.

* ولكن هل ترى أن الجامعة ستكون قادرة على منافسة الجامعات الأخرى في البحرين في طرحها لهذه البرامج؟

- تأكيدا ستكون جامعة البحرين قادرة على منافسة الجامعات الأخرى، ليس داخل مملكة البحرين فحسب وإنما حتى بالنسبة إلى الجامعات خارج المملكة وخصوصا في دول مجلس التعاون، والسبب أن تجربة جامعة البحرين في مجال الدراسات العليا ليست حديثة العهد، إذ مضى عليها نحو 18 عاما.

وتعززت هذه التجربة بالتطوّر الكبير الذي طرأ على البنية الأكاديمية في جامعة البحرين، إذ زاد عدد الكليات، وأوجدّت أقسام أكاديمية وبرامج جديدة، وتطوّر كادر أعضاء هيئة التدريس بشكل ملحوظ، وبلغ عدد أعضاء هيئة التدريس في الجامعة 661 عضوا في الفصل الدراسي الأول 2007/2008، وكان عددهم في بدايات الجامعة لا يصل إلى نصف هؤلاء، ويبلغ عدد من هم بدرجة أستاذ 64 أستاذا، والأستاذ المشارك 106، وهؤلاء مؤهلون كليا للتدريس في برامج الدراسات العليا؛ كما أن معظم الأساتذة المساعدين تتيح لهم معايير الدراسات العليا التدريس في برامجها إذ مضى على معظمهم أكثر من خمسة أعوام بعد الحصول على الدكتوراه كما تتطلب ذلك اللائحة الجديدة.

كذلك يمكن القول إن مكتبات جامعة البحرين وهي: مكتبة الصخير، ومكتبة مدينة عيسى والمكتبة القانونية قد تطوّرت وشهدت نقلة كبيرة قياسا بما كان عليه الحال قبل عشرة أعوام مثلا، إذ نمت مجموعات الكتب والدوريات وقواعد المعلومات الإلكترونية، وتطوّر عدد الكتب ما بين العامين 1996 و 2005 بشكل كبير، وتطوّرت أعداد الدوريات وعناوين الكتب والمراجع والمصادر، وأصبح هذا التطوّر أساسا حيويا لبرامج الدراسات العليا، ولم يقتصر الأمر عند ذلك بل توفّرت مصادر إلكترونية، فقواعد المعلومات الإلكترونية والدوريات الإلكترونية يمكن قراءتها من خلال موقع المكتبة على الانترنت.

وبشكل عام فقد تطوّر أداء المكتبات على أصعدة مختلفة من خدمات ومصروفات وإمكانات، وهو ما اعتبره التنظيم الجديد للدراسات العليا معيارا مهما لعودة البرامج.

وفي مقابل ذلك يمكن القول إن تطورا نوعيا حدث على صعيد البنية الأساسية من مرافق ومبانٍ ومختبرات وفضاءات أكاديمية، فلقد استحدثت كليات جديدة مثل: كلية الحقوق، وكلية تقنية المعلومات، وتوفّرت مبانٍ جديدة لها ولكليات أخرى كالعلوم والتربية والإعلام الذي أُنشئ له المركز الإعلامي الذي سيفتتح عما قريب، والتعلّم الإلكتروني وعمادة القبول والتسجيل، وأدّى ذلك إلى مزيد من التنظيم الأكاديمي والإداري للكليات، كما أتاح فرصة هائلة لتوفير مختبرات وأجهزة وتقنيات متطوّرة جدا وبما يوفّر بيئة علمية وتعلّمية متكاملة لبرامج البكالوريوس والدراسات العليا في آنٍ واحد.

ولقد أدركت جامعة البحرين موقعها وإمكاناتها الحقيقية في الأعوام الأخيرة فأصبحت تدرك ضرورة تكثيف الاهتمام بالجودة وضبط النوعية، ودخلت عدة كليات (كالهندسة وتقنية المعلومات والتربية والآداب) في إعداد برامجها وإمكاناتها للاعتمادية الأكاديمية... وفي هذا السياق تطوّر هاجس الجودة في جامعة البحرين، ولم يعد هناك أي مجال للتنازل عن المعايير الأساسية عند طرح أي برنامج أكاديمي سواء في البكالوريوس أو الدراسات العليا، ولذلك وضع مجلس جامعة البحرين في الأعوام الأخيرة لجنة أكاديمية تابعة له مكونة من نخبة من أساتذة الجامعة تنحصر مهمتها في معاينة البرامج الجديدة، وتدقيق اعتمادها بعناية فائقة بعد أن تمرّ بالقنوات الأكاديمية في الكليات والأقسام واللجان الأكاديمية.

والواقع أن هذه ملامح سريعة تقدّم صورة واضحة لبنية أكاديمية متطوّرة قادرة اليوم على أن تستوعب طرح برامج الدراسات العليا التي توقفت منذ عامين، بل إنها قادرة على أن تطرح برامج جديدة ومتنوّعة للدراسات العليا خلال العامين المقبلين، وبشكل ينافس الجامعات الأخرى في المنطقة، ويرسّخ سمعة عالية تعكس المستوى العلمي والأكاديمي الذي تتميز به الدراسات العليا في جامعة البحرين.

وينبغي التذكير بأن ثقة جامعة البحرين في عودة برامجها في الدراسات العليا لا ترتكز على ثقتها في بنيتها الأكاديمية فحسب، بل إن الهدف الاستراتيجي الذي أوقف هذه البرامج بشكل مؤقت يؤكد هاجسا جديدا وحيويا في الجامعة وهو هاجس المراجعة وضبط الجودة والنوعية، فقد بدأت الدراسات العليا منذ نحو عقدين، وظلّت تخضع لنظام قانوني منذ تأسيسها، ومرور هذه الأعوام مع تجربة تخريج الدارسين من حملة الدبلوم والماجستير جعل مجلس الجامعة أمام ضرورة إعادة صياغة لوائح الدراسات العليا، ثم أمام ضرورة صياغة معايير محددة لطرح أيّ برنامج للدراسات العليا، وقد تضمّنت اللائحة التنظيمية الجديدة للدراسات العليا الجانب القانوني التنظيمي الذي يتصل بنوع الدرجات وسياسة القبول وإجراءات التسجيل والمناقشة، والدراسة والساعات... وغيرها.

كما تضمّنت الشكل الهيكلي للدراسات العليا على مستوى الجامعة والكلية والقسم الأكاديمي، وتضمّنت أيضا معايير طرح برامج الدراسات العليا التي يلتزم بها كل قسم.

وهذا في الحقيقة يعكس حرص الجامعة ورهانها على الجودة وضبط النوعية التي تعتبر أساس التنافس بين الجامعات المرموقة اليوم.

ألا تعتقدون أن طرح الجامعة لـ17 برنامجا للدراسات العليا دفعة واحدة سيخلق إرباكا كبيرا لديها؟

أعتقد أن العودة إلى ملامح الصورة الخاصة بالبنية الأكاديمية المتوافرة لدى جامعة البحرين تساعد على الإجابة عن هذا السؤال.

فلدى جامعة البحرين كادر ضخم من أعضاء وهيئة التدريس، ونسبة الأساتذة والأساتذة المشاركين متوازنة ومقبولة في أية جامعة مرموقة تتبنى مشروع الدراسات العليا، والمرافق والمباني والمختبرات الحديثة والفصول الذكية المجهزة بأحدث طرق التعليم والمكتبات والقاعات، والمطبعة وأخيرا البرامج التي تمّ تسكينها في ضوء أحدث المعايير كل ذلك يشكل مناخا جديدا لعودة البرامج التي أوقفت بشكل مؤقت، بل إنه يشكل بيئة مناسبة لطرح برامج جديدة أيضا.

وأودّ الإشارة إلى جانب مهم في هذا السياق ويتمثل في اللائحة التنظيمية الجديدة وما تتضمنه من محتوى تنظيمي مقننٍ للدراسات العليا من شأنه أن يبعد مظاهر الإرباك... ذلك أن هذه اللائحة تنطلق من أفق معايير الجودة العالمية بحيث تضع الحدود والمواصفات للقبول، وللمقررات وللأساتذة ومواصفاتهم، وللمشرفين على أبحاث الطلبة وعدد الرسائل التي يشرف عليها كل أستاذ أو أستاذ مشارك ... وغيرها، يوازي ذلك إشراف إداري داخل القسم ثم داخل الكلية ثم من خلال مجلس الدراسات العليا على مستوى الجامعة، فضلا عن قنوات اللجان الأكاديمية.

وفي الواقع فهذه سيرورة لا يمكن تجاوزها ولن ترضى جامعة البحرين بالتهاون فيها ضمن سياستها في تطوير الدراسات العليا. ولعل ما يؤكد ذلك أن البرامج التي تمت الموافقة على عودتها تمّ إخضاعها للطاقات الاستيعابية في كل كلية، وهناك كليات (مثل إدارة الأعمال) كان لديها أكثر من برنامج لكنها لن تطرح الآن سوى برنامج واحد هو الماجستير في إدارة الأعمال. وجميع الكليات الآن أمام معايير وشروط عند التفكير في طرح أي برنامج للدراسات العليا.

* كيف ستتعاملون مع الأعداد الكبيرة التي تنتظر فتح هذه البرامج (برامج الدراسات العليا)، وما هي آليات القبول؟ وهل سيتم تحديد أعوام تخرج معينة، أم ستكون مفتوحة أمام الجميع؟

- أعتقد أن الأعداد التي ستستوعبها برامج الدراسات العليا في جامعة البحرين لن تكون كبيرة بالشكل الذي سيصعب التعامل معها، وهذا التوقع الذي افترضه لا يرجع إلى وجود رسوم وإنما يرجع إلى ضوابط القبول وآلياته كما جاء ذلك في اللائحة التنظيمية الجديدة للدراسات العليا، ومن هنا وصفت من قبل التوجه للدراسات العليا بجامعة البحرين بأنه خيار نوعي، يعتمد الانتقاء والمرور بأشكال عدة من الاختيار ضمانا لنوعية محددة من الخريجين.

وآليات القبول تثبت ما أقول... فالدرجات العلمية التي تمنحها الدراسات العليا في الجامعة هي درجة الدبلوم، ودرجة الماجستير. وبرنامج الدبلوم يتطلب 18-21 ساعة معتمدة من ضمنها ورقة بحثية معمّقة بواقع ثلاث ساعات معتمدة، ويشترط للقبول في هذا البرنامج الحصول على البكالوريوس من جامعة البحرين أو من جامعة أخرى معترف بها بمعدل تراكمي لا يقل عن 2.67 من 4.0، وأن ينجح المتقدم في المقابلة الشخصية والاختبارات التحريرية التي يشترطها القسم الأكاديمي وخصوصا في مجال اللغة التي يتطلبها تخصصه العلمي... وأن يقدم توصيتين من أساتذته الأكاديميين، وقد يشترط القسم الأكاديمي دراسة ما لا يقل عن ثلاثة مقررات استدراكية (9 ساعات) يراها ضرورية، بحيث لا ينخرط في برنامجه قبل النجاح فيها بمعدل لا يقل عن درجة B على الأقل. وإذا أراد الطالب أن يكمل دراسته ويحصل على الماجستير بعد الدبلوم فلابد أن يحصل على معدل لا يقل عن 3.0 من 4.0.

وإذا أراد الطالب الدخول في برنامج الماجستير مباشرة من دون نظام الدبلوم فلابد له من الحصول على البكالوريوس أيضا، بدرجة لا تقل عن 2.67 من 4.0، فضلا عن الشروط الأخرى التي ذكرتها في حالة الدبلوم، المقابلة والاختبار التحريري، والمقررات الاستدراكية... وغيرها.

ويمكن ملاحظة أن شروط القبول هذه أكثر انضباطا وحرصا على انتقاء النوعية المتميزة من الدارسين مما كانت عليه اللائحة السابقة.

إذا، آلية القبول ستحدد الأعداد المقبولة في برامج الدراسات العليا ولن تجعلها مشرعة للجميع من دون شرط أو قيد.

أما المدة المقررة للحصول على الدرجات، ففي حالة الدبلوم يكون الحد الأدنى لإنهاء متطلبات الدبلوم فصلين دراسيين، والحد الأقصى خمسة فصول دراسية، وعدد الساعات المطلوب الانتهاء منها من 18-21 ساعة بمعدل لا يقل عن 3 من 4، لمواصلة الماجستير.

أما برنامج الماجستير فالحد الأعلى لإنهاء متطلباته ثمانية فصول دراسية، وعدد الساعات المطلوب النجاح فيها من 30-36، من بينها 6 أو 9 ساعات مخصصة للرسالة أو البحث.

وتوجد توجيهات دقيقة من مجلس الجامعة للكليات والأقسام الأكاديمية بضرورة إدارة برامج الدراسات العليا في ضوء مدتها وإجراءاتها الأكاديمية والقانونية من دون اللجوء إلى أيّ استثناء أو تمديد مع التوجيه بضرورة طبع اللوائح التي تفصّل للطالب الإجراءات كافة من دون لبس أو غموض... كما أن اللائحة الجديدة أعطت الكليات والأقسام الخيار الحر في أن تمنح الدبلوم مع الماجستير أو الماجستير وحده وبشروطه التي ذكرتها.

* ماذا عن رسوم الالتحاق في برامج الدراسات العليا، هل ستكون كما كانت عليه في السابق؟ وخصوصا أن أحد أهم إشكالات برامج الدراسات العليا قبل إيقافها في جامعة البحرين، كان انخفاض الرسوم، ما جعل الجامعة غير قادرة على المواصلة في طرح برامج الدراسات العليا؟

- بطبيعة الحال ستختلف رسوم الدراسات العليا عما كانت عليه من قبل لكن هذا الاختلاف ليس دليلا على أن أحد أهم إشكالات برامج الدراسات العليا قبل إيقافها كان تدني الرسوم الذي جعل الجامعة لا تواصل طرح تلك البرامج، كما يشير السؤال...

وهنا أود الإشارة أولا إلى أنه ينبغي التأكيد على أن مجلس الجامعة يعي تماما مسئوليته الأكاديمية والوطنية إزاء هذه القضية، فجامعة البحرين هي الجامعة الوطنية الأم وهي مسئولة أمام المجتمع والدولة والأفراد عندما تستثمر مدخلاتها أيّا كان حجمها وموازناتها من أجل أن تهيئ للإنسان في مجتمع المملكة الفرصة المواتية للمشاركة في التنمية المستدامة، وذلك عن طريق تكوينه وتمكينه من المعرفة، والخبرة العملية والمهارات الفنية والذهنية... هذه مسئولية وطنية تقع على عاتق جامعة البحرين بوصفها شريكا حقيقيا في التنمية والتعليم وتكوين مجتمع المعرفة.

ومن هنا فإن مسألة الزيادة في الرسوم لم تكن هاجسا أساسيا منذ بدأت الدراسات العليا... وحتى عندما تم توقفها بشكل مؤقت منذ عامين لم يكن السبب هو استغلال هذا التوقف لفرض رسوم جديدة.

وإنما كان الهاجس هو المراجعة الأكاديمية لبرامج الدراسات العليا الحالية، وضبط جودتها، وإعادة هيكلتها وتنظيمها من الناحيتين القانونية والإدارية. ووضع مشروع الدراسات العليا ضمن مشروع تعزيز جودة الأداء والتميز في إنتاج المعرفة، وخصوصا في مجال تأسيس الكوادر العلمية القادرة على تطوير إمكانات البحث العلمي في الدولة.

وهذا الهاجس وحده هو الذي استدعى وقفة المراجعة ومن ثم توقيف الدراسات العليا، وما يؤكد ذلك أن إقرار اللائحة التنظيمية الجديدة للدراسات العليا استغرق وقتا وسلسلة من الاجتماعات لمجلس الجامعة، وكان من أكثر الأمور التي استحقت الدراسة هي هيكلة الدراسات العليا بإنشاء «مجلس الدراسات العليا» ليتولى وضع الخطط الدراسية الجديدة لبرامج الدراسات العليا، وإجراء التعديلات والمراجعات الأكاديمية التي تتم على هذه الخطط، واقتراح الأنظمة المتعلقة بتطوير الدراسات العليا، واقتراح قواعد وأسس القبول في هذه البرامج والتقويم الدوري لها، والتوصية باستحداث برامج في الدراسات العليا ذات طابع تخصصي.

لقد جاءت مسألة الرسوم الجديدة بوصفها واحدة من تفاصيل المدخلات الجديدة لمشروع الدراسات العليا، فقد سبق لي أن وصفتُ البنية الأكاديمية للجامعة وما وصلت إليه من تطوّر وانتقال نوعي بحيث أدى ذلك إلى زيادة كبيرة في موازنة الجامعة وما يتطلبه تشغيل بنيتها من كلفة مادية، والجميع يعرف أن الجامعة شهدت منذ عام ونصف أزمة مالية خانقة بسبب تقليل موازنتها.

ومن هنا كان النظر في وضع رسوم جديدة على الدراسات العليا ينبع من عدة نقاط، أهمها تعزيز موازنة الدراسات العليا وتخفيف استقطاباتها الخدماتية مما تحتاج إليه برامج الدبلوم والبكالوريوس.

كما أن مشروع الدراسات العليا خيار نوعي بالنسبة إلى الطلبة البحرينيين وغير البحرينيين وهو يخضع لشروط قبول محكمة لتعزيز نظام الجودة والنوعية كما تبين اللائحة التنظيمية ذلك. فمثلا يشترط في الالتحاق ببرنامج الماجستير الحصول على البكالوريوس أولا بمعدل 2.67 من 4.0. فضلا عن المقررات الاستدراكية، واختبارات القبول. ونحو ذلك وهذا يؤكد أن الدراسة هنا اختيار نوعي وخاصّ يختلف عن مستوى البكالوريوس.

من ناحية أخرى، فإن برامج الدراسات العليا مفتوحة للبحرينيين وغير البحرينيين من دون شروط وبشكل يختلف تماما عن القبول في البكالوريوس، لذلك فإنه من المتوقع أن تستقطب هذه البرامج أعدادا ليست قليلة من دول مجلس التعاون.

وأخيرا فإن التنافس والرهان على الجودة في طرح برامج الدراسات العليا مسألة لها ثمنها من دون شكّ، فخيار الجودة والتطوير والارتقاء بالدراسات العليا يفرض تكاليفه الباهظة... وما يحدث على مقربة من جامعة البحرين ينبغي أن يوضع له الاعتبار فليس من المعقول أن تقدم هذه الجامعة برامج دراسات عليا متطورة في مقابل ما يقدمه الآخرون من برامج من دون أن تضع جامعة البحرين شروطها الخاصة بها لهذه البرامج من بينها الرسوم.

وبالنسبة إلى رسوم الدراسات العليا في جامعة البحرين فإنها تحتاج إلى إقرار مجلس الأمناء لها، ولكنها في كل الأحوال ستكون متاحة للراغبين في نيل الشهادات العليا، وفي مقدور الجميع تقريبا، ولكنها لن تكون رسوما عالية مرهقة، وليس هذا هو الجديد في حد ذاته بالنسبة إلى الرسوم، وإنما الجديد - حقيقة - يكمن في مجمل مدخلات جامعة البحرين لمشروع الدراسات العليا، إذ إنها مدخلات منافسة، ولها صفة نوعية خاصة متضافرة مع سياسة القبول ومع الأهداف الاستراتيجية للدراسات العليا


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/269581.html