العدد: 2042 | الثلثاء 08 أبريل 2008م الموافق 01 ربيع الثاني 1429هـ
رئيس الوزراء فاجأ حفل تأبين الفقيد علي بن يوسف فخرو بحضوره الشخصيِّ
احتفاليَّة الوفاء تستذكر صاحب «الإرث النفيس» في الأخلاق الوطنيَّة
أضفى حضور رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة المفاجئ لحفل تأبين المغفور له بإذن الله تعالى الفقيد علي بن يوسف فخرو مكانة كبيرة للقاء الذي عُقد تحت عنوان «احتفاليَّة الوفاء» مساء أمس (الثلثاء) بمركز الخليج للمؤتمرات تقديرا لإسهامات الفقيد في خدمة بلاده في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وترك حضور رئيس الوزراء أثرا كبيرا في نفوس عائلة الفقيد والحضور، ففي الوقت الذي تعانقت فيه دموع الحزن مع ابتسامات الافتخار، استذكرت شخصياتٌ بحرينيةٌ وخليجيةٌ اقتصاديَّةٌ وسياسيَّةٌ وثقافيَّةٌ واجتماعيَّةٌ سيرة الفقيد بحضور جمعٍ من كبار المسئولين في الدولة والوجهاء وأعداد من المواطنين، واستحضر رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة بعض الذكريات مع الفقيد منذ أيام الدراسة في مدرسة الهداية الخليفيَّة قائلا: «إنَّ الفقيد شخصيَّةٌ كانت لها بصماتها في كل مجالات الحياة في البلد».
وفي كلمته، قال رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: «في هذه الليلة نؤبِّن شخصا عزيزا علينا، رافقته في حياته منذ كنَّا طلابا في مدرسة الهداية الخليفيَّة وكان نعم الصديق وكنا نقضي وقتا في ساحة المدرسة نلعب ونمرح ونشأنا بعد ذلك وكنا نلتقي دائما على الخير»، مشيرا إلى المواقف التي جمعته مع الفقيد في العمل من أجل إرسال التبرعات إلى الدول المنكوبة، ومثنيا على جهوده الخيريَّة التي كانت موجَّهة إلى خدمة الناس حيث كان دائم السعي للخير، وكان مجلسه مفتوحا للجميع، ومما يصبرنا على فقده، خلفه الطيِّب الذين سيسيرون على نهجه فقد كان إنسانا كبيرا في عطائه معتبرا المال مادة للبذل والخير.
عطاءٌ محفوظٌ في ذاكرة الوطن
وفي كلمته، وصف رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين عصام عبدالله فخرو رحيل الفقد، بفقد رمز من رموز الحياة التجاريَّة، بل رمز للعطاء في كثير من المجالات سيبقى محفوظا في ذاكرة الوطن.
وتوجَّه فخرو بالشكر والعرفان إلى رئيس الوزراء قائلا: «حضور سموِّكم احتفاليَّة تأبين فقيدنا العم علي بن يوسف فخرو يعكس تواصلكم المعروف وتلاحمكم اللامحدود مع شعبكم»، معبِّرا عن الاعتزاز بحضور سموِّه ومضيفا أنه «لا يمكننا الحديث عن الفقيد من دون الإشارة إلى مكانته في قلوب الناس كرجل أعمالٍ لم يكن غريبا عليه أنْ يترك الكثير من المعاني السامية وخصوصا كلمته المشهورة (إن الوجاهة مسئوليَّة وإنَّ على الوجيه أنْ ينفع قبل أن ينتفع) لذلك أحبَّ الناس وأحبُّوه، فقد سمعته دائما يقول: (ابقوا بجوار الناس وقت الشدة وقدموا لهم المساعدة لأن لكل إنسان رسالة يجب أنْ يؤديها لأهله ومجتمعه وشعبه)».
كتاب يوثِّق سيرة الفقيد
وذكر الرئيس الغرفة أنَّ كل ما قيل عنه هو غيضٌ من فيضٍ لسيرة حافلة بالعطاء والإنجاز، لذا فإنَّ الحديث عنه يتطلب فرصة أكبر لإيفائه حقه وهذا ما تسعى إليه الغرفة التجاريَّة من خلال إصدار كتاب يوثِّق سيرته في الغرفة وفي وطنه لعلنا في ذلك نفي بعض حقه علينا، وفي سياق التوقف في حياة الراحل، وبالأخص على صعيد الغرفة، ربما يكون من المفيد أن نتوقف أمام ترؤسه الغرفة لثلاث دوراتٍ متتابعةٍ منذ العام 1989 إلى العام 2001 إذ شكلت رئاسته تحولا مهمّا مما خلقه من حضور في الساحة المحليَّة وعلاقات تعاون مع القيادة الكريمة التي نسعد بحضورها هنا في هذه الليلة ممثلة برئيس الوزراء، ومع كلِّ الجهات والهيئات والمنظمات في داخل وخارج البحرين، وكان همُّه وهاجسه أنْ يدفع بالغرفة إلى الأمام وأن تخدم القطاع التي تمثله في مختلف صورها؛ لأنه كان نموذجا للتواصل مع الناس.
واختتم كلمته بالقول: «لقد فقدنا على مستوى العام إنسانا فذّا وعلى المستوى الوطني فقدنا رمزا أحبَّ وطنه وقيادته، فلكم يا صاحب السمو باسمنا جميعا أسمى آيات الولاء لشعوركم النبيل هذا ووجودكم لإحياء ذكرى الفقيد».
علاقات ترضي الله والضمير
ونيابة عن ذوي الفقيد، ألقى علي بن محمد فخرو كلمة قال فيها: «باسم جميع أفراد العائلة، أتوجه ببالغ الشكر والتقدير إلى رئيس الوزراء لتكريمنا بحضوره في هذه الأمسية، وبمشاركتنا هذه المناسبة بلمساته الإنسانية البالغة الحساسية والدفء التي عرفت عن سموه، ووجَّه الشكر إلى رئيس مجلس إدارة وأعضاء غرفة تجارة وصناعة البحرين على هذه اللفتة لتخليد ذكرى الفقيد، واصلا الشكر إلى أصدقاء ومحبي الراحل الذين عبروا عما يجيش في قلوبنا جميعا من محبة وآلام الفراق، نحن عائلة المرحوم كفانا وسيكفينا الآخرون عن ذكر ما حققه الفقيد لمجتمعه ووطنه وأمَّته وهو سجل سيعينه إن شاء الله عندما يحمل كتابه بيمينه ليواجه به ربه العلي القدير، لكننا في هذه الأمسية الحميميَّة، تفيض في قلوبنا ذكريات الصور الإنسانيَّة الرفيعة الرقيقة، الخيِّرة المعطاءة التي عاشها الراحل، على مستوى عائلته، كان أبا للصغار وأخا للكبار، حاضرا أبدا لمواساة المتألِّمين ولدعم الطَّامحين ولدفع المترددين ولإسناد المتعثرين، وكان بيته ملاذا مستقبلا لكل من أراد الملاذ وكان رب البيت ناصحا شريفا صريحا مستقيما لكل من أراد النصيحة وكان ذلك كله يتمُّ بوجه تمتلئ عيونه بالدموع عند الألم وتملأ ثغره الابتسامة العريضة عند الفرح والتشجيع، كانت علاقاته الأسريَّة رحمه الله علاقات ترضي الله وترضي الضمير».
دعوة لامتثال صفات الفقيد
وتطرَّق في كلمته إلى علاقات الفقيد مع عامة الناس، مشيرا إلى أنه لم يعرف قط التفرقة بينهم بسبب الدين أو المذهب أو العرق أو الأصل أو العائلة والمكانة أو الغنى والفقر.. مجلسه كان مفتوحا لكل الناس، وقلبه كان محبا لكل الناس، وميزان عدله كان في خدمة كل الناس، ولذا، وفي هذا الجو الذي يعيشه مجتمعنا... جوُّ الصراعات الطائفيَّة، كم كان سيكون وجوده بلسم توحيد وتقريب ودفع بلاء ومساعدة في تضميد الجراح... وعلى مستوى الأوطان كم كان توجُّعه لتخلُّف هذه الأمة... كم كان ملتزما بثوابت وحدتها ونهضتها وخروجها من المحن التي عاشتها وتعيشها... كم كان وطنيّا غيورا محبّا للبحرين.. مثل هذا الإنسان لا يستحق دمعة تذرف بل يستحق أنْ نعيش الكثير من صفاته ومحاسنه لتغني الحياة ولنملأها خيرا ومحبة وتراحما من دون منة كما كان المرحوم يفعل.
مواقف الدين والإنسانية والعروبة
وفي كلمته، قال وزير الزراعة بسلطنة عمان الشيخ سالم بن هلال الخليلي: «إننا نلتقي لتأبين شخصية يتجاوز رصيد عطائها في المجتمع الوصف، فمكانته تعلو وتبقى ذكراه عطرة وآثاره محمودة ورسالته حيَّة ناطقة، فهذا هو حال من نلتقي لنحيي ذكراه، ذاكرين صنيعه لمجتمعه ووطنه، وزاد قوله إنه صحب الفقيد عمرا طويلا فلم يرن على هذه الصحبة فتور، ولم يشبها ما يكدر بل زادها مرور الزمن أصالة، شهدت له مواقف تجلت فيه إنسانيته وإسلامه وعروبته فلا يسمح أنْ ينال من ثوابت هذه الأمة نائل، لهذا ترك في نفوسنا ذكرياتٍ لا تمحوها الحوادث والسنون وأنتم تعلمون صنائع هذه الشخصية وصفاتها ونحن إذ نقف وقفة الوفاء هذه فإننا ندعو الله أن يتغمده في واسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ونحن الأمناء على دربه وسلوكه وخلفائه على البر والتقوى».
رسالة من أهل الكويت
وعبر رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت علي بن محمد ثنيان الغانم عن تشرُّفه واعتزازه بدعوة أهل البحرين لإحياء احتفال الوفاء، مرّة للعزاء ومرة للتعبير عن الوفاء؛ لأنها «وضعتني أمام مسئوليتين: الأولى هي التعبير عما تكنه الكويت لأهل الفقيد ووطنه من محبة، والثانية هي تقديم تحيَّة وفاء لفقيد البحرين والخليج والاقتصاد العربي المغفور له بإذن الله علي بن يوسف فخرو، وهي توثيق شهادة حقٍّ وصدق ممن عاش مسيرته لتكون أمثولة للشباب وذخرا، فبرحيل علي بن يوسف فخرو ودَّعت البحرين أحد أخلص أبنائها، وخسرت الدول الخليجيَّة والعربيَّة أحد رواد تنميتها وفقدت الأسرة الاقتصادية العربيَّة عمادا قويا فهم العمل القومي، فقد كان فقيدنا الكبير يحمل مسئولية التعبير عن محبَّة الكويت بصدقٍ وعمقٍ».
وفي ختام الاحتفاليَّة التي كان عريفها مدير الإعلام بالغرفة خليل يوسف، تمَّ استعراض فيلم تسجيليٍّ قصير عن حياة الفقيد، فيما تم تقديم عرض فنِّيٍِّ جسَّد مراحل مسيرة الفقيد شارك فيه الشاعر علي الشرقاوي، ولحَّنه الفنان خالد الشيخ وأخرجه الفنان خالد الرويعي بمشاركة مجموعة الفنانين خليفة العريفي وأنور أحمد وفايز السادة.
لمحة من حياة الفقيد علي بن يوسف فخرو
الفقيد كان عميد عائلة فخرو في مملكة البحرين وأحد أهم رجالات البحرين. فقد ولد بمدينة المحرق في العام 1924م وتلقى علومه المدرسية في كل من مدرسة الهداية الخليفية بالمحرق والمدرسة الغربية بالمنامة.
ومارس الفقيد العمل التجاري منذ الصغر مع والده، فكانت أولى رحلاته التجارية إلى دبي وعمره 17 عاما اذ كلف بمهمة تجارية على الساحل الإماراتي وأسس هناك مكتبا تجاريا للأسرة وبقي فيها أكثر من ست سنوات نال فيها خبرة كبيرة في البيع والشراء وأعمال التجارة.
وعقب وفاة والده، تولى الشاب المتقد بالحماس وحب العمل مسئولية رئاسة مجلس إدارة الشركة، وساهم الفقيد الراحل في تأسيس الكثير من الشركات والمؤسسات التجارية والمالية الناجحة في البحرين وتولى مسئولية عدد كبير منها كرئيس لمجلس الإدارة، ومنها مجلس إدارة شركة البحرين لمطاحن الدقيق وشركة البحرين للسينما والشركة البحرينية الكويتية للتأمين.
كما تولى منصب نائب رئيس شركة اتحاد الخليج للتأمين وعضو مجلس إدارة بنك الخليج للائتمان وشركة اتحاد الخليج للتأمين السعودية وبنك الخليج المتحد.
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/288227.html