العدد: 2064 | الأربعاء 30 أبريل 2008م الموافق 23 ربيع الثاني 1429هـ

كوميديا أحمد حلمي في «كده رضا»...

توائم ثلاثة في ثوب واحد/ حب واحد/ لعبة واحدة

لم يكن لأحد ممن حضر عرض فيلم «كده رضا» أن يتوقع ذلك التطور السريع الذي شهدته حوادثه في الربع الأخير من الفيلم، الذي كان مغايرا تماما لبقية فتراته، إذ تميزت حوادثه بالتشويق وانقلب الفيلم من النمط الكوميدي إلى النمط البوليسي، فعلى طريقة أفلام «الأكشن» التي لم تخل من طابع كوميدي تغيَّرت مجريات الحوادث رأسا على عقب.

تبدأ الحكاية بولادة ثلاثة توائم، قرر والدهم الذي يخاف الحسد تسجيل واحد من أبنائه الثلاثة فقط في السجلات الرسمية وتسميتهم جميعا «رضا». وتنطلق الجوادث، ثلاثة شبان توائم يعيشون تحت مسمى واحد، خفية كانوا يتنقلون، وبحسب جدول أسبوعي كانوا يشاركون في الحياة العامة، تشاركوا كل شيء، حتى إجراء الاختبارات كانوا يتقاسمونه، والقسمة على ثلاثة دائما.

وعلى رغم أنهم «ثلاثة في واحد»، فإنهم يختلفون في الشخصيات والميول... «البرنس» شاب جريء، مغرور، معتد بذاته، قيادي الطبع. أما «بيبو» فكل مشاغله تنحصر في كرة القدم وحبه للنادي الأهلي وهو ما يحدد خطوط شخصيته فهو شاب يمتلئ حيوية، نشيط، رياضي. أما التوأم الثالث فهو «سمسم» وعلى العكس من أخويه لا يبدو سمسم عصري التفكير في ملبسه، طيب، بسيط التفكير، مولع بالكمبيوتر والإنترنت، دمث الأخلاق إلى الحد الذي أصبح الكل يتعامل معه على أنه شخصية غبية.

هواية «النصب» والسرقة التي كان يمتهنها الأب «هندي»، انتقلت إلى أولاده وخصوصا «البرنس» الذي كان يخطط لكل العمليات التي يستعين فيها بأخويه مستثمرا عنصر الشبه الذي يجمع بينهم لنفي ما يمكن أن يوجه إليه من تهم.

ولئن كان التوأم الثالث، «سمسم» يشارك في بعض هذه العمليات، فقد كان يجبر على ذلك من قبل أخويه الطامحين إلى الهجرة، ويقع «سمسم» في أزمة نفسية، فمن جهة هو مضطهد داخل عائلته، يجبر على القيام بأعمال لا يريدها، ومن جهة ثانية هو مرتبط بأخويه ولا يريد لهما أن يغادرا البلد. وهي الأزمة التي تقوده إلى الاستعانة بطبيب نفسي، يبوح له بكل أسراره وأسرار عائلته أيضا، ويتبين فيما بعد أن هذا الطبيب محتال، إذ استغل المعلومات التي حصل عليها من «سمسم» ليوقع بالإخوة الثلاثة ويجرهم إلى السرقة من أجل إنقاذ والدة «ندى» وهي الفتاة التي وقع التوائم الثلاثة في حبها وتؤدي دورها الفنانة منة شلبي.

الملفت في هذه العملية هو أن «سمسم»، الذي يوصف دائما بالجبن والغباء، هو من خطط لهذه العملية مع أخويه، ونفذوها بنجاح. وتتغير الحوادث فجأة عندما يشاهد «سمسم» مصادفة سيارة «ندى» في الشارع مع أنه من المفترض أنها مسافرة. وبالبحث يتوصل «سمسم» إلى الحقيقة التي تؤكد أن «ندى» اسم مستعار لـ «نادية» وهي فتاة تتعالج عند الطبيب النفسي الذي أطلعها على كل أسرار عائلة رضا، ودفعها إلى التقرب من التوائم الثلاثة والحصول على المال منهم.

يتمكن «سمسم» بمساعدة الرجل الذي ادعت «ندى» أنه عمها الذي حرمها من حقوقها المادية، بينما هو في الواقع مريض يتعالج هو الآخر لدى الطبيب النفسي الذي يؤدي دوره الفنان خالد الصاوي، من الإيقاع بهما وإيهامهما بأنهما وقعا في أيدي الشرطة، وكانت تلك حيلة من «سمسم» لاسترجاع الأموال التي سحباها من رصيد العم المفترض بهدف مساعدة «ندى» في علاج أمها.

قصة الفيلم وعلى غرار غالبية الأفلام الكوميدية لا تحمل أية رسائل أخلاقية أو اجتماعية، بل على العكس تماما فهي أبعد ما تكون عن واقع مجتمعاتنا، ولم يحد فيلم «كده رضا» الذي كتب قصته وأخرجه، عن هذا التقليد أو المسار وإنما يلاحظ بشدة محافظة أحمد حلمي على القالب ذاته الذي تعوّد على تقديمه في مختلف الأفلام الكوميدية التي مثلها، فقالب الممثل الأوحد الذي يلازمه في أعماله كان شديد الترسخ في هذا الفيلم، بل وتدعم من خلال تجسيده لثلاث شخصيات أبرزت قدرته على التقلب بين الكثير من الشخصيات، مستفيدا في ذلك من شخصية أحمد حلمي ذاته، التي تتوضح في مختلف أعماله... الشخصية الكوميدية التي تدفعك إلى الضحك من دون أن يسقط في فخ التّهريج المبتذل.

وتبرز الشخصية الأحادية في الفيلم وخصوصا من خلال الحضور الباهت لبقية الشخصيات، فحتى شخصية «ندى» أو «نادية» فقد بدا حضورها - على أهميته في حوادث الفيلم - باهتا، وخصوصا خلال القسم الأول من الفيلم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى شخصية الأب والطبيب النفسي.

وبالنظر إلى الشخصيات الثلاث التي مثلت محور الفيلم الرئيسي، نلاحظ تفاوتا على مستوى قوة الأداء والحضور، علاوة على فاعليتها في وقائع الفيلم، ففي الوقت الذي حظي فيه «البرنس» و «سمسم» بأدوار جدّ مؤثرة في الحوادث، فإن حضور شخصية «بيبو» التي بدت شخصية على الهامش لا تسد فراغا في وقائع الفيلم أو في النص، كما أن اجتهاد أحمد حلمي في أدائها لم يكن على درجة اجتهاده نفسها في أداء الدورين الآخرين، وهو ما يدعم رأينا في غياب الهدف من السيناريو والتعويل أساسا على نجومية الممثل النجم أو البطل الأوحد، ذلك أنه على مستوى الديكور مثلا لم نلاحظ اجتهادا يذكر، ففي ماعدا بعض الديكورات التي تخدم الصبغة الكوميدية للنص التي تتعلق أساسا بتقسيم غرف التوائم الثلاثة أو الباب السري الذي يخرجون منه خلسة الذي يقع وراء مرآة الحمام، أو بعض الأكسسوارات التي يستخدمها أحمد حلمي ذاته في تقديم شخصياته، من ذلك تعمده وضع شوكة في معصمه على أنها أسورة أو نمط اللباس الذي اعتمده في تجسيم شخصية «سمسم»، فإن المخرج لم يعتمد على ديكورات أخرى بإمكانها أن تخدم الفيلم أو تعاضد مجهود الممثل البطل في تدعيم الصبغة الكوميدية للفيلم، بل على العكس اعتمد المخرج على أسلوب حلمي الذي بات سمة مميزة له، فالتعليقات التي يطلقها حلمي تعد الركيزة الأساسية في إنجاح الفيلم، ويبدو أن المخرجين الذين يتعاملون مع أحمد حلمي، الذي أصبح يصنف اليوم على أنه من أهم الكوميديين المصريين إن لم نقل أنه يقف على رأس القائمة، لا يبذلون مجهودات إخراجية تذكر من شأنها أن تجمع بين قوة الإخراج وقوة الأداء.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/292214.html