العدد: 306 | الثلثاء 08 يوليو 2003م الموافق 08 جمادى الأولى 1424هـ
في ندوة واقع وآفاق الأتمتة... هادي طالبي :
نتائج التجربة أثبتت تغير السلوك المعلوماتي للموظفين والمستخدمين
ما واقع مكتبة جامعة البحرين قبل تطبيق تجربة الحوسبة ضمن خدماتها أو بمعنى ادق قبل «الا تمتة»... وما استراتيجية الأتمتة، وهل نتائجها احدثت المتوقع والمأمول في ظل الراهن والمنجز؟... وإلى اي مدى يمكن اعتبار هذه المكتبة - ونعني مكتبة جامعة البحرين طبعا - مركزا استراتيجيا لتدفق المعلومات؟ وما سلبيات التجربة والتحديات المنتظرة؟
كل هذه الاسئلة المشروعة وغيرها كانت العناوين البارزة التي اشتملت عليها الورقة التي قدمها مدير المكتبة وخدمات المعلومات بجامعة البحرين هادي الطالبي في الندوة التي نظمتها جمعية المكتبات البحرينية بمتحف البحرين نهاية الاسبوع الماضي. واليكم اهم مفاصل التجربة بايجابياتها وسلبياتها وتحدياتها الراهنة والمقبلة.
قال المحاضر هادي طالبي في البداية: ارجو ان اركز اهتمامي هنا وبعجالة على التغيرات الحاصلة في مجالين وهما قطاع تكنولوجيا تقنية المعلومات وقطاع التعليم وتأثير هذا التغيير على قطاع المكتبات والمعلومات، فقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين وخصوصا الربع الاخير منه تغيرا كاملا في مجال الاتصال. ومن اهم الاختراعات التي تهمنا هنا مرتبة حسب ظهورها: ظهور الحاسب الشخصي في عقد السبعينات وانتشاره بسرعة فائقة وظهور الشبكات المحلية جءخ ثم الشبكات الموسعة وظهور تقنيه الاقراص المدمجه اي لاستخدام جهاز وشخص واحد في البداية، ثم تطورت إلى الاقراص المدمجه اي امكان استخدامها عبر شبكة محلية من قبل عدة اشخاص في الوقت نفسه. ونذكر ان المكتبات كانت من اول المستخدمين لهذه التقنية بتوفير قواعد البيانات البليوغرافية لكن من اهم الاختراعات والتي انتشرت بسرعة فائقة في نهاية القرن السابق هي الانترنت او الشبكة العالمية للمعلومات، والتي تتمثل في عدد كبير من الحواسيب المرتبطة بعضها البعض في شتى انحاء العالم. وقد قام كثير من الاختصاصيين بمقارنة التغيير الذي احدثته ظاهرة الانترنت بالتحول الذي وقع في منتصف القرن الخامس عشر عندما قام Guttenburg باختراع الطباعة (سنة 1444م) وبعدها ازدهرت عمليات نشر وطباعة الكتب. (ولذلك عندما قام Michael Hart بانشاء اول موقع للكتاب الالكتروني سنة 1971، اعطاه اسم مشروع Guttenburg) ثم واصلت تقنيات الاتصال تطورها السريع، فشهدنا ظهور الالياف الضوئية Fibre opticَّ وارتفاع سرعة الحواسيب، وارتفاع حجم المعلومات التي يمكن ارسالها عبر قنوات الاتصال Bandwith مما اصبح من الممكن ارسال اية معلومات وبيانات في شتى اشكالها النصية او الصوتية او المرئية. ومنذ مدة نشهد تقنية جديدة، وهي الاتصال عبر الشبكات المتنقلة مثل Blue Tooth. هذا بعجالة ملخص لما حدث في مجال تقنية المعلومات.
اما في مجال التدريس والتعليم، فنشهد منذ سنوات تغييرا جذريا يحصل في الكثير من البلدان. ويشمل هذا التغيير انتقالا في مفهوم التدريس من طرقه التقليدية لتلقين الطلاب إلى طرق عصرية تكسبهم مهارات التعلّم المستقل والبحث بأنفسهم عن الحلول والمعلومات وصولا إلى التعليم الالكتروني. والامثلة عديدة: في البحرين، هناك توجه واضح من قبل وزارة التربية والتعليم وجامعة البحرين لتطوير قطاع التعليم ولرسم رؤيا عصرية واستراتيجية لسياسة التعليم تلعب فيها المكتبات ومصادر التعلّم الحديثة دورا جوهريا ومهما لكي يتمكن الطالب من اكتساب المهارات اللازمة للتعلم الفردي المستقل، والقدرة على حل المشكلات، والتحليل، والتواصل، والعمل مع الفريق. ففي ضوء كل هذه التغيرات، كيف كان رد فعل مكتبات جامعة البحرين؟ لم يكن ردة الفعل هدف فقط التأقلم مع التغيرات بل كان الهدف اكبرمن ذلك. وتمثل في وضع استراتيجية كاملة للحوسبة تجعل من المكتبة عنصر فعّالا ديناميكيا في عملية التغيير لتصبح مركز معلومات عصري يحتوي على احدث وسائل الاتصال، وذلك لتفعيل عمليات التعلّم والبحث العلمي في مبنى المكتبة وعن بعد (اي عن طريق الانترنت من خارج مباني المكتبة) كما اعطت الاستراتيجية اهمية قصوى لتطوير مهارات موظفي المكتبة لتعلم واكتساب المهارات اللازمة للعمل في القرن الحادي والعشرين. وقد تم لتحدد - والكلام لهادي طالبي - الاهداف الجديدة لاستراتيجية الحوسبة والتي شملت المحاور الرئيسية الآتية:
1- الهدف الاول: حوسبة العمليات المكتبية
قامت جامعة البحرين بتركيب نظام الافق في مكتباتها والذي تم اقتناؤه بفضل تبرع سخي من بنك البحرين الوطني، ويقع نظام «الافق»/«HORIگON» في مرتبة الانظمة الرائدة في مجال اتمتة المكتبات. وقد تم اختياره من قبل الجامعة نظرا لما يوفره من تسهيلات متطورة للاستخدام باللغتين الانجليزية والعربية. «الافق» يقدم لطلابنا ولاعضاء هيئة التدريس خدمة البحث من خلال فهرس المكتبة الالكتروني باكمله، والذي يتيح المجال للباحث للتعرف على ما اذا كان الكتاب او المقالة المطلوبة متوافرة وما موقعها في المكتبة. بالاضافة إلى توفير الفهرس الآلي ذاته على الانترنت تحت اسم iPAC، بحيث يمكن لكل ممن يبحث خلال متصفح الانترنت الدخول إلى فهرس المكتبة والاطلاع على مصادره المتاحة عبر الشبكة العنكبوتية ططط سواء كان البحث داخل حدود الحرم الجامعي او من خارجه.
ان نظام «الافق» يعمل من خلال احد افضل انظمة الخادم SERVER المعرفة عالميا والموجود بغرفة الاتصالات بمركز تقنية المعلومات بجامعة البحرين. وبعد تثبيت الشبكة الالكترونية للجامعة باستخدام نظام ATM حققت جامعة البحرين المهمة الرئيسية لتعزيز سبل الدخول إلى شبكة الجامعة بحرميها في الصخير ومدينة عيسى بين جميع مباني الجامعة. وبذلك امكن تشغيل نظام «الافق» للاستفادة منه في اية نقطة داخل حدود الجامعة وخارجها.
ان النجاح الذي تحقق من تشغيل نظام «الافق» لأتمتة المكتبات في جامعة البحرين لهو حجر الاساس في تفعيل العملية التعليمية لكل من الطلبة والاساتذة على حد سواء. فقد اتاح استخدام نظام «الافق» للجامعة امكانات لا حدود لها عبر ما توفره شبكة الانترنت من مكتبات الواقع الفعلي وغيره من مصادر متوافرة عبر الشبكة للعالم بكامله. يمكن البحث في الفهرس العربي والانجليزي لمكتبة جامعة البحرين من موقع الجامعة على الانترنت: http://www.uob.edu قو كما قامت المكتبة بحوسبة عمليات استعارة الكتب باستخدام نظام الباركود للافق إذ اصبحت عمليات استعارة وترجيع الكتب تتم بطريقة اوتوماتيكية وفي بضع ثوان.
2- الهدف الثاني: توفير المعلومات الالكترونية
وشمل الهدف الثاني محور انشاء وتطوير مجموعات المصادر الاكترونية للمكتبة، إذ تم انشاء موقع المكتبة الالكترونية والذي يحتوي على اكثر من 8000 عنوان دورية الكترونية ذات النص الكامل والتي يمكن قراءتها مباشرة من اي مكان في الجامعة، فضلا عن قواعد المعلومات الاخرى والتي يبلغ عددها 13 قاعدة. ومن هذا المنطلق، تم اعتماد مبدأ «المكتبة الافتراضية» اي «The library without walls» ما يعني ان المكتبة غيرت التوجه لديها من سياسة حفظ المصادر إلى سياسة بث المعلومات وتوصيلها مباشرة إلى الطلبة واعضاء الهيئة الاكاديمية.
قبل الأتمتة
- المستفيد يذهب إلى المكتبة
- قائمة بيليوغرافية
- يبحث في الفهرس البطاقي
- يتأكد من توافر الكتب في المكتبة
- يحضر الكتب من الرفوف
- يحجز العناوين المستعارة
- يذهب إلى قسم الدوريات
- يذهب إلى قسم الاعارة بين المكتبات
- يتجه نحو مركز التصوير
وقت طويل وجهد كبير
حاليا
- المستفيد يبحث في الفهرس
الآلي من داخل او خارج المكتبة
- يبحث في قواعد المعلومات
- يتأكد من توافر الأوعية
- ممكن أن يحجز الكتب لتسلمها
- يبحث في فهارس مكتبات أخرى
- يقرأ الدوريات الالكترونية
- بإمكانه أن يطلب أية مقالة
كل هذا في وقت قصير
3- الهدف الثالث: توفير التقنيات اللازمة للتعلم الفردي والتدريس العصري
عملت مكتبة الجامعة على توفير التقنيات الحديثة لتشجيع التعلّم الفردي المستقل والتدريس العصري الالكتروني (E-learning)، وكان ذلك بانشاء مختبرات الحاسب الآلي التي تتوافر فيها خدمات الانترنت، وبرامج ماكروسوفت، والفهرس الآلي، والمكتبة الالكترونية، فضلا عن انشاء مراكز نسخ تتوافر فيها كل الخدمات اللازمة للتصوير والتجليد والطباعة. إذ اصبح من الممكن للطالب القيام بالكثير من العمليات في وقت واحد ومن جهاز كمبيوتر واحد: يمكن للطالب ان يبحث في فهرس المكتبة، يمكن له ان يقرأ الدوريات الالكترونية، ان يبحث عن معلومات في الانترنت، ويمكن له ان يكتب بحثه باستخدام برنامج مايكروسوفت وورد ومن ثم طباعته مباشرة على طابعات مركز التصوير وتجليده او ارسال البحث بالطريقة الالكترونية عبر البريد الاكتروني إلى المدرس مباشرة.
4- الهدف الرابع: تدريب الموظفين والمستخدمين
تولي جامعة البحرين اهمية قصوى لتدريب موظفيها ومنتسبيها بغية اكسابهم المهارات اللازمة للعمل والتعلم في المحيط المعلوماتي الجديد. لذلك كان للتدريب مجالا وافرا في الخطة الاستراتيجية. وشمل برنامج التدريب عددا من المجالات ومن اهمها: استخدام نظام الافق وتدريب موظفي المكتبة على ادخال البيانات في الفهرس واستخدام نظامي البحث والاعارة وتدريب الطلبة والمدرسين على نظام البحث في الفهرس.
وكذلك المكتبة الالكترونية وتدريب منتسبي الجامعة كافة على استخدام المصادر الالكترونية.
واوضح طالبي ان برامج التدريب التي تهدف إلى ايجاد المكتبة الالكترونية قد شملت العملية تنظيم ورش تدريبية مباشرة لموظفي المكتبة والمدرسين من قبل الشركات المزودة لقواعد المعلومات مثل
ScienceDirect GCh Engineering village 2 الخ... وذلك لتفعيل عمليات البحث العلمي في مكتبات الجامعة كما قام موظفو المكتبة بتدريب الطلبة مباشرة من خلال تنظيم حصص خاصة وتوفير دليل استخدام لكل قاعدة مباشرة على موقع المكتبة الالكترنية. وفي المجالات الاخرى والبالغة الاهمية لتدريب الموظفين تم تدريبهم على تقنية المعلومات (برامج مايكروسوفت /Director) واللغة الانجليزية والمهارات الادارية (عمل الفريق، الادارة بالاهداف) ومهارات التعامل مع المستفيدين.
ما النتائج التي حصلت على سلوكيات وتوقعات المستخدمين من جراء دخول تقنية المعلومات إلى المحيط الحالي للعمل بمكتبات الجامعة؟
أولا: بالنسبة إلى موظفي المكتبة:
حدث تغيير كلي في محيط العمل ومفهوم ونوعية المهارات المطلوبة للعمل في مكتبات الجامعة وخصوصا في النواحي الآتية:
تقنية المعلومات إذ تم (التعامل مع البرامج الجديدة والمصادر الالكترونية)
عصر التعليم الالكتروني مهارات الجيل الجديد من المستخدمين في المهارات اللغوية تم التركيز على (اهمية اللغة الانجليزية نظرا لكون نسبة كبيرة من المراجع الالكترونية باللغة الانجليزية) وتم تطوير مهمات امين المكتبة ليصبح اختصاصيي تقييم المصادر المتاحة للمعلومات وشملت التغييرات ايضا اتمتة كاملة لعدد من العمليات مثل الاعارة والفهرسة الاجنبية، والبحث في الفهرس، واستخراج الاحصاءات كما تمت اتمتة جزئية لعمليات اخرى مثل الفهرسة العربية في انتظار انجاز مشروع الفهرس العربي الموحد والتدريب:باستخدام برنامج Netop School للتدريب عن بعد اضافة إلى الاحاطة الجارية: باستخدام قواعد المعلومات والبريد الالكتروني.
الاهداف الحالية
من اهم الاهداف التي نسعى إلى تحقيقها:
انشاء بوابة المعلومات ربط تام بين الفهرس والمصادر الالكترونية وقواعد البيانات المحلية لارساء نظام يمكن استخدامه بسهولة من قبل الطلبة، وتركيب برنامج الاعارة والترجيع الذاتي للتمكن من فتح المكتبة لساعات اطول، ومواصلة تطوير مجموعات المصادر الالكترونية والورقية، ورقمنة عدد من الوثائق واتاحتها للمستخدمين على الشبكة المحلية، وانشاء الحزم التعليمية الالكترونية، ومركز للوسائط المتعددة، وتركيب برنامج الجرد الاوتوماتيكي.
واختتم طرحه بالقول:
تقنية المعلومات غيرت تماما محيط العمل في مكتبات جامعة البحرين، وذلك بادخال نظام الافق وانشاء المكتبة الالكترونية وتوفير الادوات العصرية لتفعيل عمليات البحث العلمي والتعلم المستقل، وستواصل المكتبة في حوسبة خدماتها باضافة البرامج والخدمات اللازمة هناك تزايد ملحوظ ومستمر في مجموعات المصادر الالكترونية وستواصل المكتبة في شراء المصادر الورقية وخصوصا باللغة العربية للاسباب المعروفة (قلة المصادر الالكترونية العربية) كما ان هناك حاجة للمصادر الالكترونية باللغة العربية على رغم قلة توافرها في السوق إذ يمكن ان يكمن الحل في الرقمنة المحلية.
فطرق تعامل المستفيدين تغيرت تماما وخصوصا منهم اعضاء الهيئة الاكاديمية بعد انشاء موقع المكتبة الالكترونية، إذ اصبح من الممكن لهم استخدام مصادر المكتبة مباشرة من مكاتبهم. وهناك محاولات خليجية لانشاء تجمعات للمكتبات والتي يمكن الاستفادة منها بخصوص الفهرسة والتزويد التعاوني والاعارة بين المكتبات.
وقال ان هناك عددا من الاسئلة يجب اعادة طرحها ومحاولة الاجابة عنها بصفة مستمرة لتقييم خدماتنا وذلك بغية تقديم خدمة في مستوى عال من الجودة:
من هو جمهور المستفيدين؟ ما حاجياتهم؟ كيف نوفرها لهم؟ وهل نتمكن من توفيرها في الوقت المناسب؟ وما المجموعات المتوافرة لدينا؟ وما التقنيات المتوافرة لدينا وللمستفيدين؟ وما المهارات المتوافرة؟ وما النواقص؟ (3 النقاط السابقة) وما الموارد المتوافرة لدينا؟ وكيف سنقوم بملء الفجوات؟ وان اعادة النظر بصفة دائمة لتقييم وتطوير خدماتنا تتطلب ضرورة التعلم المستمر لاكتساب المهارات اللازمة والا انعدم دورنا اختصاصيي معلومات (سياسة التدريب المتواصل) وتغيير منظورنا للعمل المعلوماتي لتحويل مكتباتنا من مخازن كتب إلى بوابات للمعلومات وتغيير دورنا من حافظين للمجموعات إلى «ملاحي المعرفة» كما ان هناك حاجة إلى التفكير بجدية في انشاء شبكة وطنية للمعلومات لتنسيق عمل المكتبات بالمملكة وتقديم خدمة معلوماتية من اعلى طراز لجميع قطاعات المتجمع
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/319995.html