العدد: 311 | الأحد 13 يوليو 2003م الموافق 13 جمادى الأولى 1424هـ

جلال الدين طالباني: الأميركان تصرفوا خطأ

زيارتي لروسيا وبكين ليست رسالة لأحد

كيف حال القوى والاحزاب السياسية مع قوات التحالف؟ وكيف ينظر العراقيون - بعد ما حصل - إلى القوات الاميركية والبريطانية، هل هي قوات محتلة ام قوات محرّرة؟ وما الهدف من وراء الفلتان الأمني في العراق؟ لماذا استبعدت الادارة المدنية الاميركية في العراق القوى السياسية العراقية في ترتيب الأمن؟ ومن يقف وراء المقاومة في العراق؟ وهل تتوسع دائرتها؟ هذه الاسئلة وغيرها كانت محور الحوار مع زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني الذي التقيناه في دمشق، وفيما يأتي الحوار الشامل.

كيف حال القوى والاحزاب السياسية مع قوات التحالف؟

- قوات التحالف حققت اهدافا معينة للشعب العراقي منها: تحرير العراق من الدكتاتورية ومنها انهاء الاجهزة القمعية التي عانى منها الشعب العراقي الكثير، وأكبر دليل على صحة ما اقول هو المقابر الجماعية التي تضم مئات الآلاف من العراقيين بينهم (200) ألف كردي واكثر من (400) ألف عربي، هذا اولا. وهناك امر آخر قامت قوات التحالف بفعله ايضا هو انهاء آثار التطهير العرقي في كردستان العراق، لانه - وكما تعرف - مئات القرى الكردية اغتصبت، وشرد اهلها، الآن هؤلاء عادوا إلى قراهم. وهناك امر آخر، انه لأول مرة في التاريخ الكردي تحرر منطقة كردستان العراق من سنجار إلى البدرة وخانقين مرورا بكركوك، هذه انجازات مهمة وكبيرة.

ماذا فعلت قوات التحالف لكم؟

- قوات التحالف اقرت وجود برلمان كردستاني وحكومة كردية اقليمية، واقرت والضع القائم في كردستان، وبالتالي اقرت التجربة الديمقراطية في كردستان العراق منذ اكثر من 10سنوات وعممت هذه التجربة نموذجا لسائر انحاء العراق.

متى سترحل قوات التحالف؟

- يجب ان ترحل قوات التحالف عندما يتأسس الحكم الديمقراطي الائتلافي البرلماني العراقي الموحد، لكن الدعوة الآن إلى رحيل قوات التحالف، تحمل بين طياتها المخاطر، منها: الفوضى في العراق، الاقتتال الطائفي، الحرب الاهلية والتدخل الخارجي- اعني دول الجيران - لهذا اعتقد ان الذين يدعون إلى الانسحاب الفوري لقوات التحالف، لا يدركون المخاطر التي ستنجم عن ذلك، لكن هذا لا يعني أننا نطالب ببقاء القوات إلى يوم يبعثون، مبدئيا ليس هناك عراقي واحد يحب بقاء الاحتلال في بلاده من قبل اي قوى سواء أكان من قبل القوات العربية او الاجنبية او الاسلامية... لكن الوقائع تفرض نفسها ولها ضروراتها ...

هذا يعني أنكم مازلتم تنظرون إلى قوات التحالف على انها قوات محررة وليست قوات محتلة؟

- الناحية العملية هذه القوات حررت العراق من الدكتاتورية، لكن من الناحية القانونية فإنها قوات احتلالية، وقرار مجلس الأمن اعطى الشرعية لهذه القوات ووصفها بأنها قوات احتلالية. نحن كنا نتمنى ألا يصدر مثل هذا القرار من مجلس الأمن وكنا نتمنى ان يكون هناك قرار يغير هذا القرار لكن هذا القرار صدر ووصف قوات التحالف بقوات احتلال.

ما الهدف من وراء الفلتان الأمني؟

- قلت ان الوقت اللازم لانهاء الدكتاتورية في القتال هو بين اسبوعين وثلاثة اسابيع ولكنا نبهنا إلى خطورة ما سيحدث بعد سقوط الدكتاتورية وقلنا انه بعد سقوط الدكتاتورية ما لم تتحالف قوات التحالف مع القوى العراقية الفاعلة على ارض الوطن فلن تستطيع ان تضبط الوضع.

كيف نقرأ لوحة الأمن في العراق؟

- الذي يحدث هو الآتي: الفرهود (مصطلح للنهب والسلب في العراق) غير المحدد وغير المقيد وغير المتوقع ايضا، ثم قلنا بعد الفرهود ستحدث الفوضى وقلنا سيحدث فلتان امني وقلنا انه سيتم نهب الممتلكات العامة الضرورية للعراق الجديد وهذا ما حدث، إذ لم يستمع التحالف الينا ولم يقبل بنصيحتنا.

ترى هل استبعادكم عن المشاركة مع الادارة المدنية الاميركية هو سبب الفلتان الأمني؟

- سبب الفلتان الأمني هو عدم وجود حكم عراقي، عدم وجود ادارة عراقية قادرة على ضبط الشارع وعلى ضبط الأمن. قوات التحالف لا تستطيع ان تقوم بدور شرطي المرور وشرطي الحماية وشرطي الأمن وشرطي المهمات. قوات التحالف قوات عسكرية تستطيع ان تقاتل بشكل جيد، لكن هذه المهمات مهمات بوليسية. هذه المهمات يجب ان يقوم بها ابناء العراق، لذلك نرى هذا الفلتان الأمني في بعض المناطق. لكن لاحظ في كردستان توجد حكومة كردية ولا يوجد فلتان امني حيث الأمن والاستقرار.

من يقف وراء هذه المقاومة؟

- اولا: الحقيقة لا توجد مقاومة، المقاومة المفروض ان يقوم بها الشعب العراقي وكل القوى السياسية والحزبية العراقية ادانت هذه الاعمال.

هذه الفئات التي تقف وراء هذه الاعمال هي اولا جماعة انصار الاسلام، والقاعدة ثانيا والمتطرفون الاسلاميون المتعصبون ثالثا اتباع صدام حسين الذين مازالوا متعلقين به من فدائيي صدام ورجالات المخابرات والأمن وهم عدد قليل جدا، ولاحظ ان المنطقة التي تجري فيها الاعمال منطقة صغيرة قياسا بالعراق.

هل كردستان فعلا تشكل منطقة أكثر امنا للقوات الاميركية ولهذا السبب لديكم امتيازات، اي انكم مميزون عن باقي اطراف المعارضة العراقية؟

- نحن مميزون ليس لهذا السبب، فليست لديهم قوات كبيرة في مناطق كردستان ماعدا مدينة كركوك وخانقين ومناطق اخرى لا توجد فيها قوات اميركية. الآن مثلا في اربيل وفي السليمانية وفي دهوك لا توجد قوات اميركية، المنطقة التي زرتها قبل التحرير لا توجد فيها قوات اميركية. إذا ليس هذا السبب. السبب هو ان اميركا معترفة بالفيدرالية وبالواقع الموجود في كردستان العراق ومعترفة بفضل قوات البشمركة التي ساهمت في تحرير العراق وفي تحرير كركوك والموصل من الدكتاتورية من دون اراقة الدماء. لذلك اعترفت بدور البشمركة، وكذلك لأنها تعرف ان قوات البشمركة هي قوات تدعو إلى نظام ديمقراطي في العراق وهناك توافق مصالح.

ما تفسيركم للارباك الذي تعيشه قوات التحالف مثل الفوضى وعدم اجراء انتخابات وعدم بناء حكومة وطنية... الخ؟

- انا لا اتفق معك على أنه توجد فوضى، كما قلت لك توجد مشكلات في منطقة محددة وصغيرة من العراق في المثلث الذي وصفته لك. أما عدم الدعوة إلى الانتخابات، فالانتخابات تحتاج إلى احصاء نفوس وهذا لم يتم حتى الآن، كما يحتاج الناس في العراق إلى فترة لتنظيم انفسهم. الآن القوى التقدمية والديمقراطية والاشتراكية والقوى العربية بدأت حديثا باعادة تنظيم صفوفها وتعبئة طاقاتها وتهيئة انفسها للانتخابات، فهي ليست مهيأة حتى الآن لخوضها، لذلك فهذه الانتخابات تتطلب وقتا وقانونا جديدا، ومن دون وجود قانون جديد للانتخابات كيف ستجري وعلى أي أساس.

اذا هناك مراحل تسبق الانتخابات مثل تأليف الحكومة العراقية الانتقالية ومن ثم ننظر إلى اصدار قانون للانتخابات واجراء احصاء نفوس بحيث يزود كل مواطن بالبطاقة الانتخابية.

الوعود متى ستتحقق؟

- المجلس السياسي بمجرد تأسيسه يبدأ بممارسة صلاحياته، فيما يتعلق بتعيين الوزراء والهيئات في البلد، ثم اختيار مجلس آخر يسمى المجلس الدستوري الذي يضع مسودة الدستور الذي سيعرض على الاستفتاء إلى نهاية السنة ثم تستكمل الادارة المدنية مشوارها ويبدأ دور تأليف حكومة انتقالية. فالموعود ان تشكل حكومة انتقالية قبل نهاية هذا العام، هذه الحكومة الانتقالية تتولى الاحصاء ووضع قانون مؤقت للانتخابات واجراء انتخابات في السنة المقبلة.

بالنسبة إلى الجوار العراقي... هل يمكن القول ان تركيا استسلمت للامر الواقع وتركتكم لتعملوا ما تشاءون ام انها مازالت تعمل جاهدة للحؤول دون ان تصلوا إلى ما تريدون؟

- نعم قبلت تركيا بالامر الواقع وتأكدت ان ما كنا نقوله لها كان صائبا. فتركيا كانت تخاف من تقسيم العراق، فأثبتنا لها اننا من دعاة توحيد العراق ولسنا مع تقسيمه، كانت تخاف من أن عشرات الالوف من المهاجرين سيتوجهون إليها مثلما حدث بعد الانتفاضة، فلم يتوجه نفر واحد إلى تركيا، وكانت تتخوف من مذابح للتركمان، فلم يقتل عصفور واحد لتركماني في المنطقة واثبتنا ان كل التوقعات التركية كانت خاطئة وكل الادعاءات الكردية كانت صائبة.

فتركيا الآن بدأت تدرك انها يجب ان تتعامل مع الواقع الموجود وبالتالي يجب ان تحسن العلاقة مع الكرد. يجب ان تعمل تركيا من اجل بناء علاقات سياسية وتجارية جيدة مع العراق وكذلك مع المنطقة الكردية وبالتالي فالعلاقات الكردية التركية تحسنت الآن وانا سأزور تركيا واعتقد بأننا سنستطيع اقناعهم بجدوى هذه العلاقة الكردية التركية.

ما قراءتكم للعلاقة التركية بتركمان العراق وخصوصا مع الجبهة التركمانية الآن؟

- الجبهة التركمانية ارتكبت اخطاء كبيرة بحق تركيا وبحق التركمان وبحق العلاقات الكردية التركمانية. كما بالغت كثيرا في عدد التركمان في العراق وارادت ان تخدع الرأي العام التركي بأن هنالك ملايين من التركمان في العراق، على رغم أن عددهم بالعراق لا يصل إلى المليون. كما نشرت الجبهة اكاذيب عن الخطر الذي يهدد التركمان بالقتل والابادة، وتبين ان هذه مجرد اقوال لا اساس لها من الصحة. الجبهة التركمانية حاولت ان تخدع الرأي العام التركي بأن مدينتي الموصل وكركوك مدينتان تركمانيتان. وكما يعلم الجميع الموصل ذات غالبية عربية ونسبة التركمان فيها لا تصل إلى 5 في المئة او 2 في المئة، ثم أن كركوك لم تكن مدينة تركمانية ابدا، نحن لا ندعي انها مدينة كردية صرفة كما يدعي التركمان، نحن نقول كركوك مدينة للتآخي القومي، كركوك مدينة كردية تركمانية وعربية...

ما مبرر الوجود العسكري التركي الآن في كردستان؟

- ليس هناك مبرر لذلك فالأميركان طالبوا اخواننا الاتراك بالانسحاب ثم يدعون ان بقاءهم هو لمنع حزب العمال الكردستاني أو (كاديك) عن الذهاب أو العودة إلى تركيا.

كيف تقيمون علاقات أميركا بتركيا اليوم؟

- تضررت هذه العلاقة بعد رفض البرلمان التركي السماح للقوات الاميركية بالمرور من تركيا إلى العراق، ولكن تركيا دولة كبيرة وعضوة في الناتو واميركا دولة عظمى فلهما مصالح مشتركة واعتقد ان ما حدث ادى إلى برود في العلاقة و«وعكة» صحية بين الطرفين، لكن العلاقات التركية الاميركية موجودة ومستمرة وتتواصل.

وسائل الاعلام تتداول ان حزب العمال الكردستاني يوما ما سيصبح ورقة ضغط بيد الولايات المتحدة ضد تركيا؟

- لا اوافق هذا الرأي، الولايات المتحدة الاميركية تعتبر حزب العمال الكردستاني منظمة ارهابية وتعتبر ان كاديك امتداد لهذه المنظمة الارهابية على رغم ان كاديك حاول مع الولايات المتحدة ان يبرهن انه ليس امتدادا لحزب العمال الكردستاني.

لكن الولايات المتحدة لم تسحب السلاح من عناصر حزب العمال الكردستاني الموجودة في العراق؟

- في كردستان... مفروض ألا يبقى أي تنظيم مسلح فيها. كاديك اذا اراد ان يبقى في كردستان يجب ان يقبل بالقانون الموجود الذي ينص على نزع السلاح شأنه شأن الاحزاب الكردية الايرانية الموجودة في كردستان العراق.

ما صحة الحديث عن وجود «اسرائيليين» في العراق؟

- هذه اكاذيب مفبركة لا اساس لها من الصحة وبإمكان الصحافيين الاجانب ان يأتوا إلى العراق ليروا مدى صحة او بطلان هذا الادعاء.

هل بإمكان القول ان زياراتكم لكل من موسكو وبكين بمثابة رسائل إلى الاميركان بطريقة غير مباشرة؟

- لا.

وماذا تعني هذه الزيارة في هذا الوقت الذي مازالت فيه موسكو على موقفها من التغييرات في العراق؟

- اولا: يجب ان اؤكد لك ان علاقاتنا طيبة وجيدة جدا مع الولايات المتحدة وعلاقاتنا معها الآن اقوى من علاقاتنا بأية دولة في العالم، وهي قائمة على التفاهم المشترك وتحديد مصير العراق وكردستان لذلك ليست لدينا أية مناورة مع أميركا. نحن مع أميركا في علاقة ود واتفاق ووئام... وزيارتي تحسين للعلاقات العراقية الروسية والصينية وتحسين العلاقات الكردية الروسية والصينية وهدف زيارتي لبكين هو اسماع رأينا وبيان موقفنا من الوضع في العراق وكذلك اطلاعهم على الصورة الحقيقية والطلب منهم ان تكون مواقفهم منسجمة مع مواقف الاتحاد الوطني الكردستاني.

العراق دولة عربية... هل مازال العراق عضوا في جامعة الدول العربية؟ كيف تقرأون علاقة العراق مع الجامعة العربية مستقبلا؟

- نحن نعتقد بأن العراق يجب ان يبقى عضوا فعالا في الجامعة العربية


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/320631.html