العدد: 2328 | الإثنين 19 يناير 2009م الموافق 22 محرم 1430هـ

حتى لو هُدمت الكعبة!

في الأيام الخالية كان بعض الخلفاء والملوك والأمراء يعمدون إلى بعض العبيد والمماليك ويجرون لهم عملية خصاء فيصبحون مخصيين أي فاقدين للقدرة الجنسية وبالتالي يجعلونهم يعملون خدما لنسائهم أو ما يسمى أيام الدولة العثمانية «بالحريملك» كما يعمل بعض مربي الأغنام بخصي بعض التيوس حتى لا تقرب الإناث فيؤثر ذلك على تسمينها ورائحة لحمها.

وبما أن الكيان الصهيوني الغاصب يمثل بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية الحريم والعرض فإنها أجرت عملية إخصاء للأنظمة العربية، وهذا ما يفسر قول الرئيس الصهيوني السابق بنغوريون عندما سُئل كيف ستقيمون دولتكم وسط هذا المحيط من الدول الكارهة لكم؟ فأجاب سوف نحولهم إلى أصدقاء!

إن الإنسان السوي عندما يشاهد مجموعة من الدجاج وهي تعدم بسبب إصابتها بانفلونزا الطيور فإنه يصاب بالحزن والأسى على مصيبة هذه الطيور البريئة.

وهؤلاء القوم لا تحركهم شلالات الدم الهادرة على أرض غزة البطلة، ولا يطرف لهم جفنٌ لآلاف الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء والشيوخ عدا تدمير المنازل، وكأن الذي يشاهدونه مجرد فلم تمثيلي وليس حقيقة تجري على أرض الواقع.

ألا يكفي ما أقدم عليه الرئيس الفنزويلي «الحاج محمد تشافيز» من خطوة شجاعة وجريئة تدل على الشهامة والرجولة عندما أقدم على طرد السفير الصهيوني واصفا إياه بالخنزير؟ ألم تُحرج هذه الأنظمة العربية من رئيس ليس بعربي وليس بمسلم وبلاده تبعد الآلاف المؤلفة من الكيلومترات عن فلسطين؟

فمتى تقوم الأنظمة العربية التي لها علاقات مع الكيان الصهيوني بطرد الخنازير الصهاينة أعضاء البعثات الدبلوماسية من عواصمها، هل يتحقق هذا الحلم ؟ لا أعتقد ذلك!

فبعض الأنظمة العربية وعلى رغم كل هذه المذابح فإنها ترى من غير المناسب عقد مؤتمر قمة عربي عاجل لتدارس ما يجري في غزة من جرائم صهيونية، وكأن الذي يحصل ما هو إلا إعدام لقطعان من الماشية المصابة بجنون البقر وليسوا أخوة لنا في العروبة والإسلام!

قال لي أحد الأصدقاء: والله لو أقدم الكيان الصهيوني على هدم الكعبة المشرفة وجاء بزناة يمارسون الفاحشة على أنقاضها ويشربون الخمر لما تحركت هذه الأنظمة!

إن أقصى ما سيقدمون عليه هو دعوة لاجتماع وزراء الخارجية العرب ثم تشكيل وفد للذهاب إلى مجلس الأمن لتقديم شكوى بشرط أن لا يغادر هذا الوفد إلا بعد مرور أسبوع على الأقل من هدم الكعبة وكان الله غفورا رحيما!

إن هؤلاء القادة ينطبق عليهم قول المتنبي:

من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلامُ

وقول الآخر :

لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي

إن كل هذه المجازر الوحشية التي هزت ضمير الإنسانية وجعلت التظاهرات تعم الكرة الأرضية، لم تجعل دولنا العربية البطلة توقف حتى الدورات الرياضية، أما المحطات التلفزيونية فحدث ولا حرج ردحٌ ورقصٌ وطرب، والأدهى والأمر بعض الفتاوى التي صدرت عن وعاظ السلاطين والتي تعتبر هذه التظاهرات عملا عبثيا وإفسادا في الأرض، وكما أفتى أحدهم سابقا بتحريم حتى الدعاء لحزب الله. عن الرسول الأكرم «ص» قال:»من سمع مسلما ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم» صدق رسول الله (ص) .

وهؤلاء القوم يسمعون آناء الليل وأطراف النهار استغاثات النساء والأطفال والشيوخ عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ولكنها لا تمثل بالنسبه لهم شيئا، بل إن بعض الدول العربية منعت حتى التظاهر وهو أضعف الإيمان.

إن الجاموس البري أفضل حالا من هذه الأنظمة فهو عندما يحس بالخطر من أي مفترس يتكتل مشكلا دائرة مركزها الذيول ومحيطها القرون المشرعة فأينما حاول المفترس الاقتحام وجد القرون له بالمرصاد .

فمتى تفيق هذه الأنظمة من رقدتها وتلبي نداء ربها وتستجيب لمطالب شعوبها، سؤال جوابه بعيد المنال!

إبراهيم حسن إبراهيم


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/33764.html