العدد: 416 | الأحد 26 أكتوبر 2003م الموافق 29 شعبان 1424هـ

السعودية تستحق التقدير في مكافحة الإرهاب

أعرب وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز عن أمله بأن تحظى الجهود التي تبذلها المملكة في مجال مكافحة الإرهاب بتفهم ودعم المجتمع الدولي والمعنيين بمكافحة الإرهاب بدلا من انتقاصها أو محاولة إلصاق التهم بالآخرين على نحو جعل من الإسلام والمسلمين محل اتهام من قبل البعض، وكأن الإرهاب صناعة إسلامية، وذلك في تجاهل واضح وصريح لمبادئ هذا الدين الذي يحارب الإرهاب وقتل النفس البريئة، معتبرا ذلك جريمة في حق الأسرة الإنسانية.

وقد ورد ذلك في كلمة وجهها الأمير نايف بن عبدالعزيز إلى مؤتمر «التصدي للإرهاب - التجربة السعودية»، الذي عقد أمس بالتعاون مع «معهد الخدمات الملكية المتحدة للدراسات» والذي نظمته السفارة السعودية في لندن، وألقاها نيابة عنه السفير السعودي لدى بريطانيا وايرلندا الأمير تركي بن الفيصل، بحضور دبلوماسيين وأكاديميين وخبراء بقضايا الأمن والدفاع وقضايا الشرق الأوسط.

وقال الأمير نايف في كلمته: «كانت المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول التي استهدفها الإرهاب وعانت منه وتضررت من آثاره وتبعاته في شتى المجالات، ولذلك كانت أيضا في مقدمة الدول التي حاربته وتصدت له بكل حزم، إدراكا منها لخطورة هذه الظاهرة التي أفرزتها عدة مؤثرات وعوامل دولية وإقليمية. وانسجاما مع عقيدتنا الإسلامية وإيماننا الراسخ الذي يحارب كل ما يلحق بالإنسان ضررا أو يعرض حياته للخطر.

لقد تعمقت تجربة المملكة العربية السعودية في إدراك حجم ظاهرة العنف والإرهاب الذي أصبح يهدد العالم بأسره متخطيا كل الحدود والحواجز، وما يمكن أن يتركه «من آثار مدمرة تهدد أمن الشعوب وتعطل خطط التنمية بشتى أشكالها ومقاصدها، إلى جانب بث الرعب في النفوس الآمنة».

وأضاف: «لذلك بادرت المملكة - ومنذ زمن بعيد - إلى الدعوة إلى قيام استراتيجية عربية لمكافحة الإرهاب تبناها مجلس وزراء الداخلية العرب وبمباركة مجلسي العدل والإعلام العربيين وبشكل غير مسبوق في أي مجتمع آخر يعكس صدقية وفاعلية الجهد العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب وبما يشكل سبقا لكل جهد دولي في مجال مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة. كما أسهمت المملكة في وضع خطة إعلامية نموذجية شاملة لتوعية المواطن العربي وتحصينه بالقيم الروحية والأخلاقية ضد الإرهاب والفكر المنحرف.

وأضاف: «ان جهود المملكة في مكافحة الإرهاب ما كان منها على الصعيد الثنائي أو الإقليمي أو الدولي أو ما كان في مجال الإجراءات المالية أو الأمنية وتعقب خلايا الإرهاب والتصدي للقائمين عليها أو المتعاطفين معها أيا كانوا وحيثما كانوا. ان علينا جميعا أن نتجاوز تبادل الاتهامات وإلصاق الإرهاب بعقيدة أو مجتمع دون آخر، وأن نبادر إلى العمل المشترك والتعاون المثمر في التصدي لهذه الظاهرة التي لا يقتصر ضررها أو خطرها على مجتمع دون آخر».

والكل مهدد في أمنه واستقراره... وليصبح المستفيد من ذلك أصحاب الفكر الإرهابي ومن يستثمره في بلوغ مقاصده الذاتية حتى وإن كانت على حساب الآخرين ومبادئ العدل والإنصاف.

وختاما قال: نرجو لكل جهد مخلص في سبيل مواجهة الإرهاب التوفيق والنجاح وأن نرى مجتمعنا الإنساني يعيش حياة آمنة مستقرة تغمرها مشاعر الاحترام المتبادل والتعاون المثمر لما فيه خير وسعادة إنسان هذا الكوكب الصغير.

تعاون قبل سبتمبر

وقد افتتح المؤتمر الذي استغرق يوما واحدا الأمير تركي الفيصل بمحاضرة حملت عنوان «مكافحة الإرهاب وخبرة المملكة العربية السعودية في هذا المجال»، مشيرا إلى الاختلاف الواضح في تحديد مفهوم الإرهاب بين دول وأمم العالم. قائلا إن المملكة تتعاون مع الإدارة الأميركية في مجال مكافحة الإرهاب منذ العام 1997.

وقال: «إن السعودية كانت دوما الهدف الأول لإرهاب القاعدة وأنها تعرضت للكثير من العمليات الإرهابية من قبل تفجيرات نيويورك وواشنطن. وأن هناك أكثر من دليل على التعاون والتنسيق لمكافحة الإرهاب بين السعودية وأميركا، فهناك لجنة مشتركة من البلدين تجتمع يوميا في الرياض للتداول في تطور مكافحة الإرهاب والتعاون في مجال ملاحقة أعضاء تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن».

مراقبة التبرعات

وردا على أسئلة وجهت إليه بعد الانتهاء من كلمته قال الأمير تركي الفيصل إنه تم توقيف 600 شخص بعد الأعمال الإرهابية وبتهمة انتمائهم إلى القاعدة وقد اطلق سراح 190 شخصا، بينما أحيل حوالي 80 شخصا للقضاء ولايزال التحقيق جاريا مع حوالي 250 شخصا، مشيرا إلى أن الحكومة السعودية لا تتعامل مع مواطنيها في قضية الإرهاب بشكل تعسفي أو انتقامي.

كما أكد الأمير تركي أن المملكة عمدت منذ بداية التسعينات إلى مراقبة وتنظيم عمليات التبرع وتوزيع أموال الزكاة الشرعية من خلال وضع آليات دقيقة لهذا التوزيع بالتعاون مع الجمعيات والمؤسسات ذات العلاقة، وأن الأموال التي كانت ترسل عبر هذه الأقنية إلى أفغانستان أو البوسنة لمساعدة الفقراء والمحتاجين، كانت في الواقع تخضع لهذه الآلية. وهذا يؤكد أن حرص المملكة على التقيد بأحكام الشريعة الإسلامية لم يغيب عن بالها - منذ سنوات - أهمية تنظيم هذا التطبيق بما يحقق للمساعدات الشفافية ويضمن وصولها إلى مستحقيها.

وفي الجلسة الأولى التي ترأسها سفير بريطانيا السابق لدى المملكة السير «أندرو غرين» ، تحدث أيضا «أنتوني غوردسمان» وهو مسئول كبير سابق في الإدارة الأميركية وعضو في المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية معتبرا أن المملكة نجحت - إلى حد بعيد - في حربها ضد الإرهاب، ومشددا على أهمية التعاون الأميركي السعودي في هذا الصدد. كما أشار إلى أهمية التعامل مع المنظمات والمجموعات الإرهابية بشكل فردي وليس كمجموعة من أجل النجاح في الحد من أعمالها، مؤكدا الأهمية القصوى للتعاون المستمر بين الولايات المتحدة والسعودية كشركاء في هذه الحرب، مشيرا إلى أهمية عدم لجوء الغرب لإدانة شعوب أو ديانات أو ثقافات، مضيفا، أن التقارير الصادرة في أميركا وأوروبا وأوبك تشير إلى أن العالم سيحتاج إلى زيادة تصل إلى 140 في المئة من زيادة صادرات النفط من السعودية ودول خليجية أخرى، وهذا لابد أن يزيد من أهمية استراتيجية مكافحة الإرهاب.

وشدد غوردسمان على أهمية بناء مؤسسات لمحاربة الإرهاب كي لا ينتهي العالم إلى صراع الحضارات.

وترأست الجلسة الثانية الليدي «بولين نيفيل جونز» وتحدث فيها طلال أحمد الخارقجي الذي تحدث عن تجربته الشخصية في حوادث تفجيرات الرياض التي وقعت في نطاق المجمع السكني الذي يقيم فيه، وسرد وقائع ذاك الحادث وما أسفر عنه من ضحايا وجرحى كان من بينهم عدد من أصدقائه وجيرانه.

مستقبل غير مشجع

رئيس قسم دراسات العنف السياسي والإرهاب في «جامعة سانث أندرو» ماغناس رانستروب، أشار إلى تمويل القاعدة عن طريق جرائم السرقة واستعمالها أساليب تزوير الهوية، مؤكدا أن العراق أصبح مركزا لهذه المنظمة والمتعاطفين معها.

واعتبر الخبير في الشئون الإرهابية ستان بدلنغتون والذي عمل لوقت طويل مع الـ (سي. آي. أيه)، أن النظرة إلى مستقبل الإرهاب لا تدعو إلى التفاؤل، معتبرا أن هذه الظاهرة باقية بل انها ستزدهر في المستقبل.

الجلسة الثالثة والرابعة تحدث فيها أحمد تركستاني من جامعة الإمام محمد بن سعود ورقية الشعيبي من جمعية النهضة النسائية الخيرية في السعودية، والتي شددت على أهمية دور الجمعية في نشر التوعية التربوية والدينية والاجتماعية بين السيدات السعوديات، مؤكدة أن أية تبرعات مادية للمنظمة تخضع لرقابة جدية وفق القوانين السعودية ومنذ نشوء الجمعية وقبل حوادث 11 سبتمبر/ أيلول بكثير


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/347711.html