العدد: 727 | الأربعاء 01 سبتمبر 2004م الموافق 16 رجب 1425هـ
بين الموازنة والهيكل الوظيفي... خريجات «الخدمة» يبحثن عن مخرج
«أن تكون طالباً متفوقاً في الثانوية العامة فإن ذلك يشعرك بأنك أمام طريق كله طموحات وآمال، تطرق أبواب الجامعة رغبة في تحصيل المزيد من المعرفة، لتصنع مستقبلاً لك ولمن حولك، إلا أنك تواجه الكثير من العقبات، أولها كان دخول تخصص الخدمة الاجتماعية الذي لم أكن أرغب في دراسته» هذا ما ذكرته فرحة عبدالله جعفر خريجة الخدمة الاجتماعية (بمعدل امتياز) التي زارت «الوسط» مع عدد من خريجات الخدمة لبث معاناتهن مع سوق العمل التي عجزت عن توفير وظيفة لهن.
وتزيد جعفر قائلة: «من بين العقبات عدم وجود خطة ثابتة للمواد التي ندرسها، كثير من التغييرات تحدث في المواد، برنامج جديد ومدرسون من الخارج، الخدمة الاجتماعية كما يقال تتعامل مع المجتمع الذي تعيش فيه، فكيف ستدرس أحوال المجتمع وأنت لست فردا فيه، العقبة الثانية كانت في الرسوم الدراسية، إذ إن ثمن المادة الواحدة 120 ديناراً، فإذا كنت فردا في عائلة كبيرة مكونة من 13 فردا والدخل الشهري للأسرة يأتي من مصدر واحد، فمن أين ستوفر هذا المبلغ، فالأمر لن يخلو من القروض والمعاناة والضغوط على الأسرة، أنت تشعر بهذه الضغوط ولكنك تريد تحقيق شيء معين في حياتك، وهكذا تمر السنين، ندرس في فصل دراسي وننسحب في فصل آخر، نقترض في فصل ونستدين في آخر، ندرس مادتين أو ثلاثاً في كل فصل. وحصلت على شهادة الدبلوم بعد أربع سنوات، وبدأت المشكلة تتفاقم قليلا مع ازدياد عدد الطلبة المسجلين في التخصص بعد المكرمة الملكية بتخفيض الرسوم الجامعية».
الحديث لم ينته، فبعد التخرج تبدأ صفحة جديدة من المعاناة إذ تقول: «أول الأبواب التي طرقناها بعد التخرج كانت وزارة التربية، وقد رفضت الوزارة إجراء امتحان لنا أو حتى مقابلة بحجة أن خريجات الخدمة أعدادهن كبيرة، وقال لنا أحد المسئولين بالوزارة إن الوزارة تريد التخلص من الأعداد الموجودة لديها فكيف تأخذ أعداداً جديدة. راجعنا الكثير من الوزارات والمؤسسات دون فائدة، ومنها وزارة العمل، ديوان الخدمة المدنية، محافظة المحرق ووزارة الصحة التي رفضت تسلُّم طلبات التوظيف لوجود فائض من الطلبات».
وتتساءل «ألا تستحق خريجات الخدمة مكرمة ملكية بزيادة عدد المشرفات الاجتماعيات في المدارس، أو توظيفهن باحثات اجتماعيات في المراكز الصحية».
سامية خليل إبراهيم (خريجة الخدمة الاجتماعية) كانت لديها طموحات كبيرة لما بعد التخرج أسوة بباقي طلبة الجامعة تقول: «اعتقدت بأن أبواب العمل ستكون مفتوحة أمامي، ولكن تفاجأت بأن أول الأبواب التي طرقتها وهي أبواب وزارة التربية كانت مقفلة في وجهي، وزارة العمل كذلك، ولكن بعد التردد الكبير عليها بعثت للعمل في مدرسة خاصة، ووعدتني الوزارة بأنها ستصرف لي مبلغ 150 ديناراً إضافة إلى الراتب الذي سأحصل عليه من المدرسة فقبلت بالعرض، وتفاجأت بأن المدرسة أعطتني راتب 150 ديناراً وبعد مراجعة وزارة العمل للحصول على 150 ديناراً تراجعوا عن وعدهم، متعذرين بأن هذا البرنامج توقف بسبب انتهاء الموازنة».
وتمضي في حديثها قائلة: «عملي في المدرسة لا يقتصر على وظيفة مشرفة اجتماعية بل أكلف بعدة أمور تحت مسمى مشرفة اجتماعية، منها أمينة مكتبة، مترجمة وغيرها من الوظائف. قبلت بهذا الراتب بسبب الظروف الصعبة التي أمرُّ بها، فأنا متزوجة ولدي طفلان وراتب زوجي 170 ديناراً، ونسكن في شقة مكونة من غرفتين فقط يبلغ إيجارها الشهري 40 ديناراً».
وتروي الصعوبات التي واجهتها في دراستها الجامعية «راتب الوالد لم يكن يكفي لأن يدفع لي رسوم الجامعة المرتفعة، في الفصول الأولى كان يستدين، وقد حصلت على منحة دراسية من وزارة التربية بقيمة 400 دينار، ولم يكن هذا المبلغ يكفي حتى لفصل لواحد، وفي أحد الفصول لم استطع الدفع لعدم توافر المال، وفي إحدى المحاضرات اكتشف الأستاذ الجامعي بأني لم أدفع الرسوم، ولما عرف سبب عدم دفعي الرسوم الدراسية، تكفل بدفع الرسوم الدراسية عني حتى تخرجت من الجامعة».
«ذكر وزير العمل أن أي خريج جامعي يقل راتبه عن 300 دينار، فإن مكتبه مفتوح، ومن هنا أطالب الوزير بأن يتدخل لإيجاد حل لمشكلتي».
معاناة أخرى تروى على لسان (ل.ع): «قبل التخرج من الجامعة تدربت في صندوق التقاعد وبعد انتهاء فترة التدريب رفضوا توظيفي، حتى عندما طلبت من المدير أن يوظفني كمتطوعة من دون راتب لكي أحصل على الخبرة، رفض ذلك».
وتضيف «لم انجح في امتحان وزارة التربية في المرة الأولى على رغم أن المادة مشابهة لما درسته في الجامعة، وقد استطعت أن اجتاز المقابلة بنجاح، حتى استغربوا من رسوبي في الامتحان لأن المقابلة كانت أصعب، وفي الامتحان الثاني نجحت وقابلنا أحد المسئولين في الوزارة وقال بأني سأوظف بعد 7 سنوات معللا ذلك لوجود فائض من الخريجين».
«وزارة العمل ساهمت معنا، ولكنها لا تستطيع التحرك بأكثر من طاقتها، ولا تستطيع التحرك لوحدها بشكل فردي، وفي إحدى المرات حصلت على وظيفة براتب 150 ديناراً، غير أن الوزارة رفضت توظيفي كوني أحمل شهادة البكالوريوس وهو ما يخالف قانون العمل، وقابلنا وزير العمل ووعد بمحاولة تحريك موضوعنا، وزير الصحة السابق كان متجاوباً مع الموضوع وكانت لديه روح المساعدة، قدمت في المراكز الاجتماعية ولكن دون جدوى».
وتتساءل «لماذا لا ترد الجهات المسئولة على ما تكتبه خريجات الخدمة الاجتماعية في الصحف المحلية».
ومن جانبها تقول زينب الفردان: «من المسئول عن تأخر توظيف خريجات الخدمة، فنحن ليس لنا ذنب إذ التحقنا بهذا التخصص وفق ما قررته الجامعة لنا، أضف إلى ذلك الإغراءات من قبل الجامعة على لسان رئيس القسم على أن هذا التخصص فتح حديثا ويتفق مع حاجة سوق العمل، كما أن وزارة التربية ساهمت في إقبال الطلبة لدراسته من خلال المنح والبعثات، وكذلك وزارة العمل وتصريحاتها بفتح عدد من المراكز الاجتماعية ومراكز للمعوقين وجعل المراكز الاجتماعية مراكز للتدريب ومكاتب للاستشارات الأسرية واهتمامها بتطوير المجتمعات المحلية، كل ذلك يوحي بشكل مباشر وغير مباشر بأهمية هذا التخصص ما حذا بالخريجات للالتحاق به ودفع الرسوم التي تصل إلى 6000 دينار في الفصل الواحد بدلا من البقاء سنوات على قائمة الانتظار، لكن الواقع مغاير تماما لما رسم لنا إذ تفاجأنا بعد التخرج بأن كل أبواب التوظيف مغلقة، ما عدا وزارة التربية التي حدثت بها مجموعة من التجاوزات في تلك الفترة والآن أغلقت باب التوظيف بحجة عدم الحاجة والاكتفاء أحيانا، وفي أحيان أخرى تتعذر بنقص الموازنة الموجودة لديها وبالهيكل الوظيفي».
«وزارة التربية لديها قرار ينص على أن يعين مشرف اجتماعي لكل 300 طالب»، وتتساءل الفردان «لماذا لا تعيد الوزارة النظر في هذا القرار، بأن تضع على سبيل المثال مشرفاً اجتماعياً لكل 250 طالباً، حتى تفتح المجال أمام خريجات الخدمة (...) لدينا رؤية في استخدام أساليب التربية الحديثة أو الموارد البشرية، وذلك يحتاج إلى خريجات الخدمة لوضع هذه البرامج. بالنسبة إلى وزارة الصحة فإن المسئولين في المراكز الصحية يؤكدون الحاجة إلى باحثات اجتماعيات في كل المراكز الصحية، ولكن المشكلة بحسب المسئولين في الوزارة هي في الموازنة والهيكل الوظيفي».
«هناك مجموعة من الوظائف منها ما يعلن عنه، ومنها ما يتم بسرية تامة وإذا ما دخلت المقابلة لا تجد فيها من الأسئلة ما يميز القدرات والكفاءات وبالتالي لا تعلم على أي أساس تم الاختيار».
وتطالب بـ «إيجاد حل لمشكلة خريجات الخدمة الاجتماعية، إذ يجب على مجلس النواب التحرك في سبيل الوصول إلى حل لمشكلتنا. وقد التقينا مع رئيس المجلس خليفة الظهراني وقال بأنه لا يملك العصا السحرية، ولا يوجد لديه حل للمشكلة، نستغرب من هذا القول حتى أنه لم يكلف نفسه بطرح الموضوع في المجلس، على مستوى الوزارات شعرنا بتعاطف منهم ولكننا نريد خطوات عملية (...) وزير العمل وعد في شهر مارس/آذار من العام الماضي بتحرك شخصي في الموضوع، أو إيجاد مشروع لتوظيف 100 خريجة على الأقل، وكان المشروع عبارة عن إرسال رسائل إلى مؤسسات الدولة ووزاراتها، عن مشكلة خريجات الخدمة لاستيعاب عدد منهن، ولكن لم تتجاوب الوزارات الأخرى مع وزارة العمل».
وتتابع الفردان قائلة: «في مراجعاتي للوزارات الجميع يصرح بحاجتهم إلى خريجات الخدمة، ولكن تبقى المشكلة هي الموازنة والهيكل الوظيفي المحدود، لذلك أخبرنا مجموعة من المسئولين بأن مشكلتنا لن تحل إلا بقرار سياسي، نسمع عن اجتماعات ولقاءات بين المسئولين لحل المشكلة، لكن لا نتيجة، إذ لا توجد حلول مناسبة، وإن كان هناك حل مناسب فإن البيروقراطية التي تعيشها الوزارات تبقى عائقاً، لذلك نطالب بإيجاد حلول جذرية وسريعة لحل المشكلة بعيدا عن البيروقراطية فنحن لسنا بحاجة إلى تعاطف وتفهم المسئولين فقط بل بحاجة إلى خطوات عملية (...) نتساءل الآن ونحن في عصر الشفافية وعلى رغم الكتابات المستمرة في الصحافة المحلية، لماذا لا نجد رداً واستجابة من قبل المسئولين؟».
وتؤكد الفردان أن «سياسة التجاهل والمراوغة التي تتبعها وزارة التربية لن تولِّد إلا مزيدا من الشد، فالحاجة الماسة إلى التوظيف والحالات المادية الضعيفة للخريجات لن تولِّد الهدوء بل ستولِّد الرفض والمطالبة الحثيثة للحصول على الحق كمواطنات، وهو ما ينص عليه دستور المملكة وميثاقها».
وكان وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي ذكر في رده على سؤال للنائب محمد آل الشيخ فيما يتعلق بعدد الخريجات الجامعيات العاطلات عن العمل، أن الوزارة قامت باستيعاب نسبة كبيرة من الفوائض في تخصص الخدمة بعد تعديل الوصف الوظيفي لوظائف الإشراف الاجتماعي والذي تضمن تعديل نطاق اختصاص كل معلمة في الإشراف الاجتماعي على الطلبة ليكون لكل معلمة 300 طالبة بدلا من 450 طالبة. ما ساعد على توظيف عدد من المشرفات الاجتماعيات في المدارس. كما يوجد على قائمة الانتظار 193 خريجة ممن اجتزن شروط التوظيف، وتشارك الوزارة من خلال الاجتماعات المشتركة مع وزارة العمل والشئون الاجتماعية ووزارة الصحة بدراسة امكان استيعاب عدد من الخريجات في مجال الخدمات الاجتماعية أو الإشراف في وزارة الصحة أو مجالات العمل الأخرى في الدولة والقطاع الخاص بعد إعادة تأهيلهن بحسب حاجة ومتطلبات الوظائف المختلفة. كما أوقفت جامعة البحرين القبول في تخصص الخدمة لوجود فائض من خريجيه عن احتياجات سوق العمل.
«الوسط» حاولت الحصول على بيانات دقيقة عن خريجات الخدمة الاجتماعية من جامعة البحرين غير أن بعض المسئولين لا يردون على هواتفهم، كما زارت «الوسط» مركز خدمات التوظيف بوزارة العمل والشئون الاجتماعية للحصول على بيانات عن الخريجات والجهود التي يقوم بها المركز لتوظيفهن وانتظرت رئيس المركز الذي كان موجودا في أحد أقسام الوزارة ووعد بأن يصل خلال خمس دقائق غير أن الوقت طال ليصل إلى قرابة الساعة من دون مقابلته
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/405596.html