العدد: 710 | الأحد 15 أغسطس 2004م الموافق 28 جمادى الآخرة 1425هـ
التصحر... آفة القرن 21: البعد الطبيعي(1/2)
على رغم قدم ظاهرة التصحر، لكن في الفترة الأخيرة تسارعت وتفاقمت إلى الحد التي أصبحت معه تهدد مساحات كبيرة جدا من العالم بالهلاك، وأعداد هائلة من البشر بالجوع والتشرد والقتل. وبينما يشدد الكثير من خبراء الاقتصاد على ضرورة مكافحة عوامل انتشار الفقر أو إعاقة التنمية، وفي حين تسود أجهزة الإعلام العالمية والعربية الصيحات المؤكدة ضرورة الربط بين الإعلام والتنمية، بل وحتى التقدم وما شابهها من دعوات محاربة كل ما يعوق تقدم المجتمعات البشرية، نرى مقابل كل ذلك أن هناك نداءت متفرقة وأصواتاً مبحوحة - وربما مهملة - تنادي بمحاربة التصحر والوقوف ضد الأنشطة البشرية التي تساعد على انتشاره. بل نرى البعض - بوعي أو من دون وعي- يروج لمقولة ان الامتداد الصحراوي الشاسع في البلاد العربية ظاهرة طبيعية، وجزء متكامل مع الإيكولوجية العربية، ومن ثم الشخصية العربية، بل ان البعض يحاول ان يجعل الإنسان العربي غير صالح لأن يعيش في مكان غير صحراوي. انطلاقا من أن 90 في المئة من مساحة الوطن العربي تقع ضمن المناطق الجافة جداً، أو الجافة، وشبه الجافة. وتنطلق تلك الأصوات المصرة على الدمج بين التصحر والعربي من كون ان الكثير من نسبة عالية من الأراضي المتصحرة أو المهددة بالتصحر تقع في أرجاء عالمنا العربي أو على تخومه. إذ تشير بعض الأرقام إلى أن نحو 357,000 كم2 من الأراضي الزراعية أو الصالحة للزراعة أي نحو 18 في المئة من مساحتها الكلية والبالغة 1,98 مليون كم2 ، أصبحت واقعة تحت تأثير التصحر.
خطورة ظاهرة التصحر على التطور المدني والاجتماعي للمجتمعات البشرية هو الذي يدفع مؤسسة مثل منظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة (الفاو) كي ترى في التصحر مرضا من أمراض الأرض الأشد خطورة. وتؤكد أنه يضرب بقوة 3,6 مليارات هكتار في أكثر من مئة دولة. كما جاء ذلك في إطار تهيئتها لليوم العالمي لمكافحة التصحر الذي عقد في يوم 17 يونيو/ حزيران من العام 2001، إذ أصبح العالم يحتفل - ومنذ العام 1994 - في يوم 17 يونيو من كل عام باليوم العالمي لمواجهة التصحر والجفاف. وأفادت «الفاو» حينها أن الفقر والتزايد السكاني السريع هما من بين الأسباب الرئيسية لظاهرة التصحر التي باتت تشكل خطرا كبيرا على الإنتاج الزراعي والحيواني.
ومن جانب شدد المدير العام المساعد المسئول عن دائرة الغابات في الفاو حسني اللقاني في تصريحات بمناسبة ذلك اليوم العالمي لمكافحة التصحر، على أن التصحر يلحق ضررا كبيرا بالغطاء النباتي للأراضي المزروعة والمراعي والغابات ويترك تأثيرات سلبية جدا في التنوع الحيوي وخصوبة الأراضي ودورة المياه والمحاصيل والإنتاج الحيواني. وأشار اللقاني إلى أن الهدف من اليوم العالمي لمكافحة التصحر هو تذكير الجميع بأن مكافحة التصحر يجب أن تدرج في إطار مكافحة الجوع والفقر.
وكانت الأمم المتحدة اقترحت في العام 1994 مشروع اتفاق لمكافحة التصحر وهو الاتفاق التي دخل حيز التنفيذ في نوفمبر/ تشرين الثاني العام 1997. لكن الفاو تفيد بأن عددا قليلا من الدول الـ 180 التي صدقت على الاتفاق باشرت في تطبيق برامج كبيرة في هذا المجال. ما هو التصحر يمكن تعريف التصحر طبقاً لتعريف برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) بأنه عملية تؤدي إلى كل أشكال التقهقر الطبيعي أو الاصطناعي لموارد الأرض المعرضة لتأثير الجفاف الشديد في المناخ والتربة، التي بدورها تؤدي إلى تدمير النظام الحياتي الكامن للأرض، وانخفاض المستوى المعيشي، وانعدام الانتاجية، وسيطرة العوامل الصحراوية، وتحويل البيئة إلى ما يشبه الصحراء.
وبينما تحدد نادية العوضي محررة الموقع العلمي والصحي الناطق بالإنجليزية بشبكة «إسلام أون لاين. نت» خمسة عوامل طبيعية مهمة تؤدي إلى تعرية التربة وإصابتها بالتصحر، وهي: 1- التعرية بسبب الرياح 2- شحة المياه 3- زيادة ملوحة التربة 4- فقدان الأرض لخصوبتها 5 - ضغط أو دهس التربة.
يحدد تقرير صدر - في منتصف العام الماضي - عن الاتفاق الدولي لمكافحة التصحر التابعة للامم المتحدة أربعة أنشطة بشرية تعتبر من الأسباب المباشرة لعملية التصحر وهي: 1- الاستعمال المكثف للاراضي الزراعية ما يؤدي إلى تدهور التربة واستنفاد خصوبتها.
2- الرعي الجائر والمبكر ما يؤدي إلى تدهور الغطاء النباتي الرعوي الذي يحمي التربة من عوامل التعرية.
3- إزالة الغابات التي تعمل على تثبيت التربة وتحافظ على مساقط المياه وبالتالي يتم تعريض التربة لعوامل التعرية وخصوصاً المائية.
4- الاسراف في الري وسوء الصرف الذى يؤدي إلى التملح وتصحر الاراضي.
وأكد التقرير أن التصحر يطال اراضي 110 دول وهو آفة تهدد الانتاج الغذائي لخُمس سكان العالم (مليار نسمة) وتقدر الخسائر التي تسببها على المستوى العالمى بنحو 42 مليار دولار سنويا.
وأكد التقرير عن التصحر في منطقة اقليم غرب آسيا، ان مشكلة التصحر هناك «تعد من أهم المشكلات البيئية التي تهدد مستقبل البشرية لتأثيراتها المباشرة على مصادر غذاء الإنسان، وبالتالي على صحته واسلوب حياته».
وأفاد التقرير انه عادة ما يبدأ التصحر بتدهور الغطاء النباتي ثم بتعرية سطح التربة وتعرضها لعوامل التعرية الهوائية والمائية إلى أن تفقد الطبقة السطحية للتربة وتصبح الأرض جرداء لا تمسك ماء ولا تنتج نباتا. وتشير التقارير العالمية التي صدرت عن الامم المتحدة إلى أن العالم يفقد سنويا نحو 24 مليار طن من التربة السطحية وان نحو 70 في المئة من أجمالي مساحة الأراضي الجافة المستخدمة في الزراعة في العالم تضررت بدرجات متفاوتة من جراء عمليات التصحر.
وأشار تقرير الأمم المتحدة إلى ان دول غرب آسيا تقع ضمن الحزام الصحراوي الجاف لغرب القارات الذي يتميز بانخفاض معدل الهطول المطري وتذبذبه وارتفاع كل من درجات الحرارة ونسب التبخر.
ومن الناحية المناخية يتلقى 72 في المئة من مساحة هذا الاقليم هطولا مطريا أقل من 100 ملم في السنة و15 في المئة تتلقى ما بين 100 إلى 300 ملم في السنة و10 في المئة تتلقى أكثر من 300 ملم في السنة.
وقال التقرير انه نتيجة الظروف المناخية الصعبة لهذا الاقليم وازدياد الضغوط البشرية على الموارد الطبيعية فقد زادت من التأثيرات الحادة لكل من الجفاف والتصحر التي أصبحت آثارها تهدد مساحات كبيرة وتؤثر في حياة ملايين البشر.
يشار هنا إلى ان عدد الدول الموقعة على اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من الجفاف الشديد والتصحر (1994) بلغ في نهاية ابريل/ نيسان من العام الماضي 110 دول وان عدد الدول المصدقة على الاتفاق بلغ 186 دولة من ضمنها دول غرب آسيا باستثناء العراق.
ويهدف الاتفاق إلى مكافحة التصحر وتخفيف آثار الجفاف في البلدان التي تعاني من الجفاف الشديد أو التصحر وخصوصا في افريقيا وذلك باتخاذ إجراءات فعالة على جميع المستويات مدعومة بتعاون دولي وترتيبات شراكة في اطار منهج متكامل منسق للاسهام في تحقيق التنمية المستدامة في المناطق المتأثرة.
وتقدم الاتفاق مساعدة فنية لغالبية دول الخليج العربية لتنفيذ برامجها الوطنية لمكافحة التصحر. ويهدد التصحر حاليا نحو 20 ألف ميل مربع من الأراضي الخضراء سنويا، فيحيلها إلى مناطق رملية جدباء، كما أن التصحر - سنويا - يحاول اختراق مساحة أخرى تقدر بنحو 70 ألف ميل مربع، يتربص بها، متمنيا الفرصة، فإذا غفلت عيون أصحابها عن حمايتها، ضربها الجفاف، واغرقتها الرمال
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/409376.html