العدد: 751 | السبت 25 سبتمبر 2004م الموافق 10 شعبان 1425هـ
مادة ترفيهية ليست ذات شأن ومدرسوها مهمشون
«التربية البدنية» متى ينظر إليها كمادة أساسية؟!
عادة ما نرى مدرس التربية الرياضية يلقي بالكرة إلى التلاميذ في حصة الرياضة - كما نطلق عليها - والتي تكون مدتها تقارب خمسين دقيقة ويذهب بعيداً عنهم تاركاً لهم التصرف باللعب كما يشاؤون ليقضي هو طوال هذه المدة بحثاً عن مدرس فاض أو يذهب إلى حجرة المدرسين الذين ليس لديهم حصص تدريسية للحديث عن مشكلات وقضايا الدنيا أو يذهب خارج المدرسة لقضاء بعض الأمور الخاصة به متناسياً أهمية هذه المادة والدور الذي يجب أن يقوم به خلال هذه الحصة والذي يتجاوز بكثير حدود رمي الكرة والذهاب بعيداً! ونحن هنا نشير إلى الغالبية العظمى من مدرسي هذه المادة وليس الكل، ونريد أن نسلط الضوء على أهمية التربية البدنية بالنسبة إلى التلاميذ إذ إن مادة التربية الرياضية تحقق النمو المتكامل للتلاميذ من جميع الجوانب التي منها: الجسمية، العقلية، الانفعالية، الاجتماعية، الروحية، الجمالية والأخلاقية، بما يكفل تكوين الشخصية المتزنة المتكاملة... ومن المفترض أن تعمل المدرسة على تحقيق هذه الجوانب وإكساب التلاميذ قدراً كافياً من اللياقة البدنية والصحية - التي هي جزء من اللياقة الشاملة - خلال برامج وأنشطة التربية البدنية والرياضية بما يتناسب مع مرحلة نموهم وتزويدهم بالمعلومات والمعارف وبذلك يصبح من الضروري أن يقوم التدريس والتوجيه الفني للتربية البدنية والرياضية بالمدارس على أسس علمية تضمن تحقيق أهدافها العامة والخاصة بالصورة المناسبة.
وقد يشكو أكثر مدرسي هذه المادة حديثي التخرج من أنهم مهمشون في المدرسة لا دور لهم سوى رمي الكرة للتلاميذ وعلى رغم دراستهم الجامعية لمدة 5 سنوات والعمل والبرامج الدراسية والعلمية الكثيرة وأن لديهم طاقة وقدرة على التطوير والتغيير وتخريج جيل يحمل ثقافة رياضية فانهم يعانون من ترسبات الماضي وبعض مدرسي الأمس الذين كان لهم الدور الأساسي في الوصول إلى هذه النتيجة السلبية... نتيجة الكسل والملل التي اعتادوا عليه وخصوصا عندما نعرف أن الغالبية هم من خريجي المعاهد القديمة والزمن قد تطور اليوم وأصبح التدريس على أسس علمية مدروسة لضمان النجاح والتقدم.
وتحدثنا مع أحد المدرسين المتخرجين حديثاً فأشار إلى أن هناك سلبيات كثيرة أدت إلى الوصول إلى هذه النتيجة المخيبة وهي رمي الكرة للتلاميذ وذهاب المدرس بعيداً عنهم! ومن أهمها بعض المدرسين القدامى الذين يفتقدون البرامج العملية الحديثة والذين اعتادوا على طريقة معينة وأسلوب جعل التلميذ ينفر من التمارين الرياضية ويعشق الجري وراء الكرة منذ بداية مراحل الطفولة، والمعروف أن هذه المرحلة خطيرة جداً إذ إنك تستطيع تشكيل الطفل وتسييره وفق برامج معينة فإن اعتاد عليها يصعب التغيير في الكبر. فالمفروض تعويد الطفل على أسلوب وبرامج علمية مدروسة ورمي الكرة آخر ربع ساعة بعد أن تعطى له تمارين تربية بدنية وأسلوب مسابقات وغير ذلك يحببه في المادة.
ومن ضمن الأسباب أيضاً افتقاد صالات رياضية مجهزة بالأجهزة التقنية الرياضية الحديثة في جميع المدارس وخصوصاً أن الجو العام للمملكة هو شديد الحرارة صيفاً ومن الصعوبة عمل برنامج جيد للتربية البدنية من دون وجود صالات مجهزة، أو عمل برنامج في ساحة المدرسة من دون أدوات رياضية.
أضف إلى هذه الأسباب الجداول الموضوعة والتي يفترض فيها أن تكون المادة بداية الصباح لتنشيط الجسم والخلايا والدورة الدموية وليكون على استعداد لاستيعاب بقية المواد وليس في آخر اليوم كالحصة الخامسة أو السادسة إذ يفكر الطفل في مادة التربية الرياضية منذ حضوره إلى المدرسة ما يدعو إلى إهماله وعدم استيعابه لبقية المواد الدراسية الأخرى.
بعض مديري المدارس يعتقدون أن هذه المادة ترفيهية وأن مدرس المادة شخص هامشي يمكن استغلاله في القيام بمهمات أخرى وترك التلاميذ وحدهم أو يمكن لأي مدرس كان سواء لغة عربية أو رياضيات... الخ أن يأخذ الحصة لتدريس التلاميذ لأنه متأخر في منهجه الدراسي ما يسبب إحباطاً كلياً لمدرس التربية الرياضية وعدم إحساسه بالرضا وإلقاء الكرة والذهاب بعيداً عن الأطفال! عوامل كثيرة لا نستطيع حصرها في موضوع واحد من دون أن نقوم بمسح شامل وعمل مقابلات وأخذ آراء اختصاصيين ومدرسين للوقوف على أسباب انحطاط هذه المادة وتسليط الضوء على الأسباب التي جعلت من مدرس المادة شخصاً مهمشاً في الدول الخليجية ومادة التربية الرياضية هامشية ترفيهية لا حياة لها ولا روح ان كان الترفيه هو الجري وراء الكرة!، بينما التربية البدنية والرياضية في الدول المتقدمة لها مكان بارز في البرامج المدرسية لإنهاء الجزء المتكامل في التربية البدنية العامة، الذي يتحقق عن طريق درس التربية والأنشطة المكملة لها، فهي وإن كانت حركية في مظهرها إلا أنها عقلية، وجدانية، اجتماعية، نفسية وخلقية في أهدافها وعلاقتها. فهل تعيد وزارة التربية والتعليم حساباتها بشأن هذه المادة ومدرسيها؟!
سامي العنيسي
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/413268.html