العدد: 752 | الأحد 26 سبتمبر 2004م الموافق 11 شعبان 1425هـ

الفتيات ضحايا التكنولوجيا الجديدة

البلوتوث: صداقات وعداوات وفوائد ومشكلات

أصبح المجتمع البحريني كغيره من المجتمعات يتأثر بدخول التكنولوجيا الحديثة من جهاز نداء آلي، إلى جهاز الحاسب الآلي، إلى الهواتف النقالة التي كانت من الكماليات وها هي اليوم تتصدر قائمة الضروريات ليس بالنسبة إلى الرجل أو المرأة، وإنما حتى الطفل والخادمة.

مثل هذه التقنيات الجديدة أصبحت شكلاً من أشكال الحضارة والحداثة التي طرأت على المجتمع. ولكن في المقابل هناك الكثير من القضايا التي تجب معرفتها قبل استخدام تلك التكنولوجيا المتطورة. ويمكن طرح هذه القضايا في سؤال واحد لا أكثر، وهو: ما الآثار المترتبة على استخدام التكنولوجيا الحديثة في المجتمع البحريني؟

طبعاً لا يمكن مناقشة هذه الآثار بشكل موسع، ولكن يمكن تسليط الضوء على أحدث هذه التقنيات التي تدافع عليها الأفراد، وأصبحت مطلباً ملحاً عند شراء هواتف نقالة جديدة. وهذه التقنية (البلوتوث) التي يعشقها الشاب نظراً للفرص الكثيرة التي تتيحها له لاستخدام وسائل وابتكارات جديدة تحقق الكثير من رغباته.

وهذا الاهتمام المتزايد دفع الكثير من شركات الاتصالات في العالم إلى توفير خدمات البلوتوث المجانية في الهواتف وأجهزة أخرى كثيرة كتعبير عن تقنية جديدة بإمكانها إحداث ثورة في عالم الاتصالات السلكية. ولكن أين البداية؟

ظهرت البداية مع قيام كبرى شركات الاتصالات بابتكار تقنية جديدة سهلة الاستخدام بحيث تكون وسيلة سريعة ومضمونة بدرجة أكبر عن التقنية القديمة والتي كانت موجودة في عدة أجهزة إلكترونية، وهي تقنية الاتصال عن طريق الأشعة تحت الحمراء بسبب عدم كفاءتها وضعف جودة الخدمة التي تقدمها على وجه الخصوص لمستخدمي الهواتف النقالة. وتقوم تقنية البلوتوث على الاتصال بين الاجهزة المختلفة من دون اسلاك. فهذه التكنولوجيا الجديدة تعد مواصفات عالمية المستوى لربط كل الأجهزة المحمولة مع بعضها بعضاً مثل الكمبيوتر والهاتف النقال وكمبيوتر الجيب والأجهزة السمعية والكاميرات الرقمية. بحيث تتمكن هذه الأجهزة من تبادل البيانات ونقل الملفات بينها وبين شبكة الإنترنت لاسلكياً دون تدخل من المستخدم.

وتم تطوير تكنولوجيا الاتصال اللاسلكي البلوتوث بوساطة مجموعة من المهتمين يطلق عليهم اسم Blutooth Special Interest Group. إذ انضمت أكثر من 1000 شركة عالمية لمجموعة الاهتمام الخاص بالبلوتوثBluetooth Special Interest Group وهي ما تعرف اختصارا بـ SIG وذلك لتحل هذه التكنولوجيا محل التوصيل بالأسلاك.

وتتيح التقنية الجديدة الكثير من الطرق التي يمكن من خلالها ربط الاجهزة الالكترونية مع بعضها بعضاً مثل توصيل الكمبيوتر بلوحة المفاتيح أو بالطابعة أو بالماسحة الضوئية. كما يمكنها توصيل المفكرة الشخصية الالكترونية بجهاز الحاسوب لتبادل المعلومات من خلال أسلاك خاصة. كما ان جهاز التلفزيون وجهاز الفيديو وجهاز استقبال المحطات الفضائية كلها تتصل مع بعضها من خلال كوابل خاصة ويتم التحكم بها من خلال أجهزة الرموت كنترول التي تعمل في مدى الاشعة تحت الحمراء. اما جهاز التلفون المتنقل يتصل بالقاعدة من خلال امواج الراديو إلى تعمل على مسافة محدودة (50 متراً). وجهاز الستيريو يتصل بالسماعات من خلال اسلاك توصيل.

وتكنولوجيا البلوتوث جاءت للتغلب على الكثير من المشكلات إذ قامت شركات عدة أبرزها: Siemens و IntelوToshiba, Motorola و Ericssonبتطوير مواصفات خاصة مثبتة في لوحة صغيرة radio module تثبت في اجهزة الكمبيوتر والتلفونات واجهزة التسلية الالكترونية لتصبح هذه الاجهزة تدعم تكنولوجيا البلوتوث والتي ستصبح الاستفادة من موازنها حسب الخصائص الآتية:

- أنها أجهزة من دون أسلاك: وهذا يجعل نقل الاجهزة وترتيبها في السفر او في البيت سهلا ومن دون متاعب.

- غير مكلفة بالمقارنة بالاجهزة الحالية.

- سهلة التشغيل: تستطيع الاجهزة التواصل ببعضها بعضاً من دون تدخل المستخدم بل المطلوب هو الضغط على زر التشغيل ليقوم البلوتوث بالاتصال مع الجهاز الآخر خلال ثوان.

أما تسمية التقنية الجديدة بالبلوتوث فتعود إلى ملك الدنمارك هارولد بلوتوث Harald Bluetooth الذي وحد الدنمارك والنرويج وأدخلهما إلى الديانة المسيحية قبل وفاته في العام 986 بعد مواجهته ابنه في إحدى المعارك الحربية. وقد تم اختيار هذا الاسم لهذه التكنولوجيا للدلالة على مدى اهمية شركات في الدنمارك والنرويج والسويد وفنلندا إلى صناعة الاتصالات في العالم.

البلوتوث في البحرين

وصلت تقنية البلوتوث إلى البحرين مع دخول أولى الأجهزة الإلكترونية التي تحمل هذه التقنية إلى البلاد، ولكنها سرعان ما انتشرت بشكل سريع بين أيدي الشباب الذين سارعوا لاقتناء أحدث موديلات الهواتف النقالة التي توفر خدمة البلوتوث. وبدأ استخدام هذه التقنية بشكل واسع النطاق في مختلف المواقع في المدارس والجامعات والمنازل والمجمعات والأسواق التجارية والأماكن العامة.

إلا أن البلوتوث كأية تقنية جديدة هناك من يستخدمها لأغراض مفيدة، وآخرون يستخدمونها في أغراض سيئة إشباعاً لرغباتهم. وقد التقت «الوسط» بمجموعة من الشباب والشابات الذين يستخدمون تقنية البلوتوث باستمرار، واستفسرت عن استخداماتهم لهذه التقنية:

- لمياء طالبة جامعية: استخدم البلوتوث يومياً، وخصوصاً في الجامعة أثناء المحاضرات، إذ أقوم بالمحادثة مع أحد الشباب أو الشابات في القاعة وقد كونت لي عدة صداقات. وأعتقد أن هذه التقنية مسلية للغاية، ولا أرى فيها أي ضرر للفرد، لأنها تقدم خدمة الاتصال المجاني ولفترة أطول.

- جعفر مهدي: لا استخدم البلوتوث بشكل يومي، وإنما استخدمه بشكل مكثف خلال الإجازة الأسبوعية عند ذهابي للمجمعات. ومعظم استخداماتي تتركز في إرسال الصور، ومشاهد الفيديو المنتشرة بين الشباب. وهذه التقنية الجديدة يستخدمها الشباب اليوم للتعارف، ومعظم المتضررين منها الفتيات، ولكنني أطرح سؤالاً لماذا تقوم الفتيات بتشغيل خدمة البلوتوث في هواتفهن النقالة؟

- عمر خليل (طالب جامعي): كثير من الشباب يستخدم البلوتوث، ونحن نستخدمه في العمل أحياناً لتبادل المعلومات، كما انه وسيلة فعالة لنقل البيانات دون توصيلات أو أسلاك، كما هو حاصل في أجهزة الحاسب الآلي.

- مروة محمد: هناك الكثير من الشباب والشابات يستخدمون البلوتوث بشكل خاطئ، فأحياناً يتم التقاط مشاهد لفتيات وهن جالسات في إحدى المقاهي، ويتم نشرها في ثوان عن طريق الهواتف النقالة، والمشكلة أن الفتيات طبعاً لا يعلمن شيئاً عن ذلك. ولا يقتصر الأمر على ذلك بل في بعض الأحيان هناك من يتقمص إحدى الشخصيات في البلوتوث ليقوم بنشر العدواة بين الأفراد عن طريق التلفظ بألفاظ غير لائقة.

من خلال الآراء السابقة يبدو أن هناك اهتماماً من الشباب لاستخدام تقنية البلوتوث بشكل كبير، ولكن هذه الاستخدامات تختلف من شخص إلى آخر. وفعلاً هناك استخدامات سلبية للبلوتوث، الأمر الذي يرجع إلى الجهل بأهداف هذه التقنية، ودورها في تقديم عدة خدمات بسهولة ويسر.

تقنين استخدام البلوتوث

بعض البلدان الخليجية المجاورة أبدت اهتماماً ومتابعة بتزايد استخدام التقنيات الحديثة، وفي مقدمتها البلوتوث، وبدأت في الاستعداد لسن تشريعات وقوانين تمنع استخدام البلوتوث، أو تعاقب من يستخدمه بعد أن شهدت مجتمعاتها حوادث خطيرة بسبب الاستخدام السيئ لهذه التكنولوجيا كما حدث في الكويت التي أقرت قانوناً ينظم استخدام الهواتف النقالة ويعاقب من يسيء استخدامها.

وفي البحرين أعلن النائب عبدالله الدوسري قبل فترة أنه بصدد تقديم اقتراح بقانون لمجلس النواب خلال دور الانعقاد المقبل بشأن تجريم اساءة استخدام البلوتوث. إذ أكد أن القانون المقترح يهدف إلى حماية خصوصيات الأفراد دون تطفل الآخرين والاساءة لهم، مشيراً إلى أن معرفة مرسل الرسالة ومصدرها في غاية الأهمية في القانون نفسه.

ويأتي هذا التوجه بعد الحوادث التي شهدها المجتمع البحريني بسبب إساءة استخدام تقنية البلوتوث، وقيام البعض بتشويه سمعة الآخرين، ونشر مواد إباحية عن طريق هذه الخدمة. إلا أن ذلك يبقى مرتهناً بمدى وعي الشباب البحريني باستخدام هذه التقنيات، وكيفية الاستفادة منها قدر الإمكان. حتى لا يصبح تقنين التكنولوجيا تضييقاً للحريات الشخصية التي يتمتع بها الأفراد


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/413434.html