العدد: 804 | الأربعاء 17 نوفمبر 2004م الموافق 04 شوال 1425هـ
كاتب في «هآرتس»:
عرفات لم يحلق ذقنه منذ أوسلو
أكد الكاتب دورون روزنبلوم في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية في مقال تحت عنوان «هذه بدلتنا»، أنه تم تجنيد حتى اللباس العسكري الخاص بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، كدليل آخر على أن الرجل ليس شريكا في السلام، وليس فقط أنه لم يحلق ذقنه بعد أوسلو بل ولم يرتدِ أبداً اللباس المدني كجزء من المفهوم «شخصنة القضية الفلسطينية» والتي من الممكن أن نشتاق إليها، والتي ادعت أنه يوجد شخص واحد ووحيد، هو ياسر عرفات، يفصل بيننا وبين جاهزيتنا التواقة إلى «التنازلات المؤلمة».
وأضاف «لكن من يسكن في بيت من زجاج من الأجدر به ألا يرمي الآخرين بحجارته، فمعظم أولئك الذين أشاروا بترفع إلى العسكرية الكامنة في شخص عرفات وفي أدائه القيادي، لم ينتبهوا إلى أنهم هم أنفسهم يرتدون الزي العسكري، وإذا لم يكن مادياً فهو ذهنياً، فمن أمان المخابرات العسكرية والمعارضة الرئيسية وحتى رئيس الحكومة نفسه ربما كانت البدلات العسكرية للقيادة الإسرائيلية مهندمة أكثر، أو تم استبدالها بأخرى مدنية، ولكن هذه القيادة لم تتجاوز القوة العسكرية في نضجها، ولم تتوقف للحظة عن التفكير بمصطلحات أمنية تجاه القضية الفلسطينية وتجاه مسألة وجودنا عامة».
وتابع روزنبلوم «صحيح أن عرفات ورفاقه يتحملون مسئولية تعاظم عسكرة (إسرائيل) في السنوات الأخيرة، وصحيح أن هذا رد فعل طبيعي مضاد ووقائي، في ظل انهيار مسيرة السلام والهجمات التي تهدد حياتنا، ولكن على رغم ذلك وحتى لا نضلل أنفسنا علينا أن نتساءل: إلى أي مدى ساهم أصحاب البدلات العسكرية (العقلية العسكرية) لدينا في تدهور الأوضاع والتصعيد، ومن بينهم رؤساء الحكومة ووزراء الأمن الذين كانوا ومازالوا عسكريين حتى النخاع بكل الجاهزية المدمرة واللذة في الانتقام والاقتصاص ونشوة المعركة والوحشية والرد المبالغ فيه».
وأضاف «من المضحك الآن أن نتذكر بشرى (الثورة المدنية) التي أعلنها في حينه إيهود باراك (ليوم أو يومين) الرجل العسكري المتغطرس الذي ينزع إلى لغة القوة ولم يعرف كيف يدير حتى نفسه على المستوى السياسي، إذا لم نشأ الحديث عن حكومته وحزبه. وعلى رغم ذلك فقد مزق القناع عن وجه عرفات وسمح لصديقه الجنرال ارييل شارون بالصعود إلى جبل الهيكل، وتوصل في نهاية الأمر إلى أربع سنوات حرب ودماء دمرت كل جداول الأعمال السياسية والمدنية في (إسرائيل). وكل ذلك يعتبر صغيراً إزاء إدارة وريثه شارون، فالآمال غير المتناغمة المعلقة اليوم على خطته لفك الارتباط أحادية الجانب والتي يجري تنفيذها تؤكد الفقر والنقص السياسيين فقط، واللذين بفضلهما تحولت (إسرائيل) بقيادة شارون إلى عملية انتقامية كبيرة».
ومع ذلك، فإزاء النهاية المسرحية الأوبراتية لعرفات أساساً وانتهاء الحصار العجيب بعد قطع رؤوس حماس، وبعد كل أعمال التنكيل والعمليات التي كانت وتلك التي ستأتي، من الطبيعي أن يستطيع لابسو البدلات العسكرية الاحتفال بالانتصار وبحسب طريقتهم، طريقة شارون، فقد نجحت العملية ولكن المريض مات، ولكن سرعان ما قد يتحول إلى انتصار باهظ الثمن عندما يتضح أنه يوجد حياة أيضاً بعد موت عرفات. وعندما يتضح أنه توجد تحت عباءته العسكرية صف من الشخصيات التي تتحدث بطلاقة وذات مواهب دبلوماسية مؤثرة ومن الممكن أن تجند تأييد العالم بسهولة بل وأن تطرح أجندة أخرى.
أما «إسرائيل»، فقد بقيت مع الضابط إيهود باراك كبديل للضابط شارون... فمقابل البدلة العسكرية اليتيمة المتواضعة لعرفات والأمل بأن الفلسطينيين سيبرزون قيادة وأجندة مدنية تنشد السلام، علينا أن نتمعن في هذه الأثناء في نوع «البدلة» الخاصة بنا، وأين «آباء مازن» الموجودون في جانبنا
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/423621.html