العدد: 1001 | الخميس 02 يونيو 2005م الموافق 24 ربيع الثاني 1426هـ
وأخفقت في إدراك نفسي!
من أنا؟ أو من أكون؟ أفكار وأسئلة تدور في هذا الرأس الصغير تجعلني في حيرة دائمة. .. أأنا جسد؟ أم روح؟ أم عقل؟ أم لسان ناطق؟ غريبة هي أنا... يسألني الناس من أنا... أجيب مرددة ببلاهة اسمي وكأنني ببغاء تردد اسما حفظته... ترى هل اسمي يعني من أنا؟
ربما توصلت إلى من أنا... أنا فتاة قروية بسيطة تدعى ليلى ولكنها مغرورة... نعم مغرورة، أنا إنسانة لطيفة وقاسية حنونة ومتسلطة رقيقة ومستبدة طيبة وظالمة... شيء غريب! كيف تجتمع كل هذه الصفات في إنسان... لم أتوصل بعد إلى نفسي، هذه ليست أنا. ربما حاول الناس معرفة من هم وربما لا، لأنهم ربما يكونون موجودين وربما لا... شعور صعب جدا عندما تكتشف جهل نفسك لنفسك... وشعور أصعب عندما تكون موجودا بجسد ولكنك لست موجودا. في هذه اللحظة يشل عقلك ويتجمد فكرك... نعم أصبح لديك جمود فكري... أصبحت في عالم الفتور.
إن الإنسان لو يجهل شيئا من حياته ولو كان بسيطا يكون قد جهل نفسه، فالإنسان طاقات متفجرة متى ما استغلت استغلالا صحيحا وفي الطريق الصحيح كان إنجازا عظيما للإنسان، فالبعض يستغل طاقاته في الطرق الخاطئة والبعض الآخر على العكس يستفيد منها.
هناك الكثير من الحالات التي يجهل فيها الإنسان نفسه، فعندما تتبنى فكرة ما وتثبت على مبدأ وتشن حروبا من أجله وأنت بالأساس غير مقتنع به... عندما تكون مؤيدا ومعارضا للفكرة نفسها ومتناقضا بشكل رهيب... عندما يطلق عليك اسم إنسان وأنت لا تحمل معنى هذا الاسم... من أنت إذا؟ عندما تتجرد من إحساسك ولا تستطيع الشعور بمن هو حولك... عندما تقسو على أقرب الناس إليك وتهينهم... جزاء تربيتهم وتعبهم من أجلك... عندما تسلب حق مسكين ضعيف من دون رحمة أو شفقة... وتنسى أن هناك من يراقبك وهو أعلى منك وأقوى وقادر على أن يضعك مثلما رفعك... أتريد أن تتساوى مع قطعان الماشية في التفكير... أم تريد أن تختال بنفسك وبكل ما لديك وهو بالأساس تعطف من رب كريم... عندما تكتشف أن جنونك هو شيء من التعقل... عندما تطالب من خنته بالثقة بك مجددا... عندما تطالب الناس باحترامك وأنت تحتقرهم... عندما تطالب الناس بسماعك وأنت لا تصغي إليهم... عندما تصل إلى مراتب مرموقة في المجتمع كما يسمونها وتنادى بألقاب تعبيرا عن الاحترام لك... ترى هل هذه الألقاب تعبر عما أنت عليه في الواقع؟ عندما تكتب مكتبات من الكتب وفي النهاية تكتشف أن كتبك هي جهلك... عندما تدور في دوامات الحيرة والتردد... عندما تعجز عن اتخاذ قرار يتوقف عليه مصيرك... عندما تكون عاجزا عن البكاء... عندما تضيع بين كل هذه الأمور وتجهل من أنت حتى لو لم تسأل نفسك عنها وتغرق في موجات الأفكار السوداء حينها يكون إحساسك قد تبلد أو مات وإما أن يكون عقلك قد شل.
أرى الإنسان بطبيعته يحب الخير لنفسه أولا، فأول ما يحب، يحب نفسه، وهذه الأنانية طبعا، وثاني ما يحب الأم والأب ومن ثم الأهل والأقارب، هذا الشيء جعل بعضا من الناس يغفل عن أشياء كثيرة، عند أي عمل تقوم به فتعمل لأجل مصلحتها وملذاتها ورغباتها أولا من دون أي اهتمام للآخرين، فيحل الظلام على بصيرتهم وترى عيونهم "الأنا فقط"، وبعض من الناس يحب أن يكون مثالا للمثالية على حساب نفسه، ربما يكون من منطلق إنساني ومن الوعي والتربية والعادات والتقاليد وربما يكون للرياء فقط، والبعض الآخر يكون متوسطا بين هذا وذاك، والبعض تجتمع فيهم كل هذه الصفات فيكون مجموعة إنسان.
في اعتقادي أن التفسير المنطقي لمن أنا باني إنسان، ولكن بعضا من الناس لا يستحق هذا اللقب ولا يعرف به، ومنهم الذين عميت قلوبهم والتي أصبحت لا ترى إلا نفسها والتي أذلت غيرها من أجل ذاتها ونفسها وملذاتها وأصبحت مجرد جسم من دون شعور.
آه لقد اكتشفت جهل نفسي بين هذه السطور... لم أكن أشعر بكلماتي... أخفقت في إدراك نفسي... عجز عقلي وروحي عن إبراز ما بداخلي فمن أنا؟
ليلى عبدالحميد
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/467259.html