العدد: 1198 | الجمعة 16 ديسمبر 2005م الموافق 15 ذي القعدة 1426هـ
أسس ومعايير الحوار
في قراءة سريعة لكتاب عبدالستار الهيتي «الحوار» استنتجت أموراً كثيرة أهمها ان النهوض الحضاري والثقافي لا يتحقق إلا بتفكير «نخبة» وإنجاز أمة، إلا أن الأمة في وقتنا الحالي تعاني من خيبة أمل وإحباط مستمر في من يطلق عليهم مصطلح «النخبة» الذين يرفعون الشعارات ويعجزون عن تقديم الرؤية المستقبلية الواضحة لحركة الأمة، ما يسبب الحيرة والارتباك وغبش الرؤية والتباس الأمور وكثرة الرايات وتحول الكثير من الأقلام التي يفترض بها الريادة للأمة إلى أجسام غريبة منفصلة عن جسم الأمة «قد» وأشدد على كلمة «قد» تصير إلى الانغلاق بسبب افتتانها بنفسها وفكرها وظنها انها من دون غيرها تمتلك حق اليقين.
لذلك سأحاول أن أثير أهمية الحوار والمواجهة مع بعض الأقلام التي تحاول الانتقاص والتقليل من شأن النخبة.
ولكن للحوار شروط وقواعد وأركان يستند اليها، وسأحاول أن أوضح بعضاً من هذه الشروط وسأتناول بعضاً من المعوقات:
شروط الحوار: التمكن من لغة «الآخر» في الحوار معه، الإحاطة بمعرفته، وذلك بالإدراك الكامل لخلفيته الفكرية وقيمه، إذ إن خلفيته الفكرية هي التي تشكل ذاكرته وتصوغ شاكلته الثقافية وتبين لنا مدى تمكن هذه الخلفية من سلوكه واستجاباته وتبصرنا بمشكلاته وكيفية التعامل معها، التنبه إلى تأثير الكلمة وسحرها ومفعولها وإدراك وظائفها الاجتماعية وأبعادها النفسية، توافر الحرية الفكرية، الاستعداد النفسي للاقتناع بالنتائج، عدم التعصب لفكرة مسبقة.
و للحوار ركنان أساسيان: وجود طرفين متحاورين، وجود قضية يجري الحوار بشأنها.
القواعد العامة للحوار: اعتماد العقل والمنطق، وهذا شيء نشكو من عدم وجوده في معظم الأعمدة الموجودة في ساحتنا، عدم التناقض، وهذا أيضاً نشكو من عدمه، فمعظم أصحاب الأعمدة متناقضون، تحديد الغاية وتوضيحها، إنصاف المحاور.
معوقات الحوار: الثرثرة، وتعني الرغبة في الكلام من أجل الكلام من دون هدف، اللف والدوران، وهو عبارة عن الكلام في أمور جانبية لا علاقة لها بموضوع الحوار، لغرض التهرب من مواجهة حقائق معينة أو الاعتراف بشيء لابد من الاعتراف به، و الغموض وهو نوعان هما: غموض حقيقي وهو ناتج عن عمق الأفكار وقوة الرأي من خلال عرض الجوانب غير البارزة والتي تحتاج إلى شيء من التفكير لإدراكها وتصورها، وهذا هو الفكر الفلسفي الذي يعني الغور في دهاليز الفكرة وزواياها المتعددة، وغموض مفتعل يلجأ إليه العاجزون عن تقديم المعلومة لتغطية عجزهم وقصورهم، غياب الأدلة والبراهين، وأعني بذلك اطلاق الكلام من دون حجة منطقية، وهذا الشيء نلاحظه في الكثير من الصفحات والمنابر الإعلامية والثقافية، ولا أعني هنا الصفحات الشعرية فقط وإنما معظم الصفحات، فالكلام عملية سهلة إذا نظرنا إليها كحركة ميكانيكية للسان.
أعزائي واخواني أصحاب الصفحات والأعمدة
بعد أن بينت أسس ومعايير الحوار إما أن تتناولوا في أعمدتكم مشكلات حقيقية وملموسة تخص الساحة والسبل الكفيلة بحلها أو فلتصمتوا فلقد شبعنا من كثرة الثرثرة.
محمد يوسف البوفلاسة
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/507287.html