العدد: 1202 | الثلثاء 20 ديسمبر 2005م الموافق 19 ذي القعدة 1426هـ

بن لادن ليس ستالين... والأصولية ليست الشيوعية

تتواصل السجالات الأميركية على خلفية الحرب على العراق والحرب على «الإرهاب» وسياسة إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط. وهناك مقالة تخطئ الرئيس بوش الذي يريد أن يضع نفسه في مصاف الرؤساء الأميركيين أمثال هاري ترومان ورونالد ريغان، حين يشبه الأصولية الإسلامية بالشيوعية فهذا يضع زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في مقام شخصيات تاريخية مثل لينين وستالين وماو تسي تونغ، الأمر الذي يضلل الرأي العام الأميركي ويثير مخاوف الأميركيين من أنهم يواجهون اليوم خطرا أصوليا يوازي خطر المعسكر الشيوعي السابق إبان الحرب الباردة.

مكامن اختلاف الشيوعية والأصولية تفوق الشبه

وانتقد المستشار الأميركي السابق للأمن القومي في إدارة الرئيس جيمي كارتر، زبيغنيو بريجنسكي، في صحيفة «واشنطن بوست»، الرئيس جورج بوش على خلفية تشبيهه الأصولية الإسلامية بالشيوعية. فأكد أن مكامن الاختلاف بين العقيدتين تفوق مواقع الشبه، مجريا مقارنة تحيليلية ما بين العقيدتين. واعتبر بداية أن تشبيه بوش التطرف الإسلامي بالعقيدة الشيوعية يضع زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في مقام شخصيات تاريخية مثل لينين وستالين وماو تسي تونغ، ما يعني بالتالي أن زعيم تنظيم «القاعدة» يتبنى عقيدة ذات قيمة عالمية قادرة على امتلاك عقول وقلوب مئات الملايين من الناس متخطية الحواجز الدينية والقومية.

جاذبية التيار الجهادي الإسلامي محدودة

فهذا إطراء غير مبرر لبن لادن، يعلق بيرجنسكي، ليشير إلى أن التيار الجهادي الإسلامي هو حركة محدودة ومشرذمة لا يمكن أن تلقى صدى في جميع أنحاء العالم مثل الحركة الشيوعية. مذكرا أنه خلال الخمسينات لم يكن في العالم دولة واحدة خالية من نشاط شيوعي فاعل بغض النظر عن هذه الدولة مسيحية كانت أو مسلمة أو يهودية أو بوذية أو علمانية. يضاف ذلك إلى أن العقيدة الشيوعية كانت مدعومة بقوة عسكرية هائلة، فالاتحاد السوفياتي السابق كان يملك ترسانة نووية ضخمة وكان قادرا في غضون دقائق على توجيه ضربة نووية ضد أميركا. في المقابل، لاحظ بريجنسكي، أن الإرهاب المعاصر، على رغم إجرامه وسيئاته، لا يحظى بالامتداد السياسي والقدرات العسكرية الكبيرة مثلما كانت عليه الحركة الشيوعية. كما أن جاذبيته محدودة إذ إنه لا يقدم إجابات عن أي من المعضلات التي تطرحها الحداثة والعولمة. وبعد أن خلص المستشار الأميركي السابق إلى أن لا مجال للمقارنة بين الشيوعية والأصولية الإسلامية، أوضح أن بوش أراد من خلال هذه المقاربة أن يرفع نفسه إلى مصاف القادة الأميركيين أبان الحرب الباردة أمثال الرؤساء هاري ترومان ورونالد ريغان.

الأميركيون يواجهون خطراً أصولياً يوازي الشيوعية

غير ان بريجنسكي، حذر من أن تشبيه الإرهاب الإسلامي بالحركة الشيوعية من شأنه أن يثير مخاوف الأميركيين من أنهم يواجهون اليوم خطرا أصوليا يوازي خطر المعسكر الشيوعي. من جهة أخرى انتقد بريجنسكي، تضمين الرئيس بوش خطاباته لغة معادية للإسلام من خلال تكراره عبارات مثل «العقيدة الإجرامية للراديكاليين الإسلاميين» و«الأصولية الإسلامية» و«الجهاد المعسكر» و«الفاشية الإسلامية» و«الخلافة الإسلامية» وما إلى ذلك من التعابير غير المقصودة التي قد يكون لها تداعيات سلبية في العالمين العربي والإسلامي. وأوضح أنه بدلا من أن تساهم خطابات بوش في تعبئة المسلمين المعتدلين للوقوف إلى جانب المشروع الأميركي لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، يدفع تكرار الرئيس الأميركي للإشارات إلى الإرهاب الإسلامي في خطاباته إلى إثارة غضب الإصلاحيين وتيار الاعتدال في المنطقة كما يساهم في تشكل موقف معاد للحملة الأميركية على الإرهاب باعتبارها حملة ضد الإسلام عموماً. لافتا إلى أن المسلمين حول العالم سيتهمون الولايات المتحدة بأنها منحازة ضد الإسلام إذ إنها لم تندد يوما بـ «إرهاب» «الجيش الأحمر الأيرلندي» أو إرهاب منظمة «إيتا» في أسبانيا بوصفه إرهابا كاثوليكيا خوفا من إثارة حفيظة الكاثوليكيين حول العالم.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/507709.html