العدد: 3264 | الأحد 14 أغسطس 2011م الموافق 14 رمضان 1432هـ

ثقافة حب إنجاب المولود الذكر

حب إنجاب الذكور مازال فكراً اجتماعياً قابعاً في عقول العديد من الرجال سواء في المجتمع البحريني أو غيره من المجتمعات العربية والعالمية فحب إنجاب الذكور ليس حصرياً على ثقافة دون أخرى فهو ثقافة قائمة بذاتها مازالت تجد لها حيزاً في عقول الناس, ليست تلك الثقافة مجرد حب لإنجاب الذكور بل هي مجموعة معلومات راسخة في عقول أفراد مجتمع ما وهي تؤدي إلى سلوك وهذا السلوك له نتيجة وهذه النتيجة لها تأثيرها على المجتمع من الناحية الاجتماعية والنفسية والفكرية وحتى على جينات الأفراد أيضاً. لا نعلم منذ متى بدأت تتكون هذه الثقافة؟, لا نعلم منذ متى بدأ الإنسان يفضل جنساً على آخر؟ لا نعلم بالتحديد منذ متى رغب الإنسان في أن ينجب له مولوداً ذكراً وكره أن ينجب له مولوداً أنثى؟ ولكننا نعلم أن هذا حدث منذ عصور قديمة قبل آلاف السنين من الوقت الراهن فقد وجدت مخطوطات فرعونية وأخرى تخص حضارات الصين يعود عمرها لأكثر من أربعة آلاف عام تصف طرقاً لمعرفة جنس الجنين قبل أن يولد (Sykes 2004, p. 292).

وقبل أن نتناول تاريخ هذه الثقافة ضمن الحضارات القديمة وكيف تأثرت بها المجتمعات القديمة سنتناول آثار هذه الثقافة في مجتمعنا العربي.


الآثار السلبية لثقافة حب إنجاب الذكور

تؤثر ثقافة حب إنجاب الذكور سلباً على المجتمع بصورة عامة وعلى المرأة بصورة خاصة, فهي تؤثر سلباً على المرأة من الناحية النفسية فتجبرها على كره ولادة الأنثى, وهي ثقافة تتولد عنها أحقاد في المجتمع بين النساء وكل ذلك وثق بصورة جيدة في الثقافة الشعبية. وتتعدى أضرار هذه الثقافة المستوى النفسي إلى ما هو أكبر من ذلك وهي الأضرار الجسدية والاجتماعية وتكون الضحية إما الطفلة البريئة التي لم تدرك الحياة بعد أو أم البنات, وللأسف الشديد هناك توثيق قليل جداً وبصورة رديئة لمثل هذه الأضرار في العالم العربي ليس لعدم وجودها بل ربما بسبب التكتم عليها فلذلك هذه الأمور لا تظهر علناً في تقارير بل غالباً في تحقيقات صحافية ومن خلال حالات فردية موثقة وبذلك تكون أقل صدقية في التوثيق إلا أننا نجد أنفسنا مضطرين أحيانا للجوء للتحقيقات الصحافية, بعكس بعض الدول مثل الصين والهند والتي وثقت انتهاكات لحقوق الطفولة والأمومة بسبب حب ولادة الذكور فوثقت لنا تقارير عديدة ما تتعرض له الإناث من إهمال والذي ربما يؤدي لتسارع في معدل موت الإناث في المجتمع أو إجهاض المرأة الحامل إذا علم أنها تحمل الأنثى, وسنحاول أن نوجز ذلك بصورة سريعة هنا.


قتل الجنين الأنثى

أبشع ما يمكن أن تتعرض له الإناث هو القتل وهي عادة عرفت في العصور القديمة وفي ثقافات مختلفة حتى عند العرب قبل الإسلام وهي عادة «وأد البنات», حالياً أصبحت تمارس عادة قتل الإناث بالاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة فكل ما على المرأة هو الكشف عن جنس الجنين فإن كان أنثى تم إجهاضه. هذا الأسلوب يمارس حتى في بعض الدول العربية وهناك حالات يرى البعض أنها مؤكدة حدثت في البحرين وتصدت لها وزارة الصحة في حينها وذلك بتعميم منع الكشف عن جنس الجنين للأمهات (نشر التعميم في الصحف وعلقت عليه إحدى الصحف المحلية بتاريخ 10/ 2/ 2008 إلا أن وزارة الصحة البحرينية لم تعلن رسمياً بوجود حوادث إجهاض بسبب جنس المولود. أما الدول التي تمارس فيها عمليات إجهاض النساء الحاملات بالإناث بصورة واسعة حتى أصبحت ظاهرة فهي الصين والهند، وتشير الإحصائيات إلى أنه في ما بين عامي 1979 و1984م تم إجهاض 250000 (مئتين وخمسين ألف) طفلة في الصين لسبب واحد فقط لكونهن إناثاً. وتشير الإحصائيات الديموغرافية في الهند والصين أنه بحساب معدل الولادة ونسبة الإناث للذكور أن هناك قرابة 40 مليون فتاة ناقصة في كل دولة من الدول السابقة وأن في بعض الضواحي يبلغ الذكور خمسة أضعاف الإناث, فأين ذهبت تلك الملايين من الإناث؟ للمزيد حول تاريخ الانتقاء الجنسي للجنين في الهند والصين راجع (Goin 1994).

طلاق الزوجة التي تنجب الإناث

ربما وجدت حالات فردية لحالات طلاق بسبب إنجاب الإناث في مملكة البحرين لكنها مازالت لا تمثل ظاهرة مثل باقي الدول العربية والتي تتصدرها جمهورية مصر وذلك بحسب الإحصائية التي نشرت مؤخراً وتناقلها عدد من الصحف العربية والمواقع الإلكترونية والتي جاء نصها: «كشفت إحصائية حديثة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، أن هناك عشرة آلاف زوجة مصرية تُطلّقن سنوياً بسبب إنجاب الإناث، وتصل نسبة الطلاق بسبب إنجاب الأنثى في الوجه القبلي المصري إلى 20 %، بينما في الوجه البحري 15 %». (جريدة الجريدة 4/ 8/ 2008م).

كذلك في المملكة العربية السعودية توجد العديد من حالات الطلاق بسبب إنجاب الإناث وقد نشر تحقيق مقتضب في جريدة الشرق الأوسط العام 2006م وقد صدر التحقيق بالجملة التالية:

«تعيش بعض السعوديات حالة من القلق والترقب عند كل حالة حمل، خوفاً من ورقة الطلاق أو زواج زوجها بأخرى، الهاجس الذي يلوح في الأفق عند قدوم مولودة أنثى إلى منزله».


بحث عن آلية «صنع المولود الذكر»

الرغبة في التحكم في جنس المولود تلك الرغبة التي تكونت بسبب ثقافة حب إنجاب الذكور جعلت الإنسان منذ القدم يفكر في كيفية تكون الجنين الذكر وتكون الجنين الأنثى وبالتحديد بحث الإنسان القديم عن آلية «صنع المولود الذكر». وقد بدأ الإنسان القديم يلاحظ ويحلل وبعدها يصوغ تلك التحليلات في أساطير تفسر له آلية «صنع الذكر» ثم يستخدم هذه الأساطير ليبتكر على أساسها طريقة لينجب بها ذكوراً فقط, وهكذا ومنذ فجر التاريخ وعلى مدى العصور ابتكرت الشعوب المختلفة طرقاً مختلفة لإنجاب الذكور فقط, وبمرور الأزمنة أخذت تلك الشعوب تطور من طرقها وتنوع فيها واستمرت على هذا المنهاج حتى يومنا هذا.

لقد أنتج العقل البشري طوال تلك الحقبة طرقاً غريبة ليصنع بها الذكور فقط دون الإناث من تلك الطرق ما يرتبط بنوعية الأكل وأخرى بطريقة المجامعة وتوقيتها ومنها ما يرتبط بدرجة شهوانية المرأة عند بلوغ الذروة. وقد خصص عدد من العلماء وقتا طويلا في دراسة وتحليل تلك الطرق من النواحي العلمية, وأسهبوا في التفاصيل وهناك كم كبير من هذه البحوث مازالت تنشر حتى يومنا هذا, فالتحكم في تحديد جنس المولود أصبح حمى أصيبت بها العديد من الشعوب والحضارات.


حديد جنس المولود عند الصينيين

كان البرنامج الصيني من أولى المحاولات الساعية للتدخل في جنس المولود, ولا يعلم بالتحديد زمن ابتكاره ولكن المعلوم أنه تم العثور عليه من قبل المنقبين في إحدى القبور الملكية في بكين والذي يعود تاريخه لقبل أكثر من 700 عام. وهو يعتمد في الأساس على عمر المرأة بحسب الكلندر الصيني القمري والشهر الذي يحدث فيه الحمل. حالياً الجدول متوافر على شبكة الانترنت وبصيغة معدلة ولا توجد حاجة لتحويل عمر المرأة إلى العمر القمري عند الصينيين.

بعض مواقع الإنترنت قامت بدراسة إحصائية في محاولة لمعرفة دقة هذا الجدول, وهي تعتمد مع معلومات مستقاة من القراء بحسب تجربتهم مع الجول الصيني, ولا نعلم بالتحديد مدى دقة الطريقة ولكن بعض النتائج أشارت إلى أن الجدول مصيب بنسبة لا تتجاوز 61 %, وهناك العديد من مَن يستخدمون هذا الجدول كأداة لتحديد جنس المولود


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/583471.html