العدد: -4 | الأحد 25 أغسطس 2002م الموافق 16 جمادى الآخرة 1423هـ
اليوم تفتتح قمة جوهانسبرغ
تحديات كبرى في مواجهة «التنمية المستدامة»
قبل عقد من الزمان، وتحديدا في مؤتمر قمة الأرض الذي عقد في ريودي جانيرو في العام 1992، تم الاتفاق على خطة العمل العالمية من أجل التنمية المستدامة المعنية بالبيئة والتنمية، وحيث أن افضل الرؤى والاستراتيجيات لا تصبح ذات قيمة في غياب التنفيذ، لذا، يعد مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة (قمة جوهانسبرغ 2002) المناسبة التي خطط لها على نطاق واسع لإقرار خطوات فعلية تكفل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
لذا سيستهدف المؤتمر ترجمة الخطط إلى أعمال، وسيتوقف أمام النتائج التي تم إنجازها منذ مؤتمر قمة الأرض، والعقبات التي تعرقل المزيد من التقدم، وسيوفر فرصة للاستفادة من المعارف المكتسبة خلال العقد الماضي، وسيستهدف إعطاء زخم في مجال الالتزام بتوفير الموارد واتخاذ إجراءات محددة من أجل تحقيق الاستدامة على نطاق عالمي.
سيعقد المؤتمر في جوهانسبرغ، بجنوب أفريقيا، في الفترة من 26 أغسطس/آب إلى 4 سبتمبر/أيلول 2002 في مركز سانتون للمؤتمرات. كما سيعقد منتدى للمنظمات غير الحكومية في مركز غالاغر.
إن مفهوم «التنمية المستدامة» الذي اختير شعارا للقمة يشير إلى أنه مفهوم لم يعد ضيقا، حيث تعنى التنمية المستدامة بتحسين ظروف المعيشة دون زيادة استخدام الموارد بما يتجاوز القدرات المتاحة، الأمر الذي يمكن من حفظ الموارد الطبيعية والبيئة، وإيجاد حلول قابلة للاستمرار اقتصاديا، وسيقتضي تحقيق التنمية المستدامة قدرا أكبر من المسئولية عن النظم الإيكولوجية، وإيقاف التلوث، وحفظ الموارد الطبيعية لصالح الأجيال القادمة.
عرف تقرير برونتلاند (تقرير اللجنة العالمية للبيئة والتنمية) «التنمية المستدامة» بأنها التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون النيل من قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها (مستقبلنا المشترك، تقرير برونتلاند، 1987). بيد أن المؤتمر سيتوقف مطولا أمام تحديات التنمية المستدامة، والتي من بينها كيفية تحسين معيشة الناس والمحافظة على الموارد الطبيعية في عالم يشهد نموا سكانيا كبيرا، يصاحبه تزايد كبير في الطلب على الغذاء والماء والمأوى والطاقة والخدمات الصحية والأمن الاقتصادي. وستشهد قاعات المؤتمر خوضا في أنماط استهلاك وإنتاج المجتمعات، وستثير بقوة قضية الالتزام بالنمو الاقتصادي المسئول والسليم بيئيا، وتوسيع نطاق التعاون من أجل تبادل الخبرات والتكنولوجيا والموارد.
هناك مفاصل ستشكل تحديات كبرى في المؤتمر، أهمها تخفيف حدة الفقر، خصوصا في المجتمعات الريفية التي يعيش فيها معظم فقراء العالم، إضافة إلى تحسين قدرة البلدان النامية على التصدي لتحديات العولمة، بما في ذلك زيادة بناء القدرات ونقل الأموال والتكنولوجيا الملائمة بيئيا، والتشجيع على اتباع أنماط استهلاك وإنتاج مسئولة، للحد من الفاقد ومن الإفراط في الاعتماد على الموارد الطبيعية، وضمان وصول مصادر الطاقة اللازمة لجميع الناس بالكيفية التي تضمن تحسين حياتهم، والحد من المشاكل الصحية المتصلة بالبيئة التي تتسبب في كثير من الأمراض، وتحسين إمكانيات الحصول على الماء النقي ومواجهة حقيقة اضطرار ملايين الناس إلى الاعتماد على مصادر غير مأمونة وغير صحية.
ومن بين الحقائق التي بدأ تسخينها قبل المؤتمر حقيقة أن الأرض يسكنها ما يزيد على ستة بلايين شخص، مما يمثل زيادة بنسبة 140 خلال الخمسين سنة الماضية. وتشير دراسات الأمم المتحدة إلى انه بحلول العام 2050، يتوقع أن يبلغ عدد سكان العالم تسعة بلايين نسمة، وإن خُمس سكان العالم مضطرون إلى العيش على أقل من دولار واحد في اليوم. وحقيقة أن حوالي 1,1 بليون شخص لا تتوفر لهم مياه شرب مأمونة، حيث أن واحداً من كل خمسة من البشر لا يستطيع الحصول على مياه شرب مأمونة، وهي أبسط احتياجات الإنسان، الأمر الذي يعزى إليه 10 من جميع الأمراض في البلدان النامية. وفي الوقت نفسه، يزداد الضغط على موارد المياه ازديادا مطردا بفعل زيادة الطلب على استخداماتها. وحل هذه المشكلة يستلزم زيادة الاستثمارات المالية ويتطلب حلولا تكنولوجية ابتكارية من القطاعين العام والخاص. يضاف إلى ذلك، حقيقة أن معدل وفيات الرضع في البلدان النامية يبلغ عشرة أمثال نظيره في البلدان المتقدمة.
أما المعنيون بشئون البيئة والتنوع البيولوجي فأمامهم قضايا أخرى ساخنة لا حصر لها، من بينها حقيقة تعرض الكائنات الحية للانقراض، حيث يشيرون مثلا إلى انه في العام 1996، كان 25 من أنواع الثدييات البالغ عددها 4630، و11 من أنواع الطيور البالغ عددها 9675 معرض بقدر كبير لخطر الانقراض.
الأهم من ذلك ترجمة تلك الرؤى إلى أهداف، فإحصاءات الأمم المتحدة تقول مثلا إن أكثر من نصف فقراء العالم يعتمدون في كسب رزقهم على الزراعة، والتخفيف من حدة هذا الفقر المدقع يستلزم كحد أدنى مساعدتهم على مضاعفة إنتاجهم الزراعي بحلول العام 2015 إلى مثليه في العام 2000. السؤال المثار هنا هو: من سيمول تلك المشروعات في ظل مفاهيم العولمة؟!
ستُدمج آراء الفئات الرئيسية في مداولات المؤتمر عن طريق عملية الحوار بين الأطراف المتعددة صاحبة المصلحة، كما سيستمع إلى أصوات الفئات الرئيسية الأخرى خلال مؤتمر القمة. بينما سيشكل جدول الأعمال الحكومي الدولي صُلب ونواة قمة جوهانسبرغ، وسيجتمع الزعماء السياسيون وغيرهم من أنحاء العالم لمناقشة قضايا التنمية المستدامة والاتفاق على مزيد من الإجراءات من أجل تنفيذ جدول أعمال القرن الـ 21 وغيره من الاتفاقات ذات الصلة، كتفعيل ما سبق واتفق عليه حوالي 150 من زعماء العالم من أهداف محددة في مؤتمر قمة الأمم المتحدة للألفية في العام 2000، والتي من بينها تخفيض نسبة سكان العالم الذين يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد، ونسبة من لا تتوفر لهم مياه شرب مأمونة، إلى النصف.
تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر سبقته أعمال تحضيرية على المستوى الإقليمي شملت مجمل العالم، ولأجل ذلك شكلت في أواخر العام 2001 لجان تحضيرية حكومية وغير حكومية، وقد قامت تلك اللجان بتقييم جميع التحديات والفرص والعوائق الرئيسية المتصلة بالتنمية المستدامة التي واجهتها كل منطقة من تلك المناطق خلال السنوات العشر الماضية، كما درست الفرص المقبلة والمبادرات الجديدة والالتزامات الضرورية لإحراز تقدم في السنوات القادمة. وقد رُفعت مجمل تلك التقارير الصادرة عن اللجان التحضيرية الإقليمية إلى اجتماعات اللجنة التحضيرية العالمية التي عقدت في النصف الأول من العام 2002. أعقب ذلك، عقد سلسلة من اجتماعات المائدة المستديرة للخبراء المرموقين في مجال التنمية المستدامة في منتصف العام 2001. وبغية إعداد جدول أعمال المؤتمر عقدت اللجنة التحضيرية العالمية أربعة اجتماعات خلال الفترة 2001-2002، أما الاجتماع النهائي للجنة التحضيرية فعقد على المستوى الوزاري، في إندونيسيا في الفترة من 27 مايو / أيار إلى 7 يونيو / حزيران 2002
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/603622.html