العدد: 1445 | الأحد 20 أغسطس 2006م الموافق 25 رجب 1427هـ
إغراق السوق المحلية بمنتجات الألبان يهدد المصانع البحرينية
مطالب بفتح الأسواق الخليجية أمام السلع المحلية
تعيش مصانع الألبان البحرينية أتعس أيامها على الإطلاق وذلك منذ خمسة الأعوام الأخيرة بسبب المنافسة الشرسة من مصانع الألبان السعودية - الأكبر حجماً والأكثر إنتاجاً - في السوق المحلية في الوقت التي فتحت فيه المملكة الباب على مصراعيه لهذه المنتجات والدخول إلى السوق من منطلق تبنيها لاقتصاد الحر والالتزام بالمواثيق الدولية المتعلقة بتحرير الاقتصاد.
وحتى بداية التسعينات لم تكن مسألة منافسة المنتجات الألبان من الدول المجاورة مطروحة أصلاً، بحسب ما يقوله أحد مديري مصانع الألبان، إذ لم تفلح الكثير من الشركات التي دخلت في نيل حصة كبيرة من سوق البحرين ذات الاستهلاك المحدود، بل وكانت الصناعة خصوصاً في مجال العصائر تنافس بشراسة في الأسواق المجاورة.
وعلى رغم أن المصانع البحرينية حاولت التوصل إلى اتفاق تجاري بينها وبين المصانع السعودية لترتيب وضع السوق وتنظيم المنافسة إلا أن المفاوضات في هذا الجانب وصلت إلى طريق مسدود، فيما أخفقت الاجتماعات المشتركة بين مصانع الألبان والجهات المختصة في الحكومة في صوغ أية حلول تنتشل القطاع من وضعها المتعثر.
ويعمل في البحرين نحو ثلاثة مصانع وطنية رئيسية لإنتاج الألبان هي: شركة الألبان الدنمركية البحرينية والتي كانت على شفير الإغلاق منذ نحو ثلاث سنوات قبل أن تلقى دعماً مباشراً من الحكومة، شركة الأحمدي للألبان، وشركة ألبان الجزيرة إلى جانب عدد من المصانع الأخرى الصغيرة.
وطالبت شركات ألبان بحرينية الحكومة والمؤسسات العامة والخاصة بتقديم الدعم لمنتجات الألبان المحلية التي تواجه منافسة غير متكافئة الأطراف، بحسب وصفهم، إذ تتعرض السوق لإغراق واضح من منتجات الدول المجاورة التي تحظى بدعم كبير من حكومات الدول التي تعمل بها.
وقال العاملون في شركات الألبان: «إن هذه الصناعة مهددة بالزوال إذ لم تمنح الدعم المناسب ليمكنها من المنافسة مع المنتج الخارجي خصوصاً أن المنتج المحلي لا يحظى بتسهيلات تذكر مقارنة مع شركات الألبان في الدول الخليجية المجاورة مثل التسهيلات والتخفيضات على الكهرباء والماء ومنح الشركات الوطنية الأفضلية في إرساء العقود والمناقصات الحكومية سواء في المدارس أو الجهات الأمنية والصحية».
وأشاروا إلى أن دولاً خليجية استطاعت حل مشكلة الإغراق والمنافسة غير المتكافئة عبر حلول سريعة ومهمة مثل دولة الإمارات التي قررت توحيد أسعار المنتجات في الدولة عند حد أدنى مما ساهم في أن نهوض الصناعة وإنهاء مشكلاتها.
ورحب العاملون بأن يقوم مشروع وطني لإنشاء مزرعة مواشٍ لتوفير الكميات المطلوبة من الحليب الطبيعي لتغذية هذه المصانع التي تعتمد في معظم احتياجاتها على المواد الخام الخارجية سواء من الحليب الطبيعي أو المجفف.
وتحدثت المصانع عن اعتمادها الكبير على الموارد المالية الأخرى كي تبقى على الاستمرار من خلال إيرادات المنتجات الأخرى مثل المشروبات الغازية والمنتجات طويلة الأجل التي تبقى صلاحيتها لفترة طويلة مثل الآيسكريم والعصائر.
وعن المساعدات الحكومية التي أعطيت لبعض المصانع في السابق، اعتبرت مصانع الألبان هذه الحلول «ترقيعاً» وأنها حلول مؤقتة تعالج جانباً محدوداً في وقت معين مطالبين بوضع حلول جذرية لإنهاء معاناة القطاع وضمان مستقبله.
واشتكت مصانع الألبان البحرينية من عدم المعاملة بالمثل في النقاط الحدودية مثل الجانب السعودي من جسر الملك فهد، فبينما تدخل الشاحنات السعودية إلى البحرين لنقل منتجات الألبان والعصائر يومياً وبكل سلاسة تقبع الشاحنات لفترات طويلة تصبح معها عملية التصدير والدخول لسوق كبير عقيمة.
صناعة الألبان من أمن الوطن الغذائي
وقال مدير شئون الموظفين والعلاقات العامة بشركة الألبان البحرينية الدنمركية محمد جعفر الموالي أن دعم مصانع الألبان الوطنية التي تصب في النهاية في أمن الوطن الغذائي، إذ يصنع هذا القطاع الكثير من المنتجات والسلع الاستهلاكية اليومية الرئيسية التي تدخل في غذاء الإنسان اليومي ولا يمكن غض الطرف عن هذه الصناعة وما تمثله من حيوية للبلد خصوصاً أن الصناعات الوطنية الغذائية أثبتت جدارتها في الأسواق الخارجية ونالت أعلى الأوسمة في الجودة.
ويذكر الموالي أن أزمة مصانع الألبان بدأت بعد العام 2000 تقريباً، إذ تعرض مصنع شركة الألبان البحرينية الدنمركية للإغلاق وتسريح أكثر العاملين لديها والذين يشكل البحرينيون منهم نسبة كبيرة، لكن تدخل الحكومة لدعم المصنع أنقذه من الإغلاق.
ولم يستبعد الموالي أن تتكرر هذه التجربة في المستقبل، قائلاً: إن حلول «الترقيع» والإجراءات السريعة لا تعالج المشكلات الجذرية لمصانع الألبان، فقد تساعدها على النهوض لفترة لكن خطر الإغلاق سيظل قائماً في ظل توافر عناصر الخطر الرئيسية والمتمثلة في المنافسة غير الكفؤة بين المنتج البحريني والمنتج المستورد مع ما تحظى به المنتجات السعودية من دعم كبير من قبل الحكومة السعودية بالإضافة إلى ضخامة هذه الشركات وحجم السوق الأساسي الذي تعمل فيه.
ويشير الموالي إلى أن المصنع يعتمد على جانب مهم من إيراداته على التصدير للدول المجاورة خصوصاً منتجات شركة الألبان الدنمركية من العصائر طويلة الأمد مما يقلل من تأثيرات المنافسة على الألبان ولو بشكل محدود، كما يتبع للشركة مصنع آخر في الكويت ويلقى استحساناً في السوق هناك.
لكن الموالي يحذر بأن مصانع الألبان الوطنية لن تستمر في العمل بالصورة الحالية من المنافسة غير المتكافئة والتي أدت إلى إغراق السوق وتحجيم قدرة المصانع على التصدير للخارج مشيراً إلى أن إعاقة الشاحنات التي تنقل منتجات الألبان على جسر الملك فهد يصعب من تصدير المنتجات البحرينية للخارج. وقال: «إذا استمر الوضع المتأزم لشركات الألبان فلن تكون بمنأى عن الإغلاق في أي وقت».
من جهة أخرى يقول الموالي: «إن مصانع الألبان الوطنية تساهم في تشغيل الشباب البحريني، إذا التزم المصنع الذي يعمل به كما يقول بضخ وتدريب العمالة الوطنية مكان الأجنبية والدخول في البرامج الوظيفية والتأهيلية التي تعدها وزارة العمل كما ابتعثت موظفيها للخارج للتحصيل العلمي من الجامعات الغربية».
كما يقترح مجموعة من الحلول منها تقديم دعم وتسعيرة مخفضة للطاقة الكهربائية التي تستهلكها شركات الألبان من الشبكة الحكومية وإعطاء المزيد من التسهيلات للشركات الوطنية.
إغراق كبير
ويؤكد مدير عام شركة الأحمدي للألبان عبدالعزيز فتح الله أن السوق البحرينية تعاني الآن من إغراق كبير لسوقها من منتجات الألبان والعصائر الخارجية والتي تمثل خطراً كبيراً على المصانع البحرينية ويهدد بقائها.
وأضاف يقول: «لقد شارفت إحدى الشركات على الإفلاس وتقدمت لها الحكومة بدعم لانتشالها من وضعها المتردي لكن هل تمت دراسة سبب هذا التدهور ومعرفة أسبابه وعلاجه من قبل الوزارات المعنية لضمان عدم تكرار ذلك ليس لشركة واحدة فقط ولكن لجميع الشركات ، لا اعتقد أن ذلك قد حصل».
وطالب الأحمدي الحكومة بدراسة أوضاع مصانع الألبان البحرينية والعوائق التي تواجهها، ومنها التعقيدات الإدارية في عدد من الوزارات ومنها وزارة العمل التي تتأخر كما يقول في إعطاء رخص العمل المطلوبة الأمر الذي يعطل عمل هذه الشركات.
وأضاف يقول: «إذا ما طلبنا مدير إنتاج للمصنع فإن وزارة العمل تطلب بأن يكون بحريني الجنسية، ولكن لا يوجد الآن بحرينيون مستعدون مهنياً لتولي هذه المهمة الحساسة، لكن وزارة العمل تشترط توظيف عدد آخر من البحرينيين إذا ما أردنا توظيف مثل هذا المدير».
وذكر «أن نسبة البحرين تبلغ الآن 26 في المئة وما تطلبه القوانين هو 30 في المئة، ونحن في الشركة جادون في رفع هذه النسبة لكن طلبات التوظيف التي ترسل إلى وزارة العمل لا نتلقى عليها أي رد وليس هناك بحرينيون راغبون في العمل لدينا»، وأثناء حديثه أخرج فتح الله طلبات تقدمت بها الشركة إلى وزارة العمل لطلب أكثر من 30 عاملاً منذ سبعة أشهر لم يتم الرد عليها.
وعن حجم مصنع الألبان في الشركة التي تعتمد في جزء كبير من إيراداتها على تعليب وتوزيع المياه الغازية يقول: «إن معظم العاملين البحرينيين هم في قسم الألبان في الشركة الذي لا يشكل سوى 30 في المئة من دخل الشركة».
ويستطرد قائلا: «الجميع يفضل العمل في مصانع الألبان ولا يحبذ العمل في مصانع البيبسي على رغم أن الأخير يوفر دخلاً أكبر للعاملين، والمشكلة أن معظم الإيرادات تأتي من توزيع المشروبات الغازية وليس من الألبان».
ويقول فتح الله: «في السعودية هناك دعم كبير لمصانع الألبان، فإذا ما ذهبت إحدى الشركات لتقديم منتجاتها للمدارس أو أي جهة حكومية أخرى تواجهه بالرفض في كثير من الأحيان إذ أن هناك على ما يبدو توجيهات لها بأن تفضل المنتج السعودي الوطني على غيرها من المنتجات في خطوة تستهدف دعم المنتجات المحلية».
وتابع «اعتقد إننا بحاجة إلى مثل هذا التفضيل ولو بنسبة أقل في المملكة فيما يتعلق بالمقاصف المدرسية ووزارة الصحة والجهات الأمنية التي تتطلب كمية كبيرة من المواد الغذائية والألبان، وهذا لا يعني أنه لا يوجد هناك تعاون ما بين مصانع الألبان وهذه الجهات بل بالعكس هناك جهات تتعامل بإيجابية شديدة مع مصانع الألبان، لكن نرغب في المزيد من ذلك».
ويقترح فتح الله كذلك بأن يتم تخفيض رسوم الجمارك على منتجات تحتاج إليها مصانع الألبان مثل فطع الغيار أو غيرها من المنتجات».
المنتج البحريني ذو جودة عالية
ويفند أحد المديرين في شركة ألبان محلية مقولة إن المنتجات البحرينية غير طبيعية أو أنها مستخلصة بقوله: إن المنتجات البحرينية على مستوى عالٍ من الجودة على الرغم من استخدام بعضها لمنتجات الألبان المجففة، ويعلل ذلك بأن منتجات الألبان المجففة تعتبر مكوناتها طبيعية مثل الحليب الاعتيادي وبمثل القيمة الغذائية، لكنه يذهب لأبعد من ذلك بالقول: «الكثير من الأطباء ينصحون بتناول الحليب المجفف»
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/638900.html